يعمل الحاج الفلسطيني السبعيني أبو إياد عبيات في تجارة وتربية الماشية منذ قرابة 50 عاما، ويعتبر اليوم من كبار المتاجرين بها في جنوب الضفة الغربية المحتلة، وبسبب التغيرات التي حصلت على العملة الإسرائيلية في سبعينيات القرن الماضي توجّه للتعامل بالدينار الأردني هو وبقية تجار الماشية الفلسطينيين.
أصبح مصدر ماشية التجار الفلسطينيين بعد الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 هو جنوب فلسطين المحتلة، كون المنطقة كانت رعوية ممتدة تساعد في تربية الآلاف من رؤوس الماشية، وكانت العملة المستخدمة في الأرض المحتلة عام 1948 هي الليرة الإسرائيلية، وفي الضفة الغربية كان الفلسطينيون ما زالوا يتعاملون بالدينار الأردني نتيجة الحكم الأردني للضفة وشرق القدس خلال الفترة 1949-1967.
بُعد تاريخي
يرى محمد عطا الله المدير التنفيذي لمجموعة الاستقرار النقدي في سلطة النقد الفلسطينية، أن التعامل الفلسطيني مع الدينار الأردني له بعد تاريخي، وأصبح الدارج أنه عملة تحافظ على قيمتها، سواء في الادخار أو التخزين، وحتى في البيع والشراء اليومي، ولكن ذلك صار ينحصر اليوم في سلع معينة، وخاصة المعمرة منها، كالأراضي والبنايات والشقق والذهب.
وتظهر الإحصاءات المالية لسلطة النقد الفلسطينية أن الفلسطينيين اليوم يتعاملون بشكل أكبر مع الشيكل الإسرائيلي لعدة أسباب، منها: رواتب القطاع العام وأن مصادر دخل كثير منهم بالشيكل الإسرائيلي، وأن التعاملات اليومية به أسهل كونها عملة متوفرة.
ويقول عطا الله للجزيرة نت إنه رغم ذلك ما زالت فئة من الفلسطينيين تستخدم الدينار الأردني، إما لقناعتهم بثباته وعدم تغير سعر صرفه، أو لأن مصادر دخلهم بالدينار، كبعض الموظفين المرتبط عملهم بالأردن، والجامعات الفلسطينية التي ما زالت تصرف رواتب موظفيها بالدينار وتطلب من طلبتها الدفع بالدينار الأردني كذلك للتسجيل فيها.
4 عملات
وتظهر البيانات الرسمية الفلسطينية كذلك -بحسب عطا الله- أنه فضلا عن الدينار والشيكل، فإن الدولار الأميركي دخل السوق الفلسطيني بقوة بعد اتفاقيات السلام عام 1994، بسبب تعامل مؤسسات أجنبية وصرف رواتب موظفيها به، كما أن العملة الرابعة الدارجة في السوق الفلسطيني هي اليورو الأوروبي، الذي يعتبر محصورا في التجارة مع الجهات الدولية التي تتعامل به لا أكثر.
ويعتقد عطا الله أن العملة التي يتم بها صرف الراتب للفلسطيني هي التي تحدد طريقة توفيره وتعاملاته المالية، أو حتى قروضه من البنوك والمؤسسات المالية، والتعامل بالدينار -سواء للذهب أو الماشية- هو منطق مجتمعي منطلق من أن الدينار ثابت السعر والقيمة ويمكن الاحتفاظ به سنوات طويلة دون تغير كبير في سعر صرفه أو قيمته.
وكل ذلك تراه واضحا من خلال النظر إلى قطاع غزة مثلا، الذي كان يتعامل الفلسطينيون فيه بعد النكبة وقبل النكسة بالجنيه المصري، وبعد عام 1967 تم تحويل بعض السلع للدينار الأردني الذي انتقل من الضفة إلى الأرض المحتلة عام 1948 ومن ثم إلى قطاع غزة.
ولكن اليوم، لم تعد ترى هناك مشكلة كبيرة في التعاملات المالية، بحسب عطا الله، خاصة مع توجه الشيكل نحو القوة والاستقرار أمام الدولار والدينار الأردني، وبالتالي أصبح لا مانع من الشراء والبيع بهذه العملة، ولكن الكثير من الفلسطينيين ما زالوا يسعّرون ويشترون بالدينار الأردني، ومن ثم يتم تحويله وقبضه أو صرفه إلى الشيكل الإسرائيلي.
المصدر : الجزيرة