خمسون دقيقة تسمّر فيها المشاهدين أمام الشاشات، مشاهد تعرض لأول مرة حول سنوات أسر جندي الاحتلال جلعاد شاليط الذي احتفظت به المقاومة خمس سنوات في غزة، ومحاضر تكشف تفاصيل مفاوضات صفقة التبادل التي أطلق سراح شاليط فيها مقابل 1027 أسير من سجون الاحتلال.
فيما كانت المفاجأة الأهم التسجيل الصوتي الذي عرضته المقاومة لأحد الجنود الأسرى لديها.
التوقيت الذي عرضت فيه المقاومة هذه المعلومات من خلال برنامج ما خفي أعظم على قناة الجزيرة ليس عبثي، وربما يكون العنصر الأهم، فقد جاء بعد أسابيع قليلة على انتهاء معركة "سيف القدس" التي حققت فيها المقاومة الفلسطينية انتصاراً جلياً على جيش الاحتلال غير المعادلة القائمة في الأراضي الفلسطينية بشكل كبير.
وبعد تثبيت التهدئة شهدت الأيام الماضية انفتاح كبير على العلاقات بين المقاومة في غزة والجانب المصري ما عزز فرص الدخول في مفاوضات لإتمام صفقة تبادل.
كتائب القسام التي أدارت مفاوضات صفقة شاليط باقتدار كبير مررت العديد من الرسائل عبر تحقيق "في قبضة المقاومة".
مروان عيسى نائب قائد أركان كتائب القسام ظهر للمرة الأولى في هذا الفيديو قائلاً "نحن نمتلك أوراق مساومة قوية لإنجاز صفقة تبادل مشرفة وهو الملف الأهم الان لدى كتائب القسام".
الفيديو الذي بث في 52 دقيقة بعثت خلاله كتائب القسام الكثير من الرسائل أهمها:
أولاً: تؤكد القسام أن ما لديها في ملف الجنود مهم وصيد ثمين ويضمن لها صفقة تبادل مشرفة، وأنها لن تقبل بصفقة لا تحقق لها ما تريده فيما يتعلق بالأسرى الفلسطينيين، وهي مستندة بذلك على تراكم الخبرة والنجاح الذي حققته في مفاوضات صفقة وفاء الأحرار.
ثانياً: رفض ربط ملف الجنود بالإعمار أو التهدئة كما رفضت في السابق ربط تسليم شاليط مقابل رفع الحصار، وتأكيد على أن جنود الاحتلال لن يروا النور إلا بخروج الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال وهو الثمن الوحيد الذي تقبل به.
ثالثاً: ربما يشكل التسجيل الصوتي لأحد الجنود الأسرى دفعة قوية ومهمة لانطلاق مفاوضات جدية، خاصة أنها تحمل رسالة للوسطاء بأن ما تملكه المقاومة يستحق الثمن الكبير.
رابعاً: إحراج الاحتلال وإثارة الجبهة الداخلية لممارسة ضغط على حكومة الاحتلال للتقدم في صفقة تبادل، وضرب رواية الاحتلال بعدما كذب وأعلن عقب أسر الجنود عام 2014 أنهم جثث.
خامساً: إظهار ضعف الاحتلال وتنازله أمام صمود وصلابة المقاومة التي أصرت على موقفها في التفاوض، بينما بدأ الاحتلال بعرض إطلاق سراح عشرات الاسرى ومن ثم تنازل ودفع الثمن المطلوب لإتمام الصفقة وهو درس هام في المفاوضات لمن يعقل، حينما تملك الحق وأوراق القوة تنتصر.
سادساً: ظهور مروان عيسى للمرة الأولى للإعلام بما يمثله في قيادة المقاومة ودوره في مفاوضات شاليط يؤكد أن الصفقة على رأس أولويات القسام، وأن القيادة الحالية دورها مكمل لمن سبقوهم.
سابعاً: ضربت هيبة الجيش حينما أقر الاحتلال أن الجندي خرج من الدبابة مستسلما ولم يبدي أي مقاومة وهي فضيحة كبرى بالنظر لأسطورة الجيش الذي لا يقهر التي روجها الاحتلال لعقود.
ثامناً: نجحت المقاومة في ضرب منظومة العمل العسكري والاستخباري والأمني لدى الاحتلال والذي كان ينظر إليه كأسطورة، حيث فشل في اكتشاف مكان احتجاز شاليط على مدار خمس سنوات في بقعة صغيرة محاصرة.