صيدم: خطاب عباس أُخرج من سياقه بغرض التشويش
رزقة: ما رفضه عباس من حماس يعلنه صراحة أمام الثوري
عبد الكريم: إجماع وطني على رفض مشروع الدولة المؤقتة
فايز أيوب الشيخ
"رمتني بدائها وانسلت".. هذا المثل انطبق على حركة فتح برئيسها الحالي محمود عباس الذي أعلن أمام المجلس الثوري لحركته، قبوله بالدولة ذات الحدود المؤقتة، بعد أن كان قد تجنى على حركة حماس بأنها تقبل بما يرفضه، وهو ما نفته الأخيرة جملةً وتفصيلا.
وكان المجلس الثوري لحركة فتح عقد دورته الخامسة الأربعاء الماضي، وسط خلافات داخلية تتعلق بانتقادات بعض الأعضاء لأسلوب تعامل عباس والوفد المفاوض لملف المفاوضات، وملف المصالحة مع حماس، ولأسلوب وطريقة إدارة حكومة سلام فياض"غير الشرعية" لشؤون الضفة الغربية المحتلة.
محاولة لتعمية الحقيقة
وحاول نائب أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح صبري صيدم، تبرئة ساحة رئيسه محمود عباس مما قاله في خطابه أمام المجلس الثوري ونقلته عنه وكالات أنباء عربية وعالمية بخصوص مفهوم الدولة المؤقتة، ولفت صيدم أن إحدى الفضائيات أشارت صراحة إلى أن عباس أبدى موافقته على حدود الدولة المؤقتة، "الأمر الذي انفيه جملة وتفصيلاً" ، على حد تعبيره.
ونقل صيدم لـ"الرسالة نت" ما طرحه عباس حرفياً في خطابه أمام المجلس الثوري فزعم أن عباس قال:" أن الحديث عن الدولة المؤقتة بدأه بيريز منذ مدة، وإسرائيل تعيد الكرة في طرح مفهوم الدولة المؤقتة، وأنها اقترحت على الفلسطينيين أن يقبلوا بهذا المبدأ، وأنه سيكون هناك معالم واضحة لما سيكون عليه الأمر في نهاية المطاف "، مؤكداً أن عباس لم يشر إلى قبول فلسطيني على الإطلاق بالدولة المؤقتة ولم يشر لقبول مشروط بهذا الخصوص .
وعبر صيدم عن اعتقاده "جازماً" أن خطاب عباس أُخرج من سياقه وأنه تم طرحه بغرض التشويش ليس إلا، منوهاً أن بيان المجلس الثوري الختامي كان واضحاً في هذا السياق وجاء فيه "أن المجلس الثوري يرفض بوضوح مفهوم ما يسمى بالدولة المؤقتة"، حسب زعمه.
وتطرق صيدم إلى أن اجتماعات المجلس الثوري تناولت العديد من القضايا التي كانت تحتل الموقع الرئيس وخاصة ما يتعلق بالقضية السياسية وحالة انسداد الأفق السياسي والخيارات الفلسطينية وحالة الإجراءات الإسرائيلية العنصرية بما فيها قانوني المواطنة والولاء والاستفتاء ومجمل الإجراءات التي زادت من عنصرية حكومة نتنياهو الحالية وأكدت عدم رغبتها بالانصياع للإرادة الدولية .
وأشار صيدم إلى قضية أخرى ناقشها المجلس متعلقة بسياق العمل السياسي شملت مفهوم المقاومة خاصة المقاومة الشعبية ودعم تحركاتها بصورة واضحة وعلنية، مبيناً أن موضوع المصالحة احتل هو الآخر موقعاً مهماً سواء في المداولات الأولى للمجلس الثوري أو في خطاب عباس، منوهاً إلى تأكيد المجلس الثوري على ضرورة التعديل الوزاري خلال الأسبوعين القادمين.
