حين تكون مقاومًا حرًا طليقًا من الطبيعي أن تستشعر (إسرائيل) بوجود خطر عليها، لكن من غير المنطقي أن تفزع الأخيرة من رجل ستيني مكبل يقبع في زنزانة لا تتعدى المتر ونصف، تمامًا كما يحدث مع شيخ الأقصى رائد صلاح.
فمنذ منتصف أغسطس الماضي 2020، ودع الشيخ عائلته وأبناء بلدته ليلتحق بالسجن الفعلي مدة سبعة عشر شهرًا، بعدما قضى 11 شهرًا في حبسه المنزلي بقرار من محكمة الاحتلال الإسرائيلية.
ومنذ لحظة اعتقال الشيخ يتم حجزه في العزل الانفرادي سواء في سجن الجلمة أو سجن "أوهلي كيدار" في النقب (أكبر مركز احتجاز إسرائيلي)، ودومًا يسعى الاحتلال إلى تمديد عزل رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، للتضييق عليه والتنكيل به داخل سجنه بحجة أنه يشكل خطرًا.
داخل زنزانته يتعرض لمضايقات هدفها كسر شوكته وتمرير رسالة تعسفية لبقية الفلسطينيين، ومن أبرز المضايقات التي لايزال يتعرض لها منع الكتب والصحف عنه، بالإضافة إلى أن مكان سجنه بعيدًا مما يشكل مشقة على عائلته عند زيارته.
وتجدر الإشارة إلى أن محكمة الإسرائيلية بحيفا قضت في فبراير 2020، على صلاح بالسجن 28 شهرا؛ إثر اتهامه بـ "التحريض على العنف وتأييد جماعة محظورة"، في إشارة لجماعة الإخوان المسلمين التي حظرتها (إسرائيل) قبل أكثر من عامين.
ورغم محاولات التنغيص على الشيخ رائد في زنزانته، إلا أنه يتمتع بصحة جيدة ومعنوياته تشكل مدرسة للآخرين، ويحافظ على تنظيم أوقاته داخل السجن، ما بين العبادة والكتابة والإنتاج الغزير والأفكار الخلّاقة التي تخدم المجتمع الفلسطيني وتبحث عن حلول لأزماته.
وجميع فترات السجن التي تعرض لها الشيخ كانت تتم تحت ظروف قاسية في قسم العزل الانفرادي القاسي، لا لسبب إلا لإرواء نهم السلطات الإسرائيلية الانتقامي منه بسبب نشاطه المناهض لمخططاتهم العدوانية.
ورغم المطالب المستمرة من الجهات الحقوقية لتخفيف العقوبات على الشيخ داخل الزنانة، إلا أن (إسرائيل) تصم أذنها عن ذلك وتمضي في مواصلة تشديد الخناق عليه.
وبعد متابعة الوضع الصحي والنفسي للشيخ من طاقم الدفاع، ذكر أن قيام سلطات السجون الإسرائيلية بحبس "الرائد صلاح" في العزل الانفرادي يعتبر أحد أشكال التعذيب الذي تمارسه (إسرائيل) بحق الشيخ إضافة الى سياسات الخنق والتضييق، بهدف الاذلال والاهانة، التي تمارسها ضده وهو معزولاً في زنزانة انفرادية.
واعتبر فريق الدفاع أن ممارسة التعذيب مخالفاً للقانون الإسرائيلي نفسه وللقوانين