يرتفع مستوى التوتر في الأراضي الفلسطينية مع اقتراب موعد إقامة مسيرة الأعلام الاسرائيلية، وذلك بالتزامن مع تهديدات أطلقتها فصائل المقاومة بأن أي اقتراب أو مساس بالمسجد الأقصى لن يتم السكوت عنه.
وقد دعت القوى الوطنية والإسلامية لمسيرات وتجمعات في القدس ومحيط المسجد الأقصى وكل نقاط التماس للدفاع عن الأقصى ومنع المسيرة من الاقتراب منه.
وتتصاعد الأحداث في الأراضي الفلسطينية والقدس بينما تستمر السلطة الفلسطينية في عزل نفسها منذ سنوات ولكن عزلتها ازدادت بشكل لافت عقب معركة سيف القدس التي انتصرت فيها المقاومة الفلسطينية وتوحد فيها الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، وهي حقيقة ترفض السلطة الإقرار بها وتعيش حالة عزلة وانكار للواقع الجديد.
مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الوسط تور وينزلاند كتب على تويتر: "التوتر يتصاعد مجدداً في القدس في ظرف أمني وسياسي هش وحساس للغاية، بينما تشارك الأمم المتحدة ومصر في تعزيز وقف إطلاق النار".
وأضاف: "أحث جميع الأطراف المعنية على التصرف بمسؤولية وتجنب أي استفزاز من شأنه أن يقود إلى جولة أخرى من المواجهات".
في هذه الاثناء لا يبدو أن السلطة لديها أي نوايا للتحرك على الأرض لدعم صمود الشعب وتعزيز الموقف الفلسطيني خاصة في القدس للتمسك بإنجازات المعركة الأخيرة، بل على العكس تقف موقف المتفرج على ما يجري في الأقصى وتكتفي بالتصريحات الإعلامية.
وبدت السلطة مؤخراً وخاصة رئيسها محمود عباس كلاعب هامشي في القضية الفلسطينية بعدما استطاعت المقاومة أن تتصدى للاحتلال وتلجم اعتداءاته في القدس، وهو موقف أغضب السلطة وتحاول الالتفاف عليه،عبر تبهيت الانتصار الفلسطيني ومحاولة وضع يدها على أموال الاعمار لتأخيره وتعطيله وبالتالي تأزيم الوضع الإنساني في قطاع غزة.
ما تقوم به السلطة هي سياستها القديمة التي تهدف منها إلى تأليب الشارع الفلسطيني على مقاومته، لكنها تفشل في كل مرة.
وفي هذا السياق اعتبر مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية هاني المصري أن "الرئيس عباس لا يؤمن بنهج المجابهة مع إسرائيل ولا حتى يريد مقاومة سلمية"، مضيفاً أن "كل ما يسعى إليه هو توفير الأرضية لبدء عملية سياسية تعيد إطلاق المفاوضات".
وشدد في مقال له أن ذلك النهج الذي يتّبعه عباس أسهم في غياب السلطة الفلسطينية عن المشهد الحالي وأفقدها الشرعية الثورية".
ولفت إلى أن "الرئيس، يعيش حالة إنكار للواقع وتعامل بأن شيئًا لم يتغير، ولا حاجة لتغيير المقاربات التي اعتمدت سابقًا، على أساس أن التغيير الذي حدث عزز موقف السلطة، خصوصًا بعد الاتصال الذي أجراه الرئيس الأميركي بالرئيس الفلسطيني وزيارة وزير خارجيته أنتوني بلينكن التي أكدت استئناف وتطوير العلاقات الفلسطينية الأميركية".
ويبدو أن فرص تغيير السلطة لمسارها القائم على مشروع التسوية الفاشل قد انتهت في ظل عهد أبو مازن صاحب الخيار الواحد الأوحد ولا بديل عنه، لذا فهو يعتقد أن أي فعل على الأرض أو محاولة استنهاض المقاومة في الضفة تهديد مباشر له.
المصري قال "تتناسى السلطة أن الوضع تغيّر قبل وبعد معركة القدس لجهة تجاوز إسرائيل لاتفاق أوسلو وقرار المجلسين المركزي والوطني بإعادة النظر في الاتفاقيات المعقودة مع الاحتلال".
وعد أن تجاوز أوسلو تم شعبيًا من خلال الملحمة الشعبية الفلسطينية التي وحّدت القضية والشعب والأرض، ولا تدرك السلطة أيضًا بأنّ لا بديل خارجيًا عن الشرعية الفلسطينية التي فقدتها بعد إلغاء الانتخابات وفشل مشروعها السياسي وعدم إنجاز الوحدة، ولا حتى على شكل وفاق وطني، فضلًا عن عدم انتهاج المقاومة المسلحة أو الشعبية التي تعدّ مصدرًا للشرعية".
وجرى تأجيل مسار المسيرة الأساسية يوم العاشر من مايو الماضي في اللحظات الأخيرة بعدما أدى التوتر في القدس إلى إطلاق حركة حماس مئات الصواريخ باتجاه المدينة المقدسة وردت إسرائيل بضربات جوية على غزة، في معركة سيف القدس التي دامت 11 يوماً.
واتهمت جماعات يمينية إسرائيلية حكومتها بالإذعان لحماس، وتمثل مسيرة اليوم الثلاثاء التي من المقرر أن تبدأ الساعة السادسة والنصف مساء، تحديًّا فوريًّا لرئيس الوزراء الجديد نفتالي بينيت، الذي تولى المنصب يوم الأحد لينهي حكم الزعيم المخضرم بنيامين نتانياهو الذي استمر 12 عاماً، وهي مدة قياسية.
ووافق وزير الأمن الداخلي في حكومة بينيت على المسيرة أمس الاثنين ولم يعلن بعد مسار المسيرة الرسمي، غير أن وسائل إعلام إسرائيلية أفادت بأن الشرطة ستسمح للمشاركين بالتجمع خارج باب العامود في المدينة المسورة لكنها لن تسمح لهم بعبوره إلى الحي الإسلامي أو المسجد الأقصى.