كانت ولا زالت القدس تشكل بؤرة المواجهة الفردية والتنظيمية والاشتباك الدائم مع العدو الصهيوني، وهي القبلة التي تتحرك نحوها بوصلة العمل الفدائي المنطلقة من الضفة المحتلة، ومن قطاع غزة المحاصر، والوجهة الاستراتيجية لنضال شعبنا وتضحياته، وعلى أبوابها رسم القائد ابو خالد الضيف خارطة الملحمة المرتقبة في سياق تصريحه المقتضب الذي ينذر برد قاس على جرائم العدو في حي الشيخ جراح وكافة أحياء القدس.
من هنا يمكن الوقوف على أهم ثمار ما وعد به قائد هيئة أركان كتائب القسام:
أولاً: تعزيز صمود المقدسيين، ومؤازرة هبّتهم المشتعلة على أبواب المسجد الأقصى، ومواجهتهم لقطعان المستوطنين المغتصبين في حي الشيخ جراح.
ثانيًا: حددت المقاومة في غزة خارطة جديدة لمقاومة الاحتلال، هذه المرة خارج حدود القطاع، والقفز نحو أراضينا المحتلة، في القدس ومناطق الضفة الغربية، وهو ما يؤكد أن استراتيجية المقاومة لا تقتصر على حدود القطاع، بل تمتد إلى كل بقعة من أرض فلسطين تقع تحت وطأة وسطوة الاحتلال.
ثالثًا: حدد الضيف أهم ما يمكن الحديث عنه في هذه المرحلة، وهي القدس، بعد أن تنازلت عنها مركزية فتح وتخلت عن جراحها الغائرة واغتصاب العدو لقدسيتها، وهو ما يدفع الجماهير الفلسطينية في الداخل والخارج لمؤازرة تحركات المقاومة العسكرية المرتقبة نحو المدينة المقدسة.
رابعًا: البدء الفوري في احتدام المواجهة بين المقاومة والاحتلال، فهل يخفت نبض العدو أمام تهديد الضيف، أم سيبقى على الوتيرة ذاتها في حي الشيخ جراح وأحياء البلدة القديمة؟
باعتقادي، إن المؤسستين العسكرية والأمنية في طور الانعقاد الدائم للتشاور حول تداعيات ما يقوم به الاحتلال في القدس، وما يمكن أن ينتج عنه من عمليات انتقامية يقودها قائد أركان المقاومة، قد تقلب المنطقة وتحولها إلى ساحات مواجهة مفتوحة، ومنها إلى انتفاضة ثالثة تمتد إلى كافة أركان الوطن.
خامسًا: وضع قادة الاحتلال الآن في اختبار قاسٍ لا يُحسدوا عليه، وعليهم إما الإذعان لما قررته المقاومة، أو مواصلة ارتكاب الجرائم في القدس، وهنا تضع الحكومة الاسرائيلية عنقها أمام مقصلة المقاومة وأمام مقصلة الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وتبقى خيارتها هي الأصعب والتي قد تُغرق المدن المحتلة بصواريخ المقاومة وعمليات الاستنزاف، أو الإذعان والاستسلام.