قال الرئيس التونسي قيس سعيّد إن الظروف دفعته لاتخاذ "تدابير استثنائية"، وإنه حريص على تطبيق الدستور، في حين أبدى رئيس البرلمان راشد الغنوشي استعداده للتنازل من أجل استعادة الديمقراطية، ملوحا بدعوة الشارع للدفاع عن ديمقراطيته إن لم تُشكل حكومة.
وفي آخر تصريح له، قال الرئيس التونسي إن الدولة ليست دمية تحركها الخيوط، وإن هناك "لوبيات" وفاسدين يحركون الخيوط من خلف الستار، معتبرا أنه لا مجال للتلاعب بالدولة أو تقسيمها أو تفجيرها من الداخل.
وأضاف أن الظروف دفعته لاتخاذ ما سماها "تدابير استثنائية"، وأنه حريص على تطبيق النص الدستوري، إذ لم يتم اعتقال أحد أو حرمان أحد من حقوقه.
وتابع الرئيس التونسي "نستمد الثقة من التوكيل الشعبي الذي ظهر في أكثر من مناسبة، وكذلك يوم 25 يوليو (تموز)".
وقال سعيّد أيضا "ليطمئن الجميع في تونس وخارجها أننا نحتكم للقانون، ليطمئن الجميع على الحقوق والحريات".
في الأثناء، أعلنت الجريدة الرسمية التونسية صدور أمر رئاسي بتعليق اختصاصات مجلس النواب ورفع الحصانة عن الأعضاء لمدة شهر، مضيفة أن هذه المدة قابلة للتمديد.
وكان الرئيس سعيّد أصدر أمرا رئاسيا بتكليف رضا غرسلاوي بتسيير وزارة الداخلية، وأدى غرسلاوي اليمين الدستورية أمام الرئيس، وذلك بعدما كان يشغل منصب مستشار.
كما نقلت وسائل إعلام محلية في تونس عن مصادر أمنية أنه تم إعفاء الأزهر لونغو المدير العام للمصالح المختصة لوزارة الداخلية، التي تشمل جهاز الاستخبارات.
من جهته، قال المتحدث باسم محكمة الاستئناف بتونس الحبيب الطرخاني إن النائب العام التونسي أمر بفتح تحقيق ضد الرئيس الأسبق للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب على خلفية اتهامات بالتدليس.
كما أمر بفتح تحقيق ضد رئيس كتلة ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف، وضد كل من رئيس لجنة التحكيم والمصالحة بهيئة الحقيقة والكرامة خالد الكريشي، والنائب عن الكتلة الوطنية والوزير السابق في دائرة الأمن القومي لدى رئاسة الجمهورية مبروك كورشيد.
ضمانات دستورية
تأتي هذه القرارات في وقت تتواصل فيه دعوات للرئيس التونسي بتقديم ضمانات دستورية، حيث أعرب المجلس الوطني للتيار الديمقراطي عن تفهّمه الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس ودوافعها المتمثلة في المخاطر التي تمر بها البلاد.
وأكد المجلس -خلال جلسة طارئة- ضرورة أن ترافق الإجراءات ضمانات دستورية تهدف إلى حماية الحقوق والحريات والحفاظ على المكتسبات الدستورية والديمقراطية، وفق تعبيره.
وطالب المجلس الوطني للتيار الديمقراطي -في بيان- رئيس الجمهورية بتقديم خريطة طريق تضمن العودة إلى الوضعية الدستورية الاعتيادية، واختيار رئيس حكومة ذي كفاءة ونزاهة ليشكل حكومة قادرة على مواجهة تحديات المرحلة.
كما حمّل البيان ما وصفها بالقوى السياسية المهيمنة، وعلى رأسها حركة النهضة، المسؤولية عن تدهور الوضع في تونس.
ويُعدّ بيان المجلس الوطني تغييرا في موقفه، حيث أعلن في بيانه الأول عقب إعلان الإجراءات الاستثنائية مخالفته لتأويل رئيس الجمهورية للفصل 80 من الدستور، ورفضه ما يترتب عنه من قرارات وإجراءات خارج الدستور.
وعلى الصعيد الدولي، أعربت منظمة الشفافية الدولية عن قلقها من أن ما جرى في تونس بعد قرارات سعيّد الأخيرة قد تكون له تداعيات كبيرة على الديمقراطية الفتية في تونس، حسب وصفها.
وقالت المنظمة -في تغريدة- إن الرئيس التونسي أقال رئيس الوزراء وعلّق البرلمان بعد احتجاجات على تعامل الحكومة مع جائحة كورونا.
حزب النهضة
من ناحية أخرى، عبّر الغنوشي في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية عن استعداد حزبه لأي تنازلات من أجل إعادة الديمقراطية، مشيرا إلى أن الدستور أهم من تمسك حزبه بالسلطة.
ونبّه الغنوشي في الوقت ذاته إلى أنه إن لم يكن هناك اتفاق بشأن الحكومة المقبلة، فإنه سيدعو الشارع للدفاع عن ديمقراطيته، وفرض رفع الأقفال عن البرلمان، حسب تعبيره.
وكشف الغنوشي عن أنه لم يُجرِ أي حديث مع الرئيس سعيّد أو مع أعوانه منذ صدور قرارات الرئيس، لكنه أضاف أنه ينبغي أن يكون هناك حوار وطني.
وأضاف أن هناك محاولات لتحميل سلبيات المرحلة "للنهضة"، وأقرّ بأخطاء في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، وأن النهضة تتحمل جزءا من المسؤولية.
كما قال الغنوشي إن تونس تعرضت للتآمر على ديمقراطيتها من قبل الأنظمة "التي تخاف الديمقراطية التونسية".
بدوره، قال علي العريّض نائب رئيس حركة النهضة إن ما أقدم عليه الرئيس سعيّد كان ضربًا لمبدأ الفصل بين السلطات وجمعا للسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية بين يديه.
وأضاف العريض -على صفحته بفيسبوك- أن ذلك كان خرقا جسيما للدستور نصا وروحا، مشيرا إلى أن ما وقع هو أقصر طريق للزج بالبلاد في مناخات الفوضى والفردية، ومن ثم الاستبداد بكل "بلاويه"، وفق تعبيره.
كما أعلن نائب رئيس حركة النهضة أنها تلقت الرسائل التي عبر عنها الشعب ومطالبه المشروعة، وهي بصدد استخلاص الدروس والعبر من كل تلك الأحداث.
المصدر : الجزيرة + وكالات