حينما يعجز الاحتلال يفقد صوابه، وفي كل مرة يصب عجزه على كومة من الحجارة، هكذا تعودنا أن نراه، الصورة ذاتها تتكرر مع كل عملية بطولية يقوم بها أي فلسطيني، فاعتقاله لا يكفي، يظن الاحتلال أنه بذلك يمحو آثار الفلسطيني من الأرض، فيهدم بيته.
لم يكن هدما عاديا بالمعاول والجرافات، كان نسفا، تفجيرا، بحجم الحقد الذي يملأ صدر المحتل، فقد نسفت قوات الاحتلال منزل الأسير مرتين خلال ساعتين للتأكد من تدميره بالكامل، وانسحبت عقب صدامات مع الأهالي.
مرتين خلال ساعتين!! ما الذي يقهر المحتل في بيوت الأسرى، إذا كان قد اعتقلهم، صادر حرياتهم، عذبهم، فلماذا يفقد عقله إذا رأى بيوتهم لا زالت منتصبة فوق أرضها؟!
هذا هو المحتل، لا يعرف معنى الانتماء، الذي لا يتحقق لشيء لم يكن يوما لك، وهكذا يعتقد الاحتلال الذي فجر منزل الأسير شلبي قبل يومين، أنه بذلك قتل كل ما تبقى من مال وصمود، وشرد عائلة وسرق قوامها باعتقال منتصر، ولكنه لا يعلم أن العناد الذي ورثه الفلسطيني كان موروثا مع الأرض التي يعرف العالم كله صاحبها الحقيقي.
بعد سجال وأخذ وشدّ بين الاحتلال والإدارة الأمريكية للتوسط لدى الاحتلال حتى يقلع عن هدم منزل شلبي خرج القرار قبل شهرين وهدم المنزل يوم الخميس الماضي.
ولكن الهدم لم ينل مما بداخل الأنفس التي كانت تعرف مصير البيت وصاحب البيت، فزوجة شلبي رفعت الزغاريد عاليا، وهي تعبر عن فرحتها ويقينها بأن المقاومة الفلسطينية هي السبيل الوحيد لخروج زوجها، وما زالت عينها على حريته وبطولته، وفخورة بما فعله.
شلبي رجل أعمال مقتدر، ترك الحياة في الولايات المتحدة بكل ما فيها من زخرف وجاء وأبناؤه وزوجته ليكملوا طريقا بدايتها إصرار ونهايتها حرية رغم أسره الآن.
وفي ترمسعيا، القرية التي انهار منزل شلبي على أرضها، كان هناك بيت وأهل، احتضنوا زوجته، وساعدوها بكل ما لديهم من مال وأثاث لتوفير سكن يليق بزوجة البطل.
ثمإن هدم المنزل، ومصادرة الحق في الحرية، وقهر ترمسعيا وأهلها وهم يجادلون الجرافات، لا تنفي أنه قبل أشهر أعلن الاحتلال عن مقتل مستوطن وإصابة ثلاثة آخرين قضى أحدهم لاحقاً، خلال عملية إطلاق نار، نفذها بطل اسمه منتصر شلبي على حاجز زعترة جنوب مدينة نابلس.