يشار إلى أن حدة الخلافات داخل المجلس الثوري وصلت مستوى "تقاذف" البيانات والتعليقات المتبادلة وتشكيل تحالفات و"محاور" ضدية داخل الحركة، وسحب ومن ثم تخفيف حراسات أمنية من منازل بعض الأعضاء، وإطلاق الانتقادات داخل الجلسات المغلقة والمفتوحة معاً.
مؤتمر استسلام
من جهته اعتبر الدكتور يوسف رزقة، المستشار السياسي لرئيس الوزراء الفلسطيني، أن أقل ما يمكن تسمية الدورة الخامسة للمجلس الثوري لحركة فتح بأنه" مؤتمر الاستسلام للرؤية الإسرائيلية والأمريكية على المستوى السياسي لعملية الصراع".
وشدد لـ"الرسالة نت" على أن ما صدر عن عباس حول موافقته على دولة ذات حدود مؤقتة بشروط في إطار حل نهائي، فيه تراجع خطير عن المواقف المعلنة سابقاً برفض هذه الدولة،
موضحاً أن هذا التراجع يمثل استسلاماً خطيراً للرؤية الصهيونية وتهديداً خطيراً لمستقبل مدينة القدس المحتلة التي ترفض الحكومة الصهيونية وضعها على أجندة المفاوضات، وخاصة بعد قانون الاستفتاء الذي قدمته حكومة نتنياهو ووافق عليه الكنيست بأغلبية الأصوات .
ونوه رزقة إلى أن عباس كان يتهم حركة حماس ويلصق التهمة مباشرة بالقيادي بالحركة الدكتور أحمد يوسف أنه في لقائه مع قيادات سويسرية أعلن قبول حركة حماس بالدولة المؤقتة، وهذا الزعم باطل ونفاه في حينه يوسف لأن حماس لا توافق على الدولة ذات الحدود المؤقتة ومع ذلك عباس كان يصر على اتهام حماس لتشويهها سياسياً، كما قال.
و أضاف رزقة :"إن ما رفضه عباس من حماس يعلنه اليوم بصراحة أمام المجلس الثوري أنه يوافق عليه وحتى لا تُحدث هذه الموافقة ردة فعل من الفصائل المختلفة أضاف لها عباس شرط أن تفضي إلى حلول نهائية".
وأشار إلى حقيقة أن الصهاينة لا يؤمنون بمناقشة الحلول النهائية، حيث أن اليمين الصهيوني وتكتل الليكود برئاسة نتنياهو رفض اتفاقية أوسلو بالأصل، مؤكداً على أن "إسرائيل" لا تؤمن إلا بالحلول المؤقتة لأنه ليس لديها استعداد لأن تتنازل عن الأراضي الفلسطينية المحتلة لتقوم عليها دولة ذات سيادة وذات قدرة على خدمة الشعب الفلسطيني .
وشدد رزقة على أن عباس غير جاد خطابه أمام الثوري حول مسألة البحث عن خيارات بديلة بالذهاب إلى مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة، لأنه لا يملك إرادة الإعلان عن فشل المفاوضات، متخوفاً من الموقف الأمريكي .
مزايدات إعلامية
وقال المستشار السياسي: "لو كان عباس يملك إرادة البحث في البدائل والخيارات فإن الطريق إليها تبدأ بالإرادة الجادة والمصالحة الداخلية والإفراج عن المعتقلين السياسيين، والتوقف عن المزايدات الإعلامية كالزعم أن الداعية تمام أبو السعود تشارك في عملية لاغتيال محافظ مدينة نابلس، وهو زعم مفبرك لا حقيقة له، ولا يمكنه خداع شعبنا الفلسطيني، فحركة حماس لا تتبنى إطلاقاً مشاريع الاغتيال السياسي".
