كما في الشيخ جراح، تصارع العائلات الفلسطينية في بلدة سلوان بالقدس لإنقاذ بيوتهم من المستوطنين المدعومين من الحكومة الإسرائيلية لسلبها بالقوة وتهجيرهم.
وشهدت بلدة سلوان في الأسابيع الأخيرة استيطانا غير مسبوق، وعمليات هدم واعتقالات، فهناك 40% من السكان مهددون بالتهجير والترحيل قسرا، ويوجد 6280 امرا قضائيا واداريا صدرت بحق منازل ومنشئات المواطنين.
وتضم البلدة 12 حيا تقع على مساحة 5640 دونما، ستة احياء منها مهددة إما بهدم منازلها أو الاستيلاء عليها وهي وادي حلوة، البستان، بطن الهوى، واد الربابة واد ياصول وعين اللوزة.
ويهدف الاحتلال من استهداف سلوان إلى إحلال 25 ألف مستوطن في البلدة حتى بداية 2030، كما يستخدم وسائل متعددة من أجل فرض سيطرته على البلدة، كإجبار المقدسيين على هدم منازلهم بأيديهم، ومنع اصدار تراخيص بناء، وفرض ضرائب باهظة، واعتقال وتهجير لكسر ارادتهم.
وتكمن أهمية سلوان بالنسبة للاحتلال أنها خاصرة وحامية أساسية للبلدة القديمة والمسجد الأقصى، وتشكل مع حي الشيخ جراح نقطة الوصل بين الأحياء العربية الكبرى في شمال القدس وجنوبها.
وتعد سلوان نقطة الوصل بين البلدة القديمة والمسجد الأقصى من ناحية، والأحياء الجنوبية الكبرى من ناحية أخرى وعلى رأسها جبل المكبر وحي الثوري وبلدة صور باهر، وبالتالي فإن السيطرة على سلوان تعني فصل أبناء تلك الأحياء بالكامل عن البلدة القديمة والمسجد الأقصى.
وورث غالبية السكان في سلوان ممتلكاتهم من ابائهم وأجدادهم دون وجود أوراق ثبوتية رسمية، مما سهل على جمعية (إلعاد) الاستيطانية اثبات ملكيتها للبيوت بأوراق مزورة أمام القضاء الإسرائيلي الذي يعد جزءا من المنظومة الاحتلالية.
وتعتبر جمعية "إلعاد" رأس حربة الاستيطان في سلوان، فهي المسؤولة المباشرة عن الاستيطان في الأماكن العامة والأثرية في القدس، وهي التي عرضت مواصفات مشروعات بناء للمستوطنين على مساحات خضراء في الحديقة القومية في سلوان.
وهناك الكثير من القوانين التي فصلت على مقياس المستوطنين تمكنهم من السيطرة على بيوت واراض في حي سلوان، كقانون "حارس أملاك الغائبين" الذي يعطي ما يسميه الاحتلال (دائرة أراضي إسرائيل) الحق في الاستيلاء على العقار إذا كان مالكه أو جزء من مالكيه خارج حدود القدس "سواء الضفة او خارج فلسطين"، حيث تستولي عليه الدائرة وتحوله للجمعيات الاستيطانية.
وعلاوة على ذلك، استولت (إسرائيل) قبل حوالي 25 عاما على أرشيف غرب القدس والملفات الموجودة في المحكمة الشرعية بالقدس الشرقية، بالإضافة إلى علاقتها مع الدولة التركية آنذاك فأصبح الأرشيف التركي بين أيديهم يعرفون من خلاله لمن تعود الاراضي والممتلكات في حي سلوان ومحيطه، فاستغلت "إلعاد" ذلك للاستيلاء على البيوت التي لا يعيش فيها أصحابها أو لا يملكون أوراقا تثبت ملكيتهم.
وفي هذا السياق يقول فخري أبو دياب الناطق باسم لجان الدفاع عن احياء سلوان:" المناطق العامة والأثرية والمشاع تستولي عليها بلدية القدس الغربية والحكومة الإسرائيلية باعتبارها أملاكا عامة خاصة التي كانت تتبع للإدارة الأردنية قبل حرب 1967".
ويرجع أبو دياب ارتفاع وتيرة الاستيطان في أحياء مدينة القدس إلى أن (إسرائيل) تريد حسم قضية القدس عبر إيجاد خلل في التوزان الديموغرافي لصالح المستوطنين، موضحا أنها تسعى لتصفية وجود الفلسطينيين للانقضاض على الأقصى لإقامة الهيكل المزعوم بدءا من بناء مرافق الهيكل والمطاهر والتي تبدأ من السور الجنوبي للمسجد حتى عين سلوان.
وبحسب متابعته ذكر "للرسالة" أن هناك الكثير من الأساليب التي تنتهجها جمعية "إلعاد" المتخصصة في الاستيلاء على المنازل والممتلكات في سلوان، كالتزوير والالتفاف على الناس، مبينا أنه قد يأتي مستثمر عربي يدعي تهيئة المنطقة للحجاج حتى يصلوا للمسجد الأقصى فيقوم بشراء المنزل أو قطعة أرض وبعد ذلك يحولها للجمعية الاستيطانية.
ولاتزال المسيرات الاستفزازية التي ينفذها عشرات المستوطنين مستمرة في سلوان وتحديدا حي بطن الهوى، حيث يحمل المستوطنون لافتات عنصرية ضد الفلسطينيين تطالب بطردهم وترحيلهم وتنفيذ عمليات الإخلاء القسري، وسط تواجد لقوات الاحتلال.