الاحتلال يبتكر أساليب جديدة لترهيب صغار غزة

اختصاصية نفسية: الصدمة التي يعيشها الطفل تتحول إلى أمراض سلوكية

ارشيفية
ارشيفية

الرسالة نت-مها شهوان

انتهى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ولم تنته آثاره النفسية على الأطفال، فطيلة الوقت يتساءلون "ماما خلصت الحرب؟ ماما احنا بكرا حنموت؟ ماما ماراح نشوف صحابنا اللي استشهدوا بالروضة؟" أسئلة بسيطة لكنها تلجم أفواه الأمهات.

أسئلة كثيرة وسلوكيات بات يفعلها صغار غزة بعد أحد عشر يوما من القصف المستمر على جميع أحياء القطاع، فصوت القصف المرعب ومشاهد القتل والتدمير التي شاهدها الأطفال عبر مواقع التواصل الاجتماعي كانت تثير لديهم الكثير من الأسئلة.

وبعد انتهاء الحرب، ورغم الضغط النفسي الذي عاشه الصغار، إلا أنهم كانوا يصرون على الخروج -على غير العادة- لمشاهدة الدمار.

ووفق إحصائية أخيرة صدرت عن وزارة الصحة بغزة، فإن حصيلة العدوان الأخير بلغت 253 شهيدا من بينهم 66 طفلا، وعشرات الإصابات، فالاحتلال دوما يبتكر أساليب جديدة لترهيب الأطفال إما بقتلهم أو هدم البيوت على رؤوسهم أو يفزعهم بصوت صواريخه.

*****اضطرابات نفسية

حديث الأطفال بعد التصعيد الأخير أصبح مختلفا، أحمد رجب – 10 سنوات – رغم صغر سنه شهد الكثير من الجولات العسكرية على قطاع غزة، وباتت أسئلته كل مرة تفاجئ والديه.

قرر أحمد بعد الإعلان عن الهدنة الخروج إلى الشارع لتفقد حارته، وحين وصل إلى المقبرة التي بجانب بيته تأثر كثيرا وعاد ليخبر والده " موتوا الميتين فوق موتهم يابابا!"، فقد استهجن الصغير ما فعلته الطائرات الحربية الإسرائيلية حين دمرت القبور.

أما والدة الطفل أيهم صالح تقول "للرسالة": خلال الأيام الأخيرة لاحظت على صغيري الذي لم يتحاوز السبع سنوات سلوكيات لم تكن موجودة، فقد كان يتحرك كثيرا ويتحدث أكثر، لكن بعد التصعيد أصبح صامتا ويشرد بذهنه كثيرا عدا عن خوفه الخروج من البيت والتبول اللاإرادي في الليل".

وترجع الأم سبب ما حدث مع ابنها أن المنطقة التي تسكنها وهي الرمال تعرضت لقصف يومي، بالإضافة إلى مشاهدة ابنها لصور الدمار عبر الايباد الخاص به، فكان من حين لآخر يتساءل ويبكي "ليش اليهود بقتلوا الصغار".

ما حدث للأطفال في قطاع غزة خلال التصعيد الأخير سيتبعه آثار نفسية تؤثر على شخصيتهم خاصة عند تعرضهم لحدث مروع بشكل مباشر، وهنا تعقب الاختصاصية النفسية إيناس الخطيب بالقول: "ما عاشه الأطفال تحت القصف سيسبب لهم صدمات نفسية غالبا ما تظهر بعد الحدث"، موضحة أن هناك سلوكيات تظهر على الأطفال كالتبول اللاإرادي وفقدان الشهية وعدم الرغبة في الكلام، وكذلك العنف والصراخ.

وتذكر الخطيب "للرسالة" أن فقدان الأهل وتدمير المنزل من أشد الصدمات التي يعانيها الطفل، كون الأسرة هي الحضن الدافئ الذي يعطي الطفل الأمن والأمان، والبيت هو مركز الشعور بالأمان والاستقرار وفقدانهما يجعل الطفل يعاني من مشاكل واضطرابات نفسية أليمة وقاسية.

وتوضح أن الطفل فترة العدوان يحتاج إلى توفير احتياجاته الأساسية كالمأكل والملبس، بينما الرعاية النفسية تبدأ بعد انتهاء المعركة، مشيرة إلى أن الطفل يكون بحاجة إلى تقنيات عديدة كالعلاج الأسرى أو المعرفي السلوكي أو الروحاني أو تقنيات الاسترخاء والحركة وكل حسب الصدمة النفسية التي تعرض لها.

ولفتت الخطيب إلى أن الصدمة التي يعيشها الطفل قد تتحول إلى أمراض سلوكية وعقلية تصل به ليصبح مريضًا نفسيًا يحتاج للأدوية، بالإضافة إلى أن ما تعرض له يدفعه لعدم القدرة على الفرح والاستمتاع بوقته، عدا عن تفكيره المستمر في التجارب الصادمة والأليمة التي حدثت معه.

وحول مدى توفر الخدمات النفسية في قطاع غزة ذكرت أن هناك العديد من المؤسسات التي تعمل على الأرض لكنها لا تكفي لحجم المشكلة بسبب زيادة أعداد من تعرضوا لأزمات نفسية وصدمات مزمنة.

يذكر أنه فترة العدوان على غزة وحتى اللحظة ظهرت صفحات متخصصة على الانستغرام يديريها مختصون نفسيون في الخارج يعرضون خدماتهم لجلسات دعم نفسي واستشارات لمواقف تعرض لها الصغار.

وكان جليا خلال التصعيد على غزة، تزايد حالات الخوف والقلق التي انتابت الصغار مع سقوط كل صاروخ على القطاع وهو ما سيترك ندبا على نفسياتهم الهشة قد تحتاج سنوات لإزالتها.

البث المباشر