وضعت حرب المدافع أوزارها واشتعلت حرب سياسية داخل الكيان بين قادتها وأحزابها، فقد كان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو يأمل في أن يشكل العدوان على غزة طوق نجاة من أزمته الداخلية، لكنه بدأ يخوض معركة داخلية حول تشكيل الحكومة المقبلة التي من شأنها أن تحدد مصيره ومستقبله السياسي.
وتأتي هذه المعركة بعد الهزيمة الكبيرة التي مني بها على جبهة غزة، وهي مستجدات من شأنها أن تؤثر على المشهد السياسي الداخلي.
وبعدما بقيت القضية الفلسطينية لسنوات بعيدة عن أولويات الأحزاب (الإسرائيلية) وخرجت من إطار المنافسة الحزبية خلال فترة الانتخابات، فرضت المعركة الأخيرة نفسها بقوة وباتت الهزيمة تلاحق قادة الاحتلال، خاصة الثلاثة الكبار المسؤولين عن العدوان "رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو وبيني غانيس وزير الحرب وأفي كوخافي رئيس الأركان".
وبعد 11 يوماً من العدوان على غزة بات المشهد الحزبي والتحالفات المتوقعة لتشكيل حكومة الاحتلال أكثر تعقيداً، فقد شن الصحفيون والمحللون داخل الكيان هجوما شرسا على نتانياهو وقالوا إنه اتجه للعدوان وكسر هيبة جيش الاحتلال أمام المقاومة في غزة لأهداف شخصية وإفشال محاولات تشكيل حكومة بديلة برئاسة رئيس حزب "هناك مستقبل" يائير لبيد.
أولى مؤشرات الهزيمة تشكلت عقب موافقة رئيس حزب "يمينا" الإسرائيلي "نفتالي بينت"، على الانضمام إلى حكومة (إسرائيلية) مشتركة مع رئيس حزب "يوجد مستقبل" بزعامة "يائير لبيد".
وأوضحت القناة الإسرائيلية (12)، أن "الإعلان الرسميّ عن ذلك، قد يكون السبت أو الأحد". ويأتي ذلك بعد ساعات من إعلان حزبي "يوجد مستقبل" و"العمل" عن التوصل إلى اتفاق ائتلافي في إطار سعي لبيد إلى تشكيل حكومة من خلال "كتلة التغيير"، بالإضافة إلى توقعات أشارت إلى استعداد "بينت"، الانضمام إلى حكومة كهذه.
ووفق الاتفاق بين بينت ولبيد، فإنّ "بينت سيصبح رئيسا للحكومة حتى أيلول/ سبتمبر 2023، فيما سيخلفه لبيد من التاريخ المذكور، وحتى تشرين الثاني/ نوفمبر 2025".
وتبدو اليوم فرص تشكيل حكومة يمينية برئاسة نتنياهو، ضئيلة في ظل عدم توفر أغلبية من 61 عضو كنيست".
وتشكل هذه الحكومة نهاية لعهد نتانياهو كملك متوج لزعماء الكيان.
المأزوم الآخر عقب معركة سيف القدس هو غانتس الذي ظهر كوزير جيش ضعيف ويائس ولا يملك بنك أهداف أو معلومات استخباراتية قوية عن غزة، كما ان غانتس الذي حاول أن يخفي صورة الهزيمة بالتهديدات التي أطلقها لقادة المقاومة في غزة بالاغتيال، وكان رد قائد حماس في غزة يحيى السنوار بتحد علني على الهواء مباشرة حيث حدد مكان تواجده وخط سيره مشياً على الاقدام ومنح غانتس ما يقارب الساعة لتنفيذ محاولة الاغتيال والتي جبن الأخير عن تنفيذها وهي صورة هزيمة أخرى.
ومن المتوقع ان تكون تداعيات العدوان على غزة وخيمة على قادة الاحتلال وتنهي مستقبل عدد منهم، ومن المرجح أن يتحمل غانتس وكوخافي حمل الهزيمة ويتم ازاحتهما عن المشهد، فقد اعتاد نتانياهو أن يحرق خصومه عبر حقيبة الجيش.
ومن المتوقع أن تشتعل الأزمة الداخلية لدى الاحتلال في الأيام المقبلة، وهي ليست المرة الأولى التي تسقط غزة قادة الاحتلال، فقد انهت جولة من القتال مع غزة في العام 2018 عقب عملية حد السيف مستقبل افيغدور ليبرمان.
ومن قبل كانت نتائج العدوان على غزة عام 2008/2009 أحد أهم الأسباب في ازاحه ايهود أولمرت وانهاء مستقبله السياسي.