بينما تشتعل الأراضي الفلسطينية غضباً وتجوب المظاهرات رام الله والخليل حزناً وقهراً بعد اغتيال الناشط والمعارض السياسي نزار بنات، كان رئيس السلطة محمود عباس يهنئ رئيس موزمبيق بالاستقلال.
عباس الذي يهيمن على السلطة منذ 15 عاماً يعيش في برج عاجي بعيداً عن الناس والشعب ومفصولاً عن الواقع، فلا يرى إلا ما يريد المحيطون به والمتنفذون أن يراه، والذين وضعهم لتنفيذ سياساته الإجرامية في السلطة.
والغريب أن كل أجهزة السلطة التزمت الصمت بعدما ارتكبت الجريمة، ولم يكلف رئيس الوزراء ووزير الداخلية محمد اشتيه نفسه عناء الاعتذار أو التوضيح للمواطنين عن ملابسات الجريمة، بل اكتفى بالقول إنهم شكلوا لجنة تحقيق، لتصطف إلى جانب عشرات لجان التحقيق التي لم تخرج بنتائج ولم تسفر عن محاسبة مسؤول.
وتحاول بعض الأطراف توجيه أصابع الاتهام للأجهزة الأمنية أو الحكومة مستثنية عباس الذي يسيّر السلطة وفق سياسته.
وليس سراً أن عباس الذي يهيمن على كل مؤسسات السلطة يعتبر المسؤول الأول عن الجريمة، حيث أن الأجهزة الأمنية تعمل وفق توجيهاته القائمة على التنسيق الأمني وحماية الاحتلال ومستوطنيه، وقمع الفلسطيني.
يحاول البعض تقزيم الأزمة الحالية في أن اغتيال نزار بنات بأنها حادثة يمكن تجاوزها بلجنة تحقيق، لكن الحقيقة أنها أكبر من ذلك بكثير، اغتيال نزار فجر الغضب المكبوت لسنوات على نهج السلطة، غضب مرده لسلوكها السياسي أولاً الذي اختارت فيه أن تعزز علاقاتها بالاحتلال عبر التنسيق الأمني الذي دفع الناس في الضفة ثمناً باهظاً له.
وفي خضم الأزمة القائمة يزور رئيس الوزراء الأسبق سلام فياض قطاع غزة، وذلك بعدما اجتمع بعباس خلال الأيام الماضية، حيث ينوي إجراء تعديل على الحكومة.
ويحاول عباس أن يمتص غضب الشارع عبر الترويج لمسألة تغيير رئيس الحكومة محمد اشتيه وإجراء تعديل وزاري، ويشكل فياض أحد أبرز الأسماء المطروحة للعودة لرئاسة الحكومة.
ويهدف رئيس السلطة إلى اعتبار أن تغيير الحكومة هو من باب المحاسبة على الجريمة وتحميل المسؤولية لاشتيه وحده، علماً أن مسألة التعديل الحكومي كانت مطروحة من قبل حيث يسعى عباس لتشكيل حكومة تقبل بها حماس ليتم من خلالها التحايل على باقي الفصائل والسيطرة على عملية الإعمار.
كما أن عباس الذي ما زال يتجاهل مطالب الناس ويطلق عليهم أجهزته الأمنية لم يلتفت حتى لمطالبات إقالة قادة أجهزة الأمن.
ووفق المعطيات فإن عباس يتحمل المسؤولية شخصياً، لأنّ عمليّة إجرامية إرهابية كهذه لا يمكن أن تتم إلا بعلمه، وإذنه، وتحريضه، ولهذا من حق المشاركين في عملية تشييعه والمتظاهرين الغاضبين في رام الله أن يطالبوا برحيل عبّاس، وإسقاط السلطة التي يتزعمها لأنها لا تمثلهم.
وتأتي مطالبات المواطنين برحيل عباس وحل السلطة بعدما بات واضحاً للفلسطينيين أن السلطة اختارت الوقوف في خندق الاحتلال في مواجهة الشّعب الفلسطيني، ولم تتورّع عن قمع أي صوت حر ينتقد تواطؤها ودورها الوظيفي القذر في خدمة الاحتلال، ولهذا وجب إسقاطها بعد أن سقطت شرعيتها، وباتت تمثل الاحتلال ومخططاته وليس الشّعب الفلسطيني.