انتهت الدورة الانتخابية الحالية لحركة حماس بإعادة انتخاب إسماعيل هنية رئيساً لمكتبها السياسي لدورة ثانية، وصالح العاروري نائباً له، إضافة إلى رئاسته للحركة في الضفة، وهي المرحلة النهائية التي سبقتها عدة مراحل تEوجت بانتخاب يحيى السنوار رئيساً للحركة في قطاع غزة، بينما تولى خالد مشعل رئاسة الحركة في الخارج.
وتجري انتخابات حركة حماس في هدوء، وبعيداً عن الأنظار ليس لاعتبارات أمنية كما يتردد، وإنما لتأكيد مبدأ الشورى داخل الحركة.
ولأول مرة تحظى انتخابات حماس الداخلية بمتابعة وتسريبات إعلامية أولاً بأول وفقاً لمجرياتها، ما يعكس حجم الاهتمام والثقل الذي باتت تمثله الحركة في الشارع الفلسطيني والمنطقة العربية.
وتعكس انتخابات حماس بكل مراحلها النهج الديمقراطي الذي تتبعه الحركة ما ميزها عن الحركات الفلسطينية، التي يتم الهيمنة فيها على القيادة بعيداً عن العملية الانتخابية ودون السماح بالتداول السلمي والتدافع بين الأجيال الشابة.
وتعتبر حماس أن الانتخابات التي تجري كل أربع سنوات بشكل دوري ومنظم هي فرصة لتجديد دماء الحركة بشكل مستمر وضمان تعاقب الأجيال وإتاحة فرصة للشباب من أبناء الحركة للتقدم في مواقعهم التنظيمية والقيادية، بعكس التنظيمات الأخرى التي تعاني أزمة حادة بين أجيالها، حيث يهيمن كبار السن على المواقع القيادية فيما تغلق أبوابها في وجوه الشباب.
وبالنسبة لحماس فإنها ترى أن دورية انتخاباتها تضمن لها استقراراً كبيراً في أروقة التنظيم وتحافظ على حالة الرضا التنظيمي في مستوياته المختلفة، حيث أن الجميع لديه فرصة للتغيير بعد أربع سنوات وفي مواعيد ثابتة ومحددة، وهي الآلية الوحيدة لتولي القيادة في الحركة.
وتجري الانتخابات وفق نظامٍ ولوائحَ داخليةٍ تحكم مراحل العملية الانتخابية، التي تتم للهيئات القيادية بشكل هرمي، بدءًا من القواعد وصولاً إلى انتخاب رئيس المكتب السياسي، وهو نظام انتخابي أقره مجلس شورى الحركة، الذي صادق على التعديلات التي وردت فيه.
ويضمن هذا النظام منع التفرد بالقرار والحفاظ على البعد الشوري في الحركة، حيث حدد الصلاحيات الممنوحة للمستوى القيادي من رأس الهرم وفق القانون، والصلاحيات الممنوحة للشورى التي تقوم بدور رقابي حقيقي على عمل القيادة، وهذا ما يضمن استقرار الوضع الداخلي للحركة، حيث أن القرارات تُتخذ عبر مؤسسات وتتم المصادقة عليها، ما يجعل الجميع يتجند خلفها، سواء كان مع القرار أو ضده.
ويسير النظام الانتخابي في الحركة بشكل تصاعدي، حيث يبدأ بانتخاب قواعد حماس مجالس "شورية محلية" على مستوى الأحياء، والتي بدورها تنتخب مجالس "شورية كُبرى" على مستوى المحافظات (أو مناطق جغرافية معينة)، التي تنبثق عنها هيئات إدارية، وصولاً لانتخاب مجلس شورى عامٍ على مستوى كل إقليم، ثم رئيس الحركة في الإقليم.
كما تُنسّبُ قيادة كل إقليم في الحركة، عدداً من أعضائها لشغل عضوية "اللجنة التنفيذية"، وهي أعلى جهة قيادية، ويتزعمها رئيس المكتب السياسي للحركة.
كما فرض النظام الانتخابي للحركة تداولاً سلساً للقيادة ويمنع تولي أي موقع تنفيذي لدورتين متتاليتين.
من ناحية أخرى فإن النظام الداخلي للحركة يضمن تمثيل كل أبناء الحركة في مختلف أماكن تواجدهم في غزة والضفة والشتات والسجون، وذلك لضمان وتثبيت أن الحركة تمثل جميع أبناء الشعب ومتجذرة في أماكن تواجده كافة، كذلك ضمان مشاركة كل الساحات في اختيار قيادتها التي ترى أنها الأنسب لتحقيق أهداف الحركة المتمثلة في التحرر من المحتل.
وكان لافتاً أن القيادة المنتخبة الجديدة تقود الحركة في ظروف استثنائية واستطاعت أن تتقدم وتقود معارك عسكرية آخرها سيف القدس إلى جانب المعارك السياسية المستمرة التي تحاول أن تفرض فيها المصالح الفلسطينية، وإعادة القضية إلى صدارة المشهد العربي والدولي.