نشر موقع "بازفيد" الإخباري واسع الانتشار تقريرا، سلط فيه الضوء على انتقادات من موظفي شركة "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي بشأن تحيز المنصة ضد الشعب الفلسطيني.
واستهل الموقع تقريره، بالإشارة إلى تحذير أطلقه مهندس برمجيات مصري الجنسية يعمل في فيسبوك، مفاده أن المنصة "تفقد الثقة بين المستخدمين العرب".
وأوضح المهندس أن فيسبوك كان أداة مهمة للنشطاء الذين استخدموه للتواصل خلال الربيع العربي، لكن الرقابة التي تزايدت على المحتوى الفلسطيني خلال الأحداث الأخيرة جعلت المستخدمين العرب والمسلمين متشككين بشأنه.
وكدليل على ذلك، قام المهندس بتضمين لقطة شاشة لـ"غزة الآن"، وهو منفذ إخباري موثوق مع ما يقرب من 4 ملايين متابع.
وعندما تقوم بالإعجاب بالصفحة، تظهر رسالة من "فيسبوك" تحذرك من محتواها، وهو أمر لا يتكرر مع صفحات داعمة للاحتلال.
وكتب المهندس: "لقد أجريت تجربة، وحاولت الإعجاب بأكبر عدد ممكن من صفحات الأخبار الإسرائيلية، ولم أتلق رسالة مماثلة مرة واحدة"، مشيرا إلى أن أنظمة الشركة كانت متحيزة ضد المحتوى العربي. "هل كل هذه الحوادث نتجت عن تحيز نموذجي؟".
أثار هذا المنشور سلسلة من التعليقات من الزملاء الآخرين. سأل أحدهم عن تلقي تحذير بشأن "محتوى حساس" لدى النقر لمشاهدة منشور على إنستغرام للممثل مارك روفالو حول التهجير الفلسطيني.
وكتب موظف آخر على فيسبوك عن انعدام الثقة الذي يخيم على المستخدمين العرب والمسلمين: "أخشى أننا وصلنا إلى مرحلة يكون فيها الخطأ التالي هو القشة التي تقطع ظهر البعير، ويمكننا أن نرى مجتمعاتنا تهاجر إلى منصات أخرى".
وبينما يوجد الآن وقف لإطلاق النار في الأراضي الفلسطينية، بحسب "بازفيد"، فإن على فيسبوك التعامل الآن مع شريحة كبيرة من الموظفين الذين كانوا يتجادلون داخليا حول ما إذا كانت أكبر شبكة اجتماعية في العالم تظهر تحيزا معاديا للمسلمين والعرب.
ولم يتوقف الأمر عند بعض الملاحظات هنا وهناك على فيسبوك وإنستغرام، بل إن تطبيق "واتساب" للرسائل والاتصالات حظر صحفيين مقيمين في غزة من إجراء اتصالات عبره.
وكتب أحد الموظفين في مجموعة داخلية لمناقشة حقوق الإنسان: "يبدو الأمر حقا وكأنه معركة شاقة، في محاولة لجعل الشركة كلها تعترف وتبذل جهدا حقيقيا بدلا من التفاهات الفارغة في معالجة المظالم الحقيقية للمجتمعات العربية والإسلامية".
وأصبح الوضع ملتهبا داخل الشركة، لدرجة أن مجموعة من حوالي 30 موظفا اجتمعوا معا في وقت سابق من هذا الشهر؛ لتقديم طعون داخلية لاستعادة المحتوى على فيسبوك وإنستغرام الذي يعتقدون أنه تم حظره أو إزالته بشكل غير صحيح.
وكتب أحد أعضاء تلك المجموعة في منتدى داخلي: "هذا محتوى مهم للغاية على منصتنا، ولدينا التأثير الذي يأتي من وسائل التواصل الاجتماعي التي تعرض الواقع على الأرض لبقية العالم.. يعتمد الناس في جميع أنحاء العالم علينا ليكونوا مطلعين على ما يجري".
ولفت التقرير إلى أن ذلك التحيز المفترض يؤثر على العلامة التجارية للشركة، خاصة بعد "فيضان" التقييمات السلبية لتطبيقاتها على متجري "أبل" و"غوغل".
وبعد تراكم الغضب من الخارج، والقلق في الداخل، أقر المتحدث باسم فيسبوك، آندي ستون، بأن الشركة ارتكبت أخطاء، وأشار إلى أن لديها فريقا على الأرض مع متحدثين بالعربية والعبرية لمراقبة الموقف.
وقال في بيان: "نعلم أن هناك العديد من المشكلات التي أثرت على قدرة الأشخاص على المشاركة على تطبيقاتنا.. قمنا بإصلاحها، وهو ما كان يجب أن يحدث في المقام الأول، ونحن نأسف لأي شخص شعر بأنه لا يستطيع لفت الانتباه إلى الأحداث المهمة، أو شعر بتعرضه لقمع متعمد. لم يكن هذا ما ننويه أبدا، ولا نريد أبدا إسكات مجتمع أو وجهة نظر معينة".
لكن تقرير "بازفيد" أشار إلى علاقة خاصة قديمة بين فيسبوك والاحتلال الإسرائيلي، لافتا إلى أهمية الدور الذي لعبته "ممثلة إسرائيل في فيسبوك، وممثلة فيسبوك في إسرائيل"، كما توصف، جوردانا كاتلر، المستشارة السابقة لرئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو.
ولم تخف كاتلر، في مقابلات صحفية، حجم نفوذها في فيسبوك، وهو ما أثار قلقا خاصا لدى موظفي الشركة، واتهام البعض لها بأنها تعمل لمصلحة حكومة الاحتلال أكثر من كونها موظفة في منصة عالمية للتواصل الاجتماعي، يفترض بها الالتزام بالمعايير والأعراف الدولية، بما في ذلك اعتبار الضفة الغربية أرضا محتلة، على سبيل المثال.
ولا يتوقف الأمر عند كاتلر، إذ إن نفوذ الإسرائيليين واسع وعميق في أروقة فيسبوك، وتأثيرهم على العديد من السياسات والتوجهات، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، اعتبار انتقاد الصهيونية تهجما على الدين اليهودي، ما أثار جدلا واسعا وسجالات داخلية عنيفة.
وشكلت فيسبوك فريقا خاصة لمراجعة أداء المنصة إبان عدوان الاحتلال على غزة، حيث خلص إلى أن "إسرائيل"، التي لديها 5.8 مليون مستخدم، كانت مصدرا لأكثر الإبلاغات عالميا عن المحتوى المخالف بموجب قواعد الشركة لـ"مكافحة الإرهاب"، مع ما يقرب من 155000 شكوى.
وفي مجموعة داخلية لمناقشة حقوق الإنسان، تساءل أحد الموظفين عما إذا كان للطلبات الواردة من إسرائيل أي تأثير على المبالغة المزعومة في إنفاذ الشركة للمحتوى العربي والإسلامي. في حين أن عدد مستخدمي فيسبوك لدى الاحتلال يزيد قليلا على ضعف عدد المستخدمين في الأراضي الفلسطينية، فقد أبلغ الإسرائيليون عن المحتوى بواقع 10 أضعاف مقارنة مع الفلسطينيين.