عقب كل قضية فساد؛ سرعان ما تعلن السلطة الفلسطينية وحكومتها عن تشكيل لجنة تحقيق للبحث في القضية ومحاسبة المسؤولين، في محاولة لامتصاص ردود الفعل الغاضبة من الشارع الفلسطيني.
وأصبح من الواضح أن الإعلان عن تشكيل أي لجنة تحقيق، لا يتبعه أي إجراء فعلي أو حتى الإعلان عما خلصت له تلك اللجنة من نتائج في أي قضية كانت وإنما يأتي الإعلان كمقدمة للتكتم وإخماد القضية ليس أكثر.
وعلى مدار السنوات الماضية أعلنت السلطة عن تشكيل العديد من لجان التحقيق في العديد من قضايا الفساد التي كانت تكشف، ومن أبرزها إعلان رئيس حكومة رام الله محمّد اشتية عن تشكيل لجنة تحقيق في إقامة حفل غنائي في مقام النبي موسى في الأغوار بين القدس وأريحا نهاية العام الماضي، وحتى الآن لم يتم الإعلان عن النتائج!
وسبقها إعلانه تشكيل لجنة تحقيق في تهريب مئات العجول لـ(إسرائيل) بعد قرار السلطة وقف استيرادها من الداخل المحتل ودون الوصول لأي نتائج حتى يومنا هذا.
وغيرها من قضايا الفساد الأخرى والتي كان آخرها صفقة تبادل لقاحات كورونا منتهية الصلاحية بين الاحتلال الإسرائيلي والسلطة، وهو ما يؤكد أن تلك اللجان شكلية وللتغطية على حالات الفساد داخل السلطة، لا سيما وأنه جرى فحص وعرض كافة تفاصيل اللقاح ومعرفة انتهاء صلاحيته قبل الموافقة على الصفقة.
غير شفافة
ويؤكد رئيس لجنة الحريات العامة في الضفة الغربية، خليل عساف، أن لجان التحقيق التي تشكلها السلطة تفضي في نهاية الأمر إلى عدم وجود أي نتائج وبعيدة عن الشفافية.
ويوضح عساف في حديثه لـ"الرسالة" أنه لم يتم الإعلان في أي من اللجان المُشكلة عن معاقبة أو مساءلة أو حتى الوصول لأي نتائج في أي من القضايا وإنما هدف تلك اللجان هو إضاعة الوقت.
ويقول: لم يصلنا كلجنة حريات عامة أي نتائج لأي لجنة جرى الإعلان عن تشكيلها في قضية، وهو ما يعني غياب العدالة والمحاسبة في مؤسسات السلطة.
ويبين أن الشعب الفلسطيني بات يدرك أن أي قضية تريد السلطة إماتتها تعلن عن تشكيل لجنة تحقيق لها، وفي العادة تكون بلا نتائج أو قيمة علمية، مشددا على أن الهدف منها محاولة تهدئة المواطنين في ظل الحالة الهائلة من الفساد و"البزنس" الوطني الذي تمارسه السلطة.
ويشير إلى أنه المطلوب حراك كبير من أجل احداث التغيير داخل أورقة الفساد التي تعاني منها السلطة، مبينا أنه بصدد التوجه ورفع قضية لدى النيابة العامة حول صفقة اللقاحات.
إماتة القضايا
ويرى الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب، أن الواضح أن سياسة الإعلان عن تشكيل لجان التحقيق تهدف لإماتة القضايا ومحاولة امتصاص غضب الشارع والمعارضة لخطورة ما جرى في أي قضية.
ويوضح الغريب في حديثه لـ"الرسالة" أن سياسة تكرار تشكيل اللجان هدفها واضح وهي بمثابة عذر أقبح من ذنب تلجأ إليه قيادة السلطة عند اثارة كل قضية وهو أمر بات مكشوفا وواضحا ولم يعد ينطلي على أحد.
ويبين أن بيان وزارة الصحة في قضية اللقاحات الأخيرة يوضح أنه تم مراجعة كل المعايير والمواصفات لهذه اللقاحات وهو ما يعني استهتارا وتهديدا لحياة ملايين المواطنين.
ويشير إلى أن هناك قيادة متنفذة في السلطة تعبث بكل شيء وصولا للعبث بحياة الانسان وهذا ليس له أي مبرر سوى مصالح شخصية لقيادات السلطة.