أكدت طالبان، اليوم الجمعة، أنها سيطرت على إسلام قلعة أهم معبر حدودي أفغاني مع إيران يقع في ولاية هرات غرب البلاد، في وقت يواصل مقاتلو الحركة هجومهم في جميع أنحاء البلاد. في حين أطلقت حكومة كابل عملية عسكرية لوقف تقدمهم.
وصرح المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد لوكالة الصحافة الفرنسية بأن "معبر إسلام قلعة الحدودي تحت سيطرتنا الكاملة وسنعيد تشغيله اليوم" الجمعة.
من جانبه قال مصدر أمني أفغاني للجزيرة إن حركة طالبان لم تسيطر على معبر إسلام قلعة مع إيران، والاشتباكات مازالت جارية.
ويعد إسلام قلعة ثاني معبر حدودي رئيسي تسيطر عليه طالبان منذ إطلاق هجومها الخاطف أوائل مايو/أيار، مع بدء الأميركيين المرحلة الأخيرة من انسحابهم من البلاد، ويعد من أهم المعابر الحدودية ويمر من خلاله معظم التجارة المشروعة بين إيران وأفغانستان.
وسيطرت طالبان الشهر الماضي على شير خان بندر المعبر الحدودي الرئيسي بين أفغانستان وطاجيكستان، واضطر نحو ألف جندي حكومي للجوء إلى طاجيكستان بعد قتال عنيف.
في سياق متصل، نقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن الخارجية الروسية، اليوم، إعلانها أن حركة طالبان باتت تسيطر على ثلثي المناطق الحدودية مع طاجيكستان.
وقالت الخارجية "قاعدتنا في طاجيكستان سترد على أي تصعيد على الحدود الطاجيكية الأفغانية" كما طالبت كل أطراف الصراع في أفغانستان بضبط النفس.
توسع طالبان وعملية مضادة
واشتدت المعارك أمس بين حركة طالبان والجيش الحكومي لليوم الثاني على التوالي في مدينة قلعة نو، وارتفعت سحب الدخان الأسود فوق عاصمة ولاية بادغيس شمال غرب أفغانستان.
وأعلنت حكومة كابل إرسال مئات عناصر الكوماندوز بالمروحيات إلى ولاية بادغيس للتصدي للهجوم الذي تشنه حركة طالبان، وهو الأول على عاصمة الولاية منذ بدء آخر مرحلة لانسحاب القوات الأميركية.
وأفاد مصدر أمني للجزيرة بمقتل 16 جنديا من القوات الحكومية وإصابة 3 آخرين في هجوم لمسلحي طالبان على ولاية بادغيس. وكانت وزارة الدفاع أعلنت في وقت سابق مقتل 69 مسلحًا من طالبان في عملية تمشيط للجيش بالولاية.
وفي وقت أعلنت فيه وزارة الدفاع مصرع 4 من مقاتلي طالبان في ولاية لوغار (شرق) بغارة شنتها القوات الحكومية، قال المصدر الأمني للجزيرة إن حاكم طالبان لولاية لغمان أصيب في غارة للقوات الحكومية شرقي البلاد.
وأضاف المصدر أن مسلحي طالبان سيطروا على مقر مديرية شهر صفا بولاية زابل جنوبي البلاد.
كما أفاد مصدر أمني للجزيرة بمقتل قائد ميداني بحركة طالبان و9 آخرين في عملية للقوات الحكومية بولاية هلمند جنوب البلاد.
وكانت وسائل إعلام إيرانية ذكرت أن مقاتلي طالبان سيطروا على معبر إسلام قلعة الحدودي الواقع في ولاية هيرات مع إيران، قبل إعلان الحركة سيطرتها على المعبر اليوم الجمعة، وأشارت الوسائل إلى أن العديد من الجنود الحكوميين فروا ولجؤوا إلى إيران.
خطاب بايدن
وتأتي التطورات الميدانية بالتزامن مع إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن مساء أمس أن واشنطن حققت أهدافها في أفغانستان، وحدد 31 أغسطس/آب القادم موعدا لانتهاء انسحاب قوات بلاده من هناك، كما أعرب عن ثقته في الجيش الأفغاني، واعتبر أن سيطرة حركة طالبان على البلاد ليست حتمية.
وفي خطاب خصصه للانسحاب الأميركي من أفغانستان، أوضح بايدن أن بلاده أنجزت ما أردت القيام به بمنع أي هجمات مستقبلية على الولايات المتحدة من هناك، معتبرا أن ما أسماه الخطر الإرهابي أصبح خارج أفغانستان، قائلا "نحن ننهي أطول حرب" في تاريخ الولايات المتحدة "لن نرسل جيلا جديدا من الأميركيين إلى الحرب في أفغانستان".
وشدد بايدن على أن الطريقة الوحيدة لتحقيق السلام في أفغانستان هي التعايش مع طالبان، موضحا أن على الأفغان تقرير مصير بلادهم بأنفسهم. لكنه أكد أنه سيستمر في دعم أفغانستان ومساعدتها، واعتبر أن الدول الإقليمية لديها دور تقوم به للتوصل إلى تسوية.
وفي وقت لاحق، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي إنه لا يوجد طرف في أفغانستان حقق انتصارا عسكريا، ولفتت إلى أنه ليس هناك خطط للاحتفال باكتمال الانسحاب الأميركي، وأضافت "لن نحتفل بلحظة إنجاز مهمة في هذا الصدد" إنها حرب استمرت 20 عامًا دون تحقيق نصر عسكري.
تحذيرات بريطانية
وإزاء التطورات المتلاحقة في أفغانستان، نقلت وكالة رويترز عن قائد الجيش البريطاني نيك كارتر قوله إن انهيار الدولة ونشوب حرب أهلية بأفغانستان أمر محتمل مع خروج القوات الدولية.
وقال بعد الإعلان عن مغادرة معظم القوات البريطانية الأراضي الأفغانية إن هذا البلد قد يشهد وضعا مماثلا للحرب الأهلية في التسعينيات "حيث قد نرى انقسام بعض المؤسسات المهمة مثل قوات الأمن على أسس عرقية أو قبلية".
وأضاف "إذا حدث ذلك اعتقد أن طالبان ستسيطر على جزء من البلاد، لكنها لن تسيطر على البلاد كلها بالطبع".
من جانبه، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن معظم قوات بلاده انسحبت من أفغانستان، وإنهم سيستخدمون أدوات جديدة للعمل إلى جانب من وصفهم بالشركاء الأفغان.
وفي أنقرة، قالت وزارة الدفاع إن الوزير خلوصي أكار أجرى محادثة هاتفية مع نظيره الأميركي لويد أوستن على خلفية المحادثات التقنية بين البلدين بالعاصمة التركية.
وأشار بيان لوزارة الدفاع التركية إلى أن أنقرة ستواصل تقديم الدعم اللازم لمطار حامد كرزاي الدولي في أفغانستان بعد انتهاء بعثة الدعم الحازم.
وقال البيان إن تركيا موجودة في أفغانستان منذ نحو 20 عاما، وتقوم بتشغيل هذا المطار منذ 6 سنوات، وهو نافذة أفغانستان الوحيدة على العالم.
حراك دبلوماسي
في غضون ذلك، بحث رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية بأفغانستان عبد الله عبد الله، مع مطلق القحطاني المبعوث الخاص لوزير الخارجية القطري لشؤون مكافحة الإرهاب وتسوية النزاعات، التطورات في أفغانستان ومفاوضات السلام الجارية في الدوحة، كما التقى القحطاني خلال زيارته لكابل مع وزير السلام.
وفي سياق الجهود الدبلوماسية، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الرئيس الأفغاني أشرف غني قوله إن البلاد تعيش واحدة من أكثر مراحل الانتقال تعقيدا.
وكان وفدا الحكومة وحركة طالبان أصدرا بيانا مشتركا، بعد اجتماع عقداه في طهران، قالا فيه إنهما قررا الانتقال من مرحلة الحرب إلى السلام، وإن نوع النظام السياسي يحتاج إلى مزيد من التشاور.
وفي الإطار نفسه، قالت الخارجية الروسية إن مبعوث الرئيس إلى أفغانستان زامير كابولوف بحث مع وفد المكتب السياسي لحركة طالبان في موسكو الأوضاع في أفغانستان.
وأضافت الخارجية في بيان لها أن موسكو أعربت عن قلقها من التصعيد شمال أفغانستان، وحث طالبان على منع امتداده إلى خارج حدود البلاد.
وأضاف بيان الخارجية أن وفد طالبان أكد من جانبه عدم انتهاكه لحدود دول آسيا الوسطى، وتعهده بضمان أمن البعثات الدبلوماسية والقنصليات الأجنبية على الأراضي الأفغانية، والتزامه بمحاربة تنظيم الدولة وعصابات تهريب المخدرات بعد وقف الحرب.
وقال الجنرال أناتولي سيدوروف رئيس هيئة أركان القوات المشتركة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي إن قوات الحلف، الذي يضم روسيا وأرمينيا وطاجيكستان وقيرغيزيا وبيلاروسيا وغيرها، ستكون مستعدة لمساعدة طاجيكستان في مواجهة الوضع على الحدود مع أفغانستان، واصفا الوضع في تلك المناطق بالهادئ.
من جهته، قال المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان محمد نعيم إن الوفد أكد لموسكو أن الأراضي الأفغانية لن تستخدم ضد الآخرين.
المصدر : الجزيرة + وكالات