على صفحة الفتى محمد حمايل يمكنك أن تتابع مشروع الشهيد وتتوقعه، ففي كل منشور له إشارة لقهر ولأرض تسلب تدريجيا يتصدى لها أهل بيتا كل أسبوع بصدور عارية، فيقدمون شهيدا تلو الشهيد ومصابا تلو المصاب.
ولأن محمد شهيد بالوراثة تارة يكتب محمد على صفحته" لا يليق بنا الاستسلام" وتارة يحسد الشهداء على أقدارهم، ثم يعود ويكرر، لا يليق بنا الاستسلام، وينشر بجرأة "يعيش كالميت من يخسر كرامته، وهكذا من لا يستسلم ينال الشهادة" ونالها محمد.
محمد هو ابن شقيق الشهيد زكريا حمايل الذي استشهد قبل أسبوعين، وليس ذلك فقط، بل هو حفيد شهيد وابن أسير محرر جريح، وهذا ما يحمل معنى البطولة التي يتوق إليها فتى تربى في بيت الشهداء.
محمد يافع في الصف الحادي عشر لا يتعدى الخمسة عشر عاما، وأعمار الفلسطينيين لا تحسب بالسنوات، لم يعطه الاحتلال فرصة رسم الأحلام، وهو على أي حال يعلم تمام العلم أنه لا يحق لمن لا يملك وطنا أن يرسم أحلاما، فالأرض هي قاعدة الأحلام التي لا يحققها الفلسطيني إلا بتحريرها.
وكما كل الأمهات ودعت أم محمد ابنها وهي تمسد شعره، وتنفض غبار المعركة عن وجهه الصغير، وتتفقد يديه وقدميه وتحاول أن تودع الجسد وداعا يليق بحسرتها.
وفي المستشفى ردد الجميع هتافا أصبح معروفا في مستشفيات بيتا:" يا ام محمد نيالك يا ريت أمي بدالك، وباب الأقصى من حديد، ما بفتحوا الا الشهيد"
وتتفاقم الأوضاع يوما بعد يوم في بيتا، لأن هناك شعبا لا يخضع ولا يستسلم، ولا يقبل بتوسع المستوطنة المقامة على جبل صبيح لذا يتجمع الأهالي للاعتراض على المستوطنة المقامة على 20 دونما تتوسع تدريجيا لتمتد إلى القرى المجاورة " يتما، وقبلان".
القصة بدأت في جبل صبيح منذ أن نصب جيش الاحتلال عام 1988 نقطة عسكرية فوق الجبل، لكنه سرعان ما أزالها تحت مقاومة الأهالي وارتقاء 3 منهم.
وفي العام 2000، خاض المستوطنون 5 محاولات للاستيطان فوق الجبل نجحت آخرها قبل شهر، بسرعة البرق بنى الاحتلال 40 وحدة استيطانية في تحد سافر لأهالي القرية.
وحسب الخطط الاستيطانية، لن يتوقف الاستيطان عند 20 دونما وهي مساحة البناء فقط في جبل صبيح؛ بل خطة الاحتلال تسعى لتهويد الجبل بكامله والمقدر بـ840 دونما.
وستفصل المستوطنة المذكورة شمال الضفة الغربية عن جنوبها، وسيكون حاجز زعترة فاصلا بينهما، كما ستربط مستوطنات (إسرائيلية) مثل "تل أبيب" غربا مع مستوطنات في الأغوار الفلسطينية شرقاً.
وبالنظر إلى ما يجري فإن أهالي صبيح لا يريدون أن يحدث لهم ما حدث في جبل عرمة من محاصرة للقرى وتجريد من الأراض يالزراعية في تطهير عرقي يتقنه الاحتلال.
وقد أطلقت الناشطة الفلسطينية شادية بني شميسة حملة للتضامن مع جبل صبيح لتسليط الضوء على ما يحدث في جبل صبيح كل جمعة وما يسقط تبعا لذلك من إصابات وشهداء جراء هذا الاعتداء المتكرر على المواطنين.
تقام الصلاة كل يوم جمعة على جبل صبيح، ثم تبدأ المواجهات مع الاحتلال ويزداد الشهداء عددا، والاصابات لا تنتهي، تبدأ بخمس كل يوم جمعة، وانتهت ب110 اصابات في الجمعة الأخيرة بالإضافة إلى الشهيد الفتى محمد حمايل الذي لحق بعمه الذي استشهد قبل أسبوعين في نفس البقعة من الأرض، وبرصاصة الاستيطان نفسها.