وتابع:"هذه فبركة إعلامية ومناورة لتبرير الاعتقالات المتواصلة في الضفة الغربية وتصعيدها إلى حد وصلت إلى اعتقال النساء ، ولا بد أن نأخذ بحذر مثل هذه الاتهامات، حيث أنه من المؤكد والواضح كالشمس أن حركة حماس لا تتبنى الاغتيالات السياسية الداخلية ضد أي من أزلام السلطة، و لم يثبت عبر رحلة حماس في المقاومة أنها أقدمت على اغتيال شخصية سياسية رغم أن أبنائها تعرضوا لكل أشكال القهر والمعاناة على يد السلطة وأجهزتها".
وتطرق رزقة إلى أن المصادر المعلوماتية التي تسربت من المجلس الثوري تحدثت عن هناك صراعات داخلية بين ما يسمى فريق الجنرالات الذي ينتمي إليه محمد دحلان وآخرون ممن يعملون في الأجهزة الأمنية مع أطراف أخرى موالية لعباس وكارهة لدحلان وترى أن الأخير يُعد للانقلاب على عباس وأنه المسئول عن حالة الأزمة التي وقعت بين حركة فتح وحماس.
كما أكد على أن هناك خلاف على أشده بين فتح وسلام فياض الذي يعتبرونه لا يمثلهم وأنه يسير في حكومته غير الشرعية بخطوات تتباين مع إستراتيجية فتح التنظيمية إلى حد ما وأنه يُحكم قبضته على نفوذ السلطة والمال من خلال الولايات المتحدة والدول المانحة التي تضع الأموال في حسابات لا يمكن صرفها إلا من خلال فياض، كما قال رزقة.
الإجماع الوطني..!؟
من ناحيته أشار عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية قيس عبد الكريم، إلى أن ما يهمهم بالدرجة الرئيسية في دورة المجلس الثوري الخامسة هو الموقف السياسي الذي يعزز الإجماع الوطني بأن لا مفاوضات في ظل الاستيطان، معبراً عن رفضه لأية مفاوضات مالم تقم على أساس وقف كامل للاستيطان واعتماد قرارات الشرعية الدولية كمرجعية للعملية السياسية.
واعتبر في حديثه لـ"الرسالة نت"، أن العديد من القضايا الأخرى التي تناولها المجلس الثوري هي قضايا تتعلق بالحياة الداخلية لحركة فتح وبرؤية فتح لبعض الشئون المتعلقة بالحكومة وغيرها، مشدداً على أنه يجب على حركة فتح نفسها أن توضح هذه الأمور بمزيد من التحديد ومزيد من التفصيل .
وقال عبد الكريم:"هناك إجماع على رفض مشروع الدولة ذات الحدود المؤقتة، ليس فقط في فتح، وإنما على الصعيد الفلسطيني بشكل عام"، معتبراً أن مشروع الدولة ذات الحدود المؤقتة تعني بالنسبة لنا –الجبهة الديمقراطية-إقامة دولة على جزء من الأرض الفلسطينية التي احتلت عام 67مع تأكيد التفاوض حول باقي القضايا بما فيها الحدود الدائمة والقضايا المتعلقة بالقدس واللاجئين وغيرها من القضايا الأخرى.
وأكد على أنه إذا ما تم التوصل إلى تسوية تشمل جميع القضايا سالفة الذكر بنتائج واضحة وجدولة تنفيذ هذه التسوية عبر مراحل زمنية محددة بدقة "فإن ذلك يصبح مقبولاً"، مستدركاً أن جوهر القضية يكمن في أن "إسرائيل" ترفض السماح بتقدم أي عملية سياسية يمكن أن تفضي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة وكاملة السيادة.
وأوضح عبد الكريم أن "إسرائيل" تريد من مختلف هذه المناورات سواء دولة ذات الحدود المؤقتة أو تأكيد هذه القضية أو تلك أو ما أصبح يسمى الآن الاتفاق على اتفاق ذات إطار وغير ذلك من الصيغ "تريد أن تتهرب وتتنصل من الانسحاب من الأراضي التي احتلتها بما فيها القدس وعدم تمكين دولة فلسطين من أن تمارس سيادتها".