ردا على تجميد الاستيطان

"سلطة فتح" .. تتمنع وهي راغبة

الرسالة نت - رائد أبو جراد

 

تأخرت سلطة فتح قليلاً لترد على تصريحات رئيس الوزراء الصهيوني "بنيامين نتنياهو" التي رفض فيها التفاوض حول الحدود الدائمة خلال فترة تجميد الاستيطان الجديدة.

 

رد المفاوضين عن "السلطة" أتى سلبياً رافضاً لكل صنوف التفاوض على الحدود بين الكيان الإسرائيلي والدولة الفلسطينية المزعوم إنشائها على الأراضي المحتلة عام 67.

 

الرفض ليس رفضاً ولكن فتح تتمنع وهي راغبة .. فاختيار توقيت التفاوض بتمديد فترة تجميد الاستيطان هو المشكلة الأساس بنظر عضو وفد سلطة فتح المفاوض نبيل شعث والذي اتهم "نتنياهو" في تصريحات صحفية أنه لا يريد ما يسمى بالسلام وما يحاول تمريره فقط لكسب الوقت لا أكثر.

 

عجرفة وتمادي

وإن كان موقف شعث وما يمثله هكذا يطرح سؤال نفسه على الطاولة .. لماذا التفاوض إذا وكيف سيتم تجاوز الاستيطان؟ وهل سيكون ذلك عبر تبادل للأراضي ؟؟ هذا ما تسأله بعض الأوساط الفلسطينية في ظل عجرفة الاحتلال وتماديه في الاستيطان فقد وصل عدد مستوطني شرق القدس والضفة المحتلة لأكثر من نصف مليون مغتصب موزعين على 120 مغتصبة.

 

ويرى بعض المراقبين أن الانحسار السياسي الذي يواجه رئيس سلطة فتح "المنتهية ولايته" محمود عباس والذهاب للتفاوض على أسس أمريكية ضامنة للكيان الصهيوني، فالولايات المتحدة الأمريكية تقدم عرضاً مجانياً للاحتلال وتهديه صفقات عسكرية وأمنية ومالية مقابل توقيف الاستيطان مدة تسعين يوماً.

 

ويؤكد المتابعون في أحاديث منفصلة مع "الرسالة نت" أن تجميد الاستيطان يعد احد الاشتراطات التي تم التوقيع عليها  لعودة المفاوضات بين سلطة فتح والكيان الصهيوني، معتبرين شن الاحتلال هجوماً جديداً على التسوية بذلك الاشتراط.

 

وفي هذا السياق، أوضح خليل التفكجي الخبير في شئون الاستيطان أن الحدود مرسومة من قبل الاحتلال الصهيوني منذ فترة طويلة ولا يحتاج أن يرسمها مرة أخرى وهو ما يتم الإعلان عنه اليوم بأن غور الأردن هو الحدود الشرقية ولا يمكن التواصل الجغرافي مع الأردن.

 

وأشار مدير قسم الخرائط في مؤسسة بيت الشرق في القدس إلى أن غور الأردن يقع تحت السيطرة الإسرائيلية من الناحية الشرقية، وقال:"الدولة الفلسطينية والمغتصبات المنتشرة داخل الضفة الغربية مرتبطة بشكل كامل متكامل في هذا الإطار وعلى هذا الأساس رسم الاحتلال حدوده التي وضعها شارون عام 1983 وطبقت في عام 2004".

 

وشاركه الرأي أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية د. وليد المدلل، بقوله :"إن تجميد الاستيطان يعد احد الاشتراطات التي تم التوقيع عليها  وأهمها خارطة الطريق واتفاقيات أوسلو وواي ريفير وغيرها التي كانت دائما تنص على تجميد الاستيطان باعتباره مهدد رئيس لأي دولة فلسطينية مستقبلية".

وتيرة سريعة

ويشير المدلل إلى أن الحكومة الصهيونية اليمينية الحالية برئاسة نتنياهو تقوم بحالة تغول متزايدة فيما يتعلق بالاستيطان، مؤكدا أن بقاء الاستيطان على ما هو عليه بوتيرة سريعة جنبا إلى جنب مع اللاآت الإسرائيلية لأي شكل من أشكال التفاهم والتسوية يسبب حرج كبير لعباس.

في حين يضيف التفكجي :"إذا نظرنا إلى الضفة الغربية نلاحظ أن الحدود الشرقية رسمت بشكل كامل وما يتم الآن داخل غور الأردن من عملية تطهير عرقي وعدم السماح لأي فلسطيني للدخول لمنطقة الأغوار إلا بتصريح إضافة للجدار الذي استكمل بناءه من الناحية الغربية".

 

وبين الباحث في شئون الاستيطان أن حدود الدولة الفلسطينية اليوم موجودة على أرض الواقع في الطبيعة وبدون حاجة لقيام أي شخص على تحليل هذه الأمور من أجل الوصول بأن الدولة الفلسطينية هي عبارة عن مجموعة تجمعات ترتبط ببعضها البعض عن طريق الأنفاق والجسور.

 

فيما عاد المحلل السياسي المدلل ليؤكد أن مواصلة الاستيطان تتسبب في إحراج لرئيس سلطة فتح محمود عباس وتفقده المصداقية داخل أروقة حركة فتح فوق وضعه المتدهور وتراجع شعبيته بشكل خطير.

 

وعدَ سكوت عباس عن أخبار مواصلة الاستيطان سكوت عن إجراءات الاحتلال التي لا يمكن لأحد أن يسكت عنها، معتبراً اشتراط الاحتلال تجميد الاستيطان دلالة لعباس بأن الاستيطان لم يبقي له شئ وأصبح يمنع حياة الفلسطينيين اليومية ويشكل عقبات أمامهم.

 

وتابع  المدلل "عباس وقع في حرج شديد أمام هذا الاستيطان الذي لم يتوقف في المرات السابقة وازدادت وتيرته وكانت إسرائيل تداري على أخباره التي لم تكن متداولة، لكن الأحزاب اليمينية أصبحت الآن تتباهي بحجمه جعله يمثل قضية إعلامية يومية أوقعت فريق أوسلو في حرج ناهيك عن آثاره على الأرض".

 

تأجير الأراضي

وفيما يتعلق بقضية تأجير الأراضي، قال التفكجي الباحث في شئون الاستيطان :"إن موضوع تأجير الأراضي سحب على قضية الأردن لأن هناك أراضي أردنية أجرت للجانب الصهيوني لفترة معينة في وادي عربة بالجنوب لكن في الضفة الغربية لا يمكن إحداث تأجير أي أراضي".

 

ونوه إلى أن غور الأردن بمثابة احتياط استراتيجي فلسطيني مستقبلي لاستقبال اللاجئين والزراعة والاقتصاد والمياه، مستطرداً :"بدون غور الأردن الذي يمثل ثلث الضفة الغربية أي بمعنى إذا تم تأجير جزء منه للاحتلال على ماذا سنعتمد في اقتصادنا الفلسطيني".

 

ويربط غور الأردن بين قناة البحار التي تربط بين البحر الأحمر والبحر الميت، وبحسب التفكجي فإن الضفة الغربية تعتمد على أمرين مهمين في الاقتصاد يتمثلان في الزراعة والحجر، وأكد سيطرة "إسرائيل" على  16 كم من أحجار الضفة الغربية ويعتبر القطن البيض للفلسطينيين.

 

إذاً أصبحنا نقف أمام طمع نتنياهو المتواصل ليصل حد المطالبة باستئجار غور الأردن مقابل شئ زهيد وتبديل أراض الضفة الغربية التي أقيمت عليها المغتصبات مقابل أراض عربية داخل الخط الأخضر مثل أم الفحم التي تشكل قنبلة سكانية عربية في وجه "إسرائيل"، كما يسعى الاحتلال باستمرار لفصل مدن وقرى الضفة وتقطيع أوصالها لتصبح شمالية وجنوبية والعمل الدؤوب على تهويد القدس وطرد سكانها العرب بعد هدم المنازل.

البث المباشر