"هل من العدل أن تحارب خالدة لتشيّع ابنتها، أي أن تحارب كي تحزن؟ لا أستطيع أن أتخيل وجعاً أكبر مما تشعر به خالدة الآن"، سؤال مشروع لمراسلة الجزيرة نجوان سمري نشرته عبر حسابها على الفيس بوك، دون أن تجد له إجابة!
سؤال واحد جعلنا نتمعن في الحق الذي سلب منا نحن الفلسطينيين، حقنا في وداع أخير قبل تشييع الجثمان!
"الحرية لخالدة جرار" هتاف أطلقه نشطاء وصحفيون عبر منصات التواصل الاجتماعي للمطالبة بالإفراج عن النائب في المجلس التشريعي لتتمكن من توديع ابنتها سها التي رحلت دون دمعات!
عريضة إلكترونية!
يا عناق الأمهات، يا قُبلة النجاة الأخيرة، ويا قلب خالدة الآن ماذا حل به؟ خالدة التي كانت تخشى خسارة والدتها المريضة وهي بالأسر، تكرر سيناريو خسارة والدها وهي في معتقلات الاحتلال عام ٢٠١٧، كما كتبت الصحفية كريستيان ريناوي، ثم تابعت "الآن حدث ما هو أصعب، ما لا يتحمله قلب ولا يستوعبه عقل خسرت ابنتها سهى(...) المحامون من عدة جهات عند الأسيرة خالدة جرار لإبلاغها بالفاجعة، يا الله برّد قلبها وكن معها".
وتوفيت سهى (31 عاما)، الأحد الماضي، جراء إصابتها بنوبة قلبية حادة، حسب بيان صدر عن عائلتها، ومن المفترض أن يشيع جثمانها لمثواه اليوم الثلاثاء.
منذ 2019 تغيب خالدة جرار في سجن الدامون(الإسرائيلي)، حيث صدر بحقها حكمٌ بالسجن عامين، بتهمة توليها منصبًا في تنظيم الجبهة الشعبية المحظور بأوامر عسكرية (إسرائيلية).
باللغتين العربية والإنجليزية دشن النشطاء عريضة إلكترونية للمطالبة بالضغط على السلطات (الإسرائيلية) للإفراج عن النائب جرار.
في نص العريضة كانت الدعوة للضغط على المحتل في أقرب وقت لتتمكن من الوداع، وكُتب فيها "بدلًا من أن نسلّم بأن المناضلة القيادية عضو المجلس التشريعي خالدة جرار لن تودّع ابنتها سهى، وإذ تقبع جرار في سجون الاحتلال منذ ما يقارب عامين، ومن المفترض أن تنهي حكمها خلال شهرين، لنعمل محلياً ودولياً لتشكيل الضغط اللازم على إدارة سجون الاحتلال لتطلق سراح جرار في أقرب موعد حتى يتسنّى لها وداع ابنتها، وممارسة أبسط حقوقها الإنسانية".
وتابعت العريضة "جرار مناضلة فلسطينية، معتقلة على خلفية نشاطها السياسي الوطني، اعتقلت لدى قوات الاحتلال عدة مرات وصدر بحقها أمر إبعاد وأوامر منع سفر، وتعرضت لأشكال مختلفة من التنكيل والاضطهاد بناءً على نشاطها السياسي ودورها الوطني.
لخالدة الحق في أن تشارك في مراسم تشييع جثمان ابنتها"، كانت هذه الجملة الأخيرة التي التصقت بوسم "الحرية لخالدة جرار".
إجازة الرأفة!
جهود قانونية ومؤسساتية لم تتوقف منذ إعلان خبر الوفاة، جميعها بُذلت للإفراج عن الأسيرة جرار، وصوت آخر من بعيد ينادي بحضن أخير لخالدة مع جثمان ابنتها!
"يجب أن تنظر السلطات في هذه القضية بإجازة الرأفة"، هذه الجملة طالبت بها الأمم المتحدة، السلطات (الإسرائيلية) "النظر برأفة إلى قضية المعتقلة الفلسطينية خالدة جرار، والسماح لها بالمغادرة لحضور مراسم تشييع جثمان ابنتها".
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك.
انتهت الأصوات المنادية بهذا الحق، سكت الجميع أمام محتل لا يعرف لغة الإنسانية ولا يريد من هذا الحرمان سوى كسر عزيمة خالدة، تلك الزيتونة التي خرج صوتها عبر محاميها لتقول "الخبر كتير بوجع، موجوعة لإني مشتاقة لسهى حبيبة قلبي، بس سلموا على الكل وخليهن يديروا بالهن عحالهن وطمنوهن أنا قوية.. قوية".