قائمة الموقع

كيف يدرس العلماء التكوين الداخلي للكويكبات؟

2021-05-06T10:39:00+03:00
كوكب.jpg
الرسالة نت- وكالات

رغم أن الكويكبات قد تشكل خطرا للحياة على الأرض، فإنها أيضا مصدر قيم للموارد لصنع الوقود أو الماء وللمساعدة في استكشاف الفضاء السحيق، وكونها بعيدةً عن العمليات الجيولوجية وعوامل التعرية، فإنها تمدنا برؤية على تطور النظام الشمسي، ولكن لمعرفة المزيد، يتوجب على العلماء معرفة تكوينها الداخلي.

أسباب الدراسة الداخلية

استطاعت 4 مركبات فضائية الهبوط على كويكبات من قبل، كان آخرها في أكتوبر/تشرين الأول 2020، ولكن لم تتم دراسة ما بداخل هذه الكويكبات، مع أن دراسة التركيب الداخلي لهذه الصخور الكونية أمر بالغ الأهمية للإجابة عن أسئلة هامة حول نشأة كوكبنا، على سبيل المثال.

وقال الدكتور فابيو فيراري، الذي يدرس ديناميات الكويكبات في جامعة برن بسويسرا (University of Bern) "الكويكبات هي الأجرام السماوية الوحيدة في نظامنا الشمسي التي لم تتغير تقريبا منذ بداية تكوُّن النظام الشمسي، فإذا عرفنا ما بداخل الكويكبات، يمكننا أن نفهم الكثير عن كيفية تكون الكواكب، وكل شيء في نظامنا الشمسي، وما قد يحدث في المستقبل".

هناك أيضا أسباب أكثر عملية تدعو العلماء لمعرفة ما بداخل الكويكب، مثل التنقيب عن مواد يمكنها أن تساعد الاستكشاف البشري للأجرام السماوية الأخرى، وكذلك للدفاع ضد الصخور الحائمة في مجال الأرض من خطورة الارتطام بها.

مهمة ناسا القادمة "اختبار تشتيت الكويكبات" (DART) Double Asteroid Redirection Test وهي مهمة لاختبار ما إذا كان اصطدام مركبة فضائية بكويكب يمكن أن يبعده عن مسار تصادم مع الأرض، والمتوقع إطلاقها في وقت لاحق من هذا العام.

ويتوقع أن تصطدم المهمة بالكويكب القمر دايمورفوس الذي يبلغ قطره 160 مترا في عام 2022، بهدف تغيير مساره، وستوضح التجربة لأول مرة ما إذا كان بإمكان البشر تغيير مسار كويكب قد يعد خطراً محتملا.

لكن العلماء ليس لديهم سوى تكهنات حول ما سيحدث نتيجة لهذا التصادم، لأنهم لا يعرفون سوى القليل جدًا عن الكويكب القمر دايمورفوس والكويكب الأم الذي يدور حوله ديديموس.

أنواع الكويكبات

هناك أنواع عديدة من الكويكبات، بعضها عبارة عن كتل صلبة من الصخور القاسية، والبعض الآخر عبارة عن تكتلات من الحصى والصخور والرمال، وهي نتاج العديد من التصادمات المدارية، التي تتماسك فقط بقوة الجاذبية، كما توجد كويكبات معدنية نادرة ثقيلة وكثيفة.

وقالت الدكتورة هانا سسرني، الزميلة البحثية في علوم الكواكب في جامعة بريستول (University of Bristol) بالمملكة المتحدة "من أجل تحويل مسار الكويكبات الصلدة والأكثر كثافة، سنحتاج إلى مركبة فضائية أكبر، وسرعة تصادم أكبر".

وأضافت "أما بالنسبة للكويكبات التي هي مجرد تكتل للمواد ويطلق عليها كومة أنقاض، فيمكن أن تنفجر إلى آلاف القطع. هذه القطع يمكن أن تصبح خطرة في حد ذاتها".

وتبحث الدكتورة سسرني خصائص أسطح الكويكبات، والتي يمكن أن تكشف عن هياكلها الداخلية كجزء من مشروع يسمى إيروس (EROS)، وهو مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي لتطوير طريقة سريعة ومنخفضة التكلفة لمعرفة البنية الداخلية للكويكبات.

كما قد تكون هذه المعلومات مفيدة لشركات التعدين الفضائي، وهي صناعة حديثة تستعد بعض الشركات للبدء فيها، والتي سترغب في معرفة أكبر قدر ممكن عن كويكب، قبل الاستثمار في مهمة تنقيب مكلفة، بالإضافة إلى معرفة المخاطر المحتملة.

وقالت "هناك الآلاف من الكويكبات القريبة من الأرض، تلك التي يمكن أن تتقاطع مساراتها يوما ما مع مسار الأرض"، وأضافت "قمنا بزيارة حفنة منها فقط، ولا نعرف شيئًا عن الغالبية العظمى".

تضاريس الكويكبات

تحاول الدكتورة سسرني إنشاء نماذج طبوغرافية مفصلة لتضاريس اثنين من أكثر الكويكبات التي تمت دراستها بشكل جيد، إيتوكاوا الذي استكشفته مهمة هايابسا 1 اليابانية عام 2005، وإيروس الذي تم استكشافه بالتفصيل بواسطة مسبار الفضاء نير شوميكر NEAR Shoemaker في أواخر التسعينيات.

وتقول الدكتورة سسرني "يمكن أن تخبرنا طبوغرافيا السطح بالكثير، فإذا كان لدينا كويكب "كومة أنقاض"، مثل إيتوكاوا، فلا نتوقع أن نرى منحدرات شديدة على سطحه، في حين تميل الكويكبات الصلدة، مثل إيروس، إلى امتلاك سمات طبوغرافية أكثر وضوحا، وفوهات أعمق بكثير وأكثر انحدارا".

قامت سسرني بأخذ النماذج عالية الدقة المستمدة من بيانات المركبات الفضائية واستخراج دلالات يمكن استخدامها بعد ذلك مع نماذج أقل دقة، والمأخوذة من عمليات رصد الرادارات الأرضية.

يحتوي حزام الكويكبات في النظام الشمسي على كويكبات تتكون من صخور طينية وسيليكات، وأخرى تتكون من الحديد، وثالثة تتكون من السيليكات وحديد النيكل (الجزيرة)

اختبار تشتيت الكويكبات

يعمل الدكتور فيراري مع الفريق الذي يعد لمهمة "اختبار تشتيت الكويكبات"، وكجزء من مشروع يسمى غرينز GRAINS يهدف لدراسة تكوين الكويكبات عن طريق الرصد عن بعد، حيث طور الدكتور فيراري آلة تمكن من نمذجة التكوين الداخلي للكوكب دايمورفوس (هدف التصادم) بالإضافة إلى كويكبات "كومة أنقاض" أخرى.

وقال الدكتور فيراري "نتوقع أن دايمورفوس عبارة عن كويكب "كومة أنقاض" لأننا نعتقد أنه تشكل من مادة طردها الكويكب ديديموس، عندما كان يدور بسرعة كبيرة؛ هذه المادة المقذوفة التحمت وشكلت القمر، لكن ليس لدينا مشاهدات فعلية عما بداخله".

وقد استعار الدكتور فيراري تقنية لحل طلاسم الكويكب، تسمى ديناميكيات المادة الحبيبية.

ويضيف الدكتور فيراري: "يمكن استخدام هذه التقنية على الأرض لدراسة مشاكل مثل دعم أساسات المنشآت بالرمال Sand Compaction Piles أو العمليات الصناعية المختلفة التي تنطوي على جزيئات صغيرة. إنها آلة رقمية تسمح لنا بنمذجة التفاعل بين المكونات المختلفة من الصخور والحصى داخل الكويكب".

ويقوم الباحثون بنمذجة أشكال وأحجام مختلفة، وتركيبات مختلفة للصخور والحصى، وتفاعلات الجاذبية والاحتكاك بينهما، حيث يمكنهم إجراء آلاف من هذه المحاكاة ثم مقارنتها مع البيانات السطحية حول الكويكبات المعروفة لفهم سلوك كويكبات "كومة أنقاض" وتركيبها.

استطاعت 4 مركبات فضائية الهبوط على كويكبات من قبل، كان آخرها في أكتوبر/تشرين الأول 2020 (ناسا)

كويكب "كومة أنقاض"

يقول الدكتور فيراري "يمكننا أن ننظر إلى الشكل الخارجي، ودراسة خصائص مختلفة على السطح، ومقارنتها بالمحاكاة التي لدينا. على سبيل المثال، تحتوي بعض الكويكبات على انتفاخ استوائي واضح"، مشيرا إلى التشوه حول خط الاستواء الذي يمكن أن يظهر نتيجة دوران الكويكب.

ويضيف الدكتور فيراري أنه للمرة الأولى، يمكن لآلة العمل مع أجسام غير كروية، مما يحسن من دقة البيانات بشكل كبير، ويتابع "الأجسام الكروية تتصرف بشكل مختلف تماما عن الأجسام غير الكروية".

ويشير النموذج إلى أنه في حالة دايمورفوس، فإن تصادم "اختبار تشتيت الكويكبات" سيخلق فوهة ويلقي الكثير من المواد من على سطح الكويكب، لكن لا يزال هناك الكثير من الأسئلة، لاسيما حجم الفوهة".

وقال الدكتور فيراري "قد تكون الفوهة صغيرة تصل إلى 10 أمتار ولكن قد تصل أيضا إلى 100 متر، شاغلةً نصف حجم الكويكب. لا نعرف حقا. كويكبات "كومة أنقاض" صعبة، لأنها غير متماسكة، وقد تمتص الاصطدام فقط".

وبغض النظر عما يحدث في دايمورفوس، ستوفر التجربة كنزا ثمينا من البيانات لتحسين عمليات المحاكاة والنماذج المستقبلية، فسوف نتمكن من رؤية ما إذا كان الكويكب يتصرف كما توقعنا ونتعلم كيفية التنبؤ بشكل أكثر دقة للمهمات المستقبلية التي قد تعتمد عليها الحياة على الأرض.

المصدر : فيز دوت أورغ + مواقع إلكترونية

اخبار ذات صلة