أعلنت كبرى شركات التكنولوجيا في العالم خلال الأيام القليلة الماضية عن أرباحها خلال الربع الثاني من العام الجاري 2021، محققة أرباحا خيالية وغير مسبوقة من قبل، مستفيدة في ذلك من التحول الرقمي الذي ترافق مع جائحة كورونا وطال مختلف القطاعات الاقتصادية في العالم.
وبلغ إجمالي أرباح كل من شركات "ألفابت" (Alphabet)، و"آبل" (Apple)، و"مايكروسوفت" (Microsoft) 56.8 مليار دولار بعد خصم الضرائب، وحققت الشركات الثلاث عائدات مبيعات في الربع الثاني بنحو 189.4 مليار دولار، بزيادة بنسبة 39% مقارنة بنفس الفترة من 2021.
أما شركة "فيسبوك" (Facebook) فقد قفز صافي أرباحها بنسبة 101% على أساس سنوي، حيث بلغ 10.5 مليارات دولار خلال الربع الثاني من العام الجاري مقارنة بـ5.2 مليارات دولار حققتها الشركة خلال الربع الثاني من عام 2020، وبلغ عدد مستخدمي فيسبوك أو التطبيقات الأخرى التي تملكها الشركة نحو 3.51 مليارات شخص.
وحققت شركة "أمازون" (Amazon) 7.8 مليارات دولار من الأرباح الصافية في الربع الثاني من العام الحالي، بنسبة زيادة وصلت إلى 48% مقارنة بالربع الثاني من 2021، مستفيدة من التجارة الإلكترونية والخدمات السحابية التي لم تسجل أي تباطؤ بعد رفع القيود الصحية.
الإعلانات هي المحرك الرئيسي
وكان نمو سوق الإعلانات الرقمي العالمي هو المحرك الرئيسي للأرباح الخيالية التي حققتها شركات التكنولوجيا الكبرى في العالم خلال الربع الثاني من السنة.
وبالأرقام، سجلت شركات "فيسبوك"، و"سناب شات" (Snapchat)، و"تويتر" (Twitter)، و"لينكدإن" (LinkedIn)، و"يوتيوب" (YouTube)، و"غوغل" (Google) معدلات نمو قياسية وغير مسبوقة في إيرادات الإعلانات، حسب ما بينت تقارير الأرباح التي أصدرتها هذه الشركات خلال الأيام القليلة الماضية.
وأوضحت التقارير أن عائدات شركتي فيسبوك وغوغل من الإعلانات قد نمت بنسبة 55 و68% على التوالي، فيما ضاعفت شركتا "سناب شات" و"تويتر" عائدات الإعلانات على أساس سنوي، وحققت "يوتيوب" عائدات إعلانات قياسية وصلت إلى 7 مليارات دولار خلال الربع الثاني من العام الحالي.
وقالت شركة "مايكروسوفت" إن "لينكدإن" حققت دخلا تجاوز 10 مليارات دولار خلال السنة الماضية لأول مرة في تاريخها مدفوعة بالزخم الكبير لسوق الإعلانات الرقمي العالمي.
وقالت شركة "آبل" في تقريرها إنها وصلت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في إيرادات الخدمات التي تقدمها والتي تشمل الإعلانات.
يذكر أنه من الأسهل بكثير بالنسبة لشركات مثل "تويتر"، و"سناب شات"، والتي تحقق إجمالي إيرادات "متواضع نسبيا" من سوق الإعلانات العالمي يصل إلى نحو مليار دولار فقط أن تظهر معدلات النمو السريعة هذه لدعم مركزها في السوق، وجذب المزيد من المعلنين لمنصاتها.
أما بالنسبة لشركات بحجم "غوغل" التي وصلت إيراداتها من الإعلانات إلى 50.4 مليار دولار أو فيسبوك التي بلغت إيرادات الإعلانات فيها 28.6 مليار دولار فإن ما يحدث هو أمر رائع بكل المقاييس.
3 عوامل وراء النمو الضخم
وهناك 3 عوامل رئيسية أدت إلى هذا النمو الضخم وغير المسبوق في سوق الإعلانات الرقمي العالمي خلال الربع الثاني من العام الجاري كما ذكرت منصة "أكسيوس" (Axios) في تقرير لها مؤخرا، وهي:
- التحول الرقمي: سرّع الوباء تحول سوق الإعلانات العالمي إلى المنصات الرقمية، وكانت شركات التكنولوجيا الكبرى في وضع فريد مكنها من جني فوائد هذا التحول.
- انخفاض كوفيد: شهد سوق الإعلانات العالمي انخفاضا كبيرا خلال الربع الثاني من 2020، ثم عاد للانتعاش بشكل كبير نهاية العام الماضي، ومن هنا أظهر الربع الثاني من العام الجاري قفزة دراماتيكية في نمو سوق الإعلانات مقارنة بنفس الفترة من العام الفائت.
- عامل آبل: تأخرت شركة "آبل" في طرح ميزة الخصوصية الجديدة، وهو ما يعني أن شركات التكنولوجيا الكبرى الأخرى لم تتأثر خلال الربع الثاني بقدر ما ستتأثر خلال الربعين المتبقيين من العام الجاري حين تطرح "آبل" ميزتها الجديدة.
منتجات أخرى تدعم النمو
وبالعودة إلى الماضي القريب، فقد حذرت شركات التكنولوجيا قبل عام من أن نمو عائدات الإعلانات سيشهد تباطؤا ملحوظا بسبب الجائحة، وأجبرت هذه المخاوف شركات التكنولوجيا على مضاعفة منتجاتها الرقمية الأخرى، مثل التركيز على التجارة الإلكترونية، وإنتاج الفيديوهات القصيرة لاستقطاب الجماهير.
وبدأت هذه الاستثمارات تؤتي ثمارها الآن، حيث قالت شركة "فيسبوك" إن إقبال العملاء على مشاهدة الفيديوهات القصيرة عبر منصاتها والتفاعل معها شهدا زيادة كبيرة، وأكدت الشركة أن منافستها الرئيسية "تيك توك" (TikTok) كانت عاملا محفزا لزيادة التفاعل والمشاركة عبر منصة إنستغرام التابعة لها.
من جهتها، قالت شركة "يوتيوب" إن منافستها مع شركة "تيك توك" أدت إلى زيادة عدد المشاهدات للفيديوهات القصيرة على منصتها "يوتيوب شورتس" (YouTube Shorts) لتصل إلى 15 مليار مشاهدة يومية مقارنة بـ6.5 مليارات مشاهدة في مارس/آذار الماضي.
وأخيرا، أثبت الربع الثاني مدى مرونة شركات التكنولوجيا التي تعتمد على الإعلانات في فترة شهدت تقلبات شديدة وصعبة خلال الجائحة وبعدها، ولكن من غير المرجح أن تكون معدلات النمو بهذا الشكل الدراماتيكي في النصف الثاني من العام الجاري.
المصدر : الجزيرة