تتدرج الأوضاع الميدانية في شوارع الضفة المحتلة، ضد حالات القمع التي تنتهجها السلطة منذ سنوات طويلة، والتي زادت حدتها بعد اغتيال عناصر السلطة للمعارض السياسي نزار بنات.
ولعل ما حدث في التظاهرات منذ بداية الأسبوع، والقوة المفرطة في قمع المتظاهرين والصحفيين، تشير إلى التورط في التعامل مع غضب المواطنين في ظل حالة الفراغ التي أحدثتها أجهزة السلطة وحالة الاستفراد في الساحة الفلسطينية ومنع الرأي الآخر.
ولاقت حالة القمع للمتظاهرين في الضفة ردود فعل غاضبة من المؤسسات الحقوقية والأممية التي طالبت بضرورة محاسبة الفاعلين وتنحيهم عن السلطة.
غياب القانون
بدوره، قال الكاتب والمختص في الشأن السياسي عمر جعارة إن غياب القانون السبب الرئيسي فيما حدث من قتل المعارض السياسي نزار بنات وقمع المتظاهرين المطالبين بمحاسبة القتلة.
وأضاف جعارة في حديث لـ "الرسالة نت": "للأسف لا قوانين حاكمة وناظمة لمثل تلك الأحداث
وبالتالي غياب القانون في الضفة، وعدم وجود ما ينظّم السلطة التنفيذية".
وشدد على ضرورة استقلال السلطة القضائية، "وألا تكون بتعيينات من رئيس السلطة لذلك غياب الشفافية والحيادية عن المحاكم في الضفة السبب الأبرز في مثل تلك الأحداث، ونعاني من قضية "أن القاضي هو نفسه الجلاد".
وأكد جعارة أن الاعتقالات السياسية لم تغب يوما عن الساحة الضفاوية، "ولذلك على الجميع أن يكون له موقفه الواضح والصريح ضد تلك الأحداث".
وأشار إلى أن السلطة بالضفة غيّبت بشكل واضح استقلالية السلطة القضائية، "وزادت من سطوة السلطة التنفيذية بشكل كبير في الضفة، وهو ما أوصلنا لما نحن عليه الآن".
في حين، قال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في فلسطين، إنه يشعر بالصدمة من سلوك قوات الأمن في مدينة رام الله، في قمع المتظاهرين.
وأكدت الأمم المتحدة في بيان لها إن فريق مكتبها الذي كان حاضرا في المكان شهد استخداما وحشيا للقوة ضد المتظاهرين كما شهد منع عمل الصحفيين ومنظمات حقوق الإنسان.
وأوضحت أن مراقبته للأوضاع الميدانية في الضفة مستمر، داعيةً السلطة لضمان حرية الرأي والتعبير والتجمع، "كما يجب على الحكومة ضبط استخدام القوة من قوات الأمن".
ولفتت الأمم المتحدة إلى أن التحقيق في استخدام القوة المفرطة أو غير المبررة هو أمر واجب، بما فيه محاسبة المسؤولين بمن فيهم من أعطوا الأوامر للاعتداء على المتظاهرين.
في حين، تعوّل الكاتبة والسياسية لمى خاطر في استمرار الحضور الميداني "وخصوصا في هذه الأيام التي تعتبر مفصلية"، في كبح جماح السلطة من الاغتيالات والاعتقالات السياسية.
وقالت خاطر في حديث لـ "الرسالة نت": "السلطة ستعمل بكل قوة على قمع المتظاهرين وخصوصا في رام الله التي تعتبر عاصمة السلطة، وبالتالي يجب الاستمرار في التظاهر حتى تلبية مطالب المتظاهرين في محاسبة قتلة المعارض السياسي بنات".
وأكدت أن قمع الأجهزة الأمنية باللباس المدني، يؤكد العقلية الاقصائية للسلطة ويدلل على نيتها تمرير حادثة اغتيال بنات وهو ما يزيد المخاوف من اغتيال أي صوت معارض".
وأشارت خاطر إلى أن الصوت الدولي بقضية اغتيال بنات مخجل حتى الآن، ولكن نعوّل على تدويل هذه القضية ونجاح المؤسسات الحقوقية في ذلك سيضع السلطة وقيادتها في مأزق".
ومن جهته، أدان تجمع المؤسسات الحقوقية "حرية" فض أجهزة السلطة في الضفة، وضرب الصحفيين والمتظاهرين السلميين المنددين لجريمة مقتل الناشط والمعارض السياسي نزار بنات.
وقالت حرية إن مجموعة من أجهزة أمن السلطة اعتدت بالضرب المبرح بالهراوات وأعقاب البنادق وكذلك بالشتم على الصحفيين والنشطاء الحقوقيين في مدينة رام الله أثناء تجمعهم للتنديد بجريمة قتل الناشط بنات.
ولفتت إلى قمع أجهزة السلطة، مسيرة وسط مدينة الخليل والاعتداء بالضرب إطلاق النار والغاز الحارق على المشاركين فيها، مؤكدة أن هذه الممارسات لأفراد الأجهزة الأمنية تشير الى نية مبيته لديها بتقويض حرية الرأي والتعبير بالقوة في مناطق الضفة الغربية".