في شن عدوان جديد على غزة

الدعاية الصهيونية .. حرب باردة تسبق العاصفة

الرسالة نت- أحمد الكومي

تقوم الدعاية الصهيونية وكعادتها بأكبر عملية غسل أدمغة على المستوى العالمي، يساعدها في ذلك امتلاك اليهود للإمكانيات الاقتصادية والمالية والتي تسخرها في حربها ضد أعدائها، وتعكف حالياً على استغلالها لشن عدوان جديد على قطاع غزة.

فسيل التصريحات الصهيونية في سياق التطوّرات الأخيرة لا ينقطع، وهو يأتي بلغات عدّة تخاطب الداخل الصهيوني، وتتوجّه للساحات العربية، وتحاول التأثير في بقاع العالم أجمع، وذلك على غرار "الرصاص المصبوب" التي تدفقت على رؤوس الفلسطينيين في القطاع الواقع بين مطرقة الحرب العدوانية وسندان الحصار الخانق.

وهذه التصريحات تأتي برواية أحادية ومتجانسة بشكل مملّ ومتكرِّر بلا هوادة، تضخّها آلة دعائية حدّدت مضامين الخطاب الملائم لموسم العدوان.

صدى صوت

وكما هو واضح فإن الدعاية الصهيونية لحرب جديدة تعتمد بشكل كبير على مبدأ التضليل بصفة عامة، ولا يتم هذا من خلال الكذب المباشر وإنما من خلال الاختصار والاختزال والاعتماد على الإبهام والغموض.

وفي هذا الصدد يشير حسن عبدو الكاتب والمحلل السياسي، إلى أن الكيان الصهيوني يمتلك إعلام قائم على المراوغة والمناورة والتطبيع الإعلامي.

ويوافقه الرأي عبد الستار قاسم أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، الذي قال إن "إسرائيل" كانت في السابق لا تناور ولا تراوغ، لأنها كانت تضرب عندما ترى أن الوقت مناسباً، موضحاً أن الكيان أصبح في الفترة الأخيرة غير قادرة على تحقيق انتصارات، مما دفعه إلى اللجوء للمناورة والمراوغة لتفادي الهزيمة.

وأكد قاسم وجود أسلوب المناورة والمراوغة الصهيوني في جنوب لبنان وفي الرد على البرنامج النووي الإيراني، الذي أخذ في تحقيق ما يطمح إليه بعيداً عن أنظار المجتمع الدولي.

وعاد عبدو ليقول: عندما يتم وضع هكر إعلامي في أحد وسائل إعلام العدو التي تدرك أهميتها بالنسبة للقارئ العربي، تتسارع كافة وسائل الإعلام العربية لنشر هذه الأخبار التي بدورها تؤدي الدور المنوط بها في إشاعة الفتن والإشاعات في الوسط السياسي، وبذلك تصبح المواقع العربية صدى صوت للدعاية الصهيونية

وأضاف: هناك الكثير من المواقع الإلكترونية والإخبارية المرتبطة بالأجهزة الاستخبارية الصهيونية، تقوم بهذا الدور بكل وضوح، مثل موقع ديبكا العبري وصحيفتي "هآرتس" و"يديعوت" الناطقة بالعبرية".

ضحية للمقاومة

الإعلام الصهيوني يخوض حملة دعائية مركزة، تستهدف تصوير ما يجري من عدوان ضد الشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة، على أنها مجرد مواجهة مع المقاومة وذلك بعد "نفاد صبر" الصهاينة على الصواريخ الفلسطينية.

وأكد المحلل عبدو أن "إسرائيل" تعمل دوما على احتكار دور الضحية، ودائما تظهر نفسها كضحية أمام الإعلام العالمي، في حين تظهر المقاومة بأنها تمتلك أدوات قتالية تهدد حياة المدنيين الصهاينة وأن باستطاعتها ضرب التجمعات السكانية في قلب الكيان، من اجل ان تكسب ود الرأي العام العالمي تجاه ما تسعى لتحقيقه على الأرض الفلسطينية".

كالمعتاد

وحول أسلوب الاستعطاف الذي تنتهجه الحكومات الصهيونية أمام الرأي العام العالمي، أوضح قاسم ان هذا الأسلوب لا تعتمد عليه "إسرائيل" حالياً، لأنه أصبح قديماً ومعروفاً لدى العالم أجمع بأن العدو الصهيوني أصبح دولة قوية، لذا فقد استبدله من خلال إفهام الآخرين بمشاكلها الأمنية، قائلا:" ما عاد المجتمع الدولي يتعاطف بقدر ما أنهم يفهمون متطلبات "إسرائيل" الأمنية وهي تقنعهم دائماً بذلك".

وقد بين أبا إيبان، وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق، أن الدبلوماسية الإسرائيلية عادة ما تختار حلاً للصراع العربي الإسرائيلي تعلم مسبقاً أن العرب لا يمكن أن يقبلوه، ثم تبدأ آلة الإعلام الصهيونية في التهليل له، وحينما يرفض العرب مثل هذا الاقتراح يتوجه الصهاينة للعالم متظاهرين بأن الألم يعتصرهم لرفض العرب اقتراحهم السلمي.

حرب في الأفق

من يفكر بتوجيه النقد أو اللوم لسياسة "إسرائيل" تقوم الدعاية الصهيونية بتهديده، مثل الحملة الإعلامية التي شنها زئيف شافنتس مدير مكتب الصحافة الإسرائيلي في مدينة القدس المحتلة عام 1982م في أعقاب نشر تقارير ومقالات أثارت حفيظة "إسرائيل"، حيث أساءت تلك التقارير إلى صورة الكيان لدى الرأي العام.

ويقول قاسم معلقاً على أسلوب الابتزاز في الدعاية الصهيونية، : "إسرائيل" دائماً ما تستخدم هذا الأسلوب، وتحاول أن تحمل نفسها أمام الرأي العام، مستطرداً:" لكن المطلوب هنا هو في النهاية كم ستصمد هذه الصورة في أذهان الرأي العام أمام الوحشية التي تبثها وسائل الإعلام المحلية والدولية"

وفيما يتعلق بإمكانية شن حرب صهيونية جديدة على غزة، نفى عبدو وجود حرب جديدة تلوح في الأفق، قائلا:"لا أعتقد أن هناك حرباً جديدة على القطاع، فكل الدلائل تؤكد بأن "إسرائيل" أكثر دولة منضبطة في المنطقة تجاه ردود الفعل من المقاومة".

وتابع: لو كانت "إسرائيل" تسعى للحرب لضربت أهدافاً كبيرة كردة فعل على إطلاق الصواريخ من غزة، لكنها ردت رداً منضبطاً في مناطق مفتوحة بعيدة عن التجمعات السكانية، والأهداف المطلوبة".

في حين رأي قاسم أن الاحتمال وارد بشن حرب جديدة، وقال : ما يمنع الحرب هو أن "إسرائيل" غير متأكدة من النصر فيها، لذلك في بحاجة لعمل دعاية إعلامية بأساليبها المتنوعة للتأكد من إمكانية النصر فيها، لأن ميزان القوى اختل في المنطقة وهناك تهديد حقيقي "لإسرائيل" سيرتد مع الزمن وعلى الكيان أن تهاجمه الآن أو تؤجله للمستقبل.

ولاشك بأن الأساليب الإعلامية المختلفة التي ينتهجها الإعلام الصهيوني دليل واضح على أن الحركة الصهيونية هي من الحركات القليلة في هذا العالم التي أحسنت استخدام سلاح الإعلام، وسخرته لكي يصبح أداة قوية ومؤثرة في أيديها.

والأساليب المستعملة في الإعلام الصهيوني كثيرة ومتشعبة، ومتداخلة مع بعضها البعض، ولكن جميعها تفي بالغرض المطلوب سواء كان على صعيد الابتزاز أو الاستعطاف، أو أسلوب المناورة.

 

 

 

البث المباشر