أحد عشر عامًا تراه ملوحًا للقدس، لحيته الحمراء لم تلامس بلاط الأقصى منذ ذاك الوقت، حتى أن عينيه لم تبصرا بريق قبته منذ عقدٍ وعام!
يحمل ذاك الثقل وحيدًا في قلبه، يلوح في صورة أخيرة، يبتسم لنا مجددًا، يستودع القدس ثم تراه واقفًا بعزة، ثابتًا في قول الحق رغم قيد جديد حول معصميه!
يدهشنا النائب المقدسي المبعد الشيخ محمد أبو طير 71 عامًا في كل مرة نقرأ فيها عبر الشريط الإخباري العاجل "قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل أبو طير"!
ثبات هذا الرجل شكل فارقًا في كل التاريخ الفلسطيني، حتى أن الذاكرة تجده ذاك الراسخ بجهاده ودعوته كرسوخ الجبال.
فجر الخميس!
تلاحقه تلك الأصفاد أينما استقر أو رحل، حتى أن المعاصم باتت تميز صوت القفل عليها، كما فعلت فجر الخميس!
فجر جديد، ثبات آخر شهد عليه تموز الحالي، عندما اقتحمت قوات الاحتلال إحدى البنايات السكنية في قرية دار صلاح قرب بيت لحم، واعتقلت الشيخ منها.
يعود للسجن مجددًا ليكمل عداد الأعوام التي وصلت إلى 36 عامًا قضاها في السجون من عمره على فترات، يكمل عهدًا جديدًا من مداد التضحية والثبات!
"الاحتلال يعتقل النائب المبعد أبو طير، الاحتلال يفرج عن أبو طير، الاحتلال يعيد اعتقال أبو طير"، تفتح عينيك مندهشًا وأنت تطالع الأخبار المتعلقة بالشيخ عبر روابط البحث على الشبكة العنكبوتية!
أربعة أشهر!
لم يمض على تهنئة حماس للشيخ أبو طير بسلامته عقب الإفراج عنه من اعتقاله الأخير أربعة أشهر فقط، حتى عادت لتستنكر اعتقاله الجديد، حيث أكدت حركة المقاومة الإسلامية في بيان التهنئة الأول أن الشيخ محمد أبو طير قامة مقدسية مشهود له بنضاله وكفاحه في سبيل قضية تحرير الأرض والمقدسات.
من الصعب أن يشمل بيان واحد مناقب الشيخ المقدسي جميعها، فلقد التحق مبكرا في صفوف العمل المقاوم منذ سبعينيات القرن الماضي.
ويأتي اعتقال النائب أبو طير بعد أقل من 4 شهور من الإفراج عنه من سجون الاحتلال بعد أن أمضى 10 شهور في السجون إداريًا، ثم أطل علينا في صورة الاعتقال الجديد ولسان حاله "لم تنل هذه الاعتقالات من عزيمتي أبدًا".
الناطق باسم "حماس" عن مدينة القدس المحتلة محمد حمادة عاد ليستهجن في بيان جديد اعتقال جيش الاحتلال للقائد أبو طير مشددا أنه يأتي في سياق حربه المستمرة على المدينة المقدسة وأهلها المرابطين.
يدرك الجميع أن استهداف النواب المقدسيين بالاعتقال والإبعاد هو استهداف لكل الحالة الفلسطينية، ومحاولة لمنع أبناء مدينة القدس من ممارسة حقهم في العمل السياسي الفلسطيني وهو ما أكدته الحركة في تصريحاتها الأخيرة بعد الاعتقال الجديد لصاحب اللحية الحمراء!