لا تكتفي السلطة الفلسطينية بالمراوغة وإخفاء الحقائق في كل ما يتعلق بقطاع غزة وملف الموازنة وما يتم دفعه للقطاع، حيث أن حجم الإنفاق على غزة يبقى ضمن التقارير المخفية التي تحرص مالية السلطة على إبقائها حبيسة الأدراج.
رئيس الوزراء محمد اشتية قال الثلاثاء، إن غزة حصلت عام 2020 على مليار و600 مليون دولار من ميزانية الحكومة، وذلك في لقاء مع المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع UNOPS غريتا فاريمو.
ويبدو أن تصريحاته التي تضمنت الحديث عن رقم مبالغ فيه حول نفقات السلطة على قطاع غزة كان بهدف مطالبة المجتمع الدولي بزيادة تمويل السلطة عقب العدوان الأخير على غزة، وذلك لإيهام العالم أن السلطة تتكفل بالإنفاق على القطاع.
ما يؤكد ذلك حديث اشتية أن غزة بحاجة لعملية إغاثة فورية من تبعات العدوان الأخير وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال، بالإضافة إلى خطة لإنعاش القطاعات الاقتصادية.
ويبدو أن السلطة تستحضر مسألة حصة غزة من الموازنة كلما شعرت أنها بحاجة لاستجلاب المزيد من الدعم المالي.
الغريب أن السلطة تتحدث باستمرار عن المبلغ الذي تنفقه على غزة وتكشف في كل مرة عن رقم مختلف ما أحدث تضاربا كبيرا في الأرقام المتداولة، ومن ناحية أخرى تتعمد تجاهل الكشف عن إيراداتها من قطاع غزة.
ومن المهم هنا سرد الحقائق التي تؤكد أن وزارة المالية في رام الله تخفي كل البيانات المالية المتعلقة بقطاع غزة ولا تصرح حول إيراداتها التي تحصلها من غزة شهريا.
حيث يقدر ما تجنيه السلطة سنويا من قطاع غزة بـ مليار دولار (3.7 مليارات شيكل) وذلك وفقا لوثيقة مسربة من وزارة المالية برام الله عام 2018.
ووفقا للوثيقة فإن ما تنفقه السلطة شهريا على قطاع غزة يقدر بـ93 مليون شيكل شهريا (25 مليون دولار)، وذلك حينما كانت تدفع لموظفيها بغزة بنسبة 50 لــ 70% من الرواتب منذ مارس 2017، حيث قدرت قيمة الخصومات في حينه من 20 إلى 25 مليون دولار.
بدأت السلطة بدفع ما نسبته 100% من الرواتب في أبريل المنصرم، ما يعني أنه بعد دفع رواتب كاملة فان إجمالي ما تدفعه لغزة لا يتجاوز 50 مليون دولار، أي قرابة 600 مليون دولار جلها تذهب للرواتب، ما يعني أن الرقم الذي قدمه اشتيه فيه تضخيم كبير ومتعمد.
وشهدت مسألة الإنفاق على غزة الكثير من التضارب، فخلال السنوات الماضية صرح مسؤولو السلطة أن حجم الإنفاق على غزة يتجاوز 96 مليون دولار شهريا، واشتيه يصرح حالياً بأن حكومته تنفق 140% مليون دولار، والفجوة بين الرقمين كبيرة جداً ولا تغطيها النسبة الكاملة من الرواتب.
وفيما يتعلق بالإيرادات من غزة، فإنها موزعة على عدة بنود أهمها إيرادات ضريبة القيمة المضافة والجمارك بقيمة 600 مليون دولار، وإيرادات مشتقات الوقود 180 مليون دولار، وإيرادات ضريبة الدخل للشركات 30 مليون دولار، حصة غزة من المساعدات الدولية 40% بقيمة 200 مليون دولار، هذا عدا عن أموال الإعمار التي حصّلتها السلطة بعد كل عدوان شن ضد القطاع.
عقب عدوان 2008 تعهدت الدول المانحة بمبلغ 4.5 مليار دولار لإعادة الإعمار، استولت السلطة على مبلغ 2.8 مليار دولار منها ووجهتها لتخصصات أخرى بدل الإعمار.
في العام 2014 تعهد مؤتمر المانحين في شرم الشيخ بتقديم مبلغ 5.4 مليار دولار، خصصت السلطة أكثر من 50% لميزانيتها، كما حرمت غزة جزءاً كبيراً من الشق الآخر من الأموال المخصص للإعمار.
ويقدر مجموع ما تنصلت السلطة من دفعه لنفقات إعمار غزة بـ2 مليار دولار ما بعد عدوان 2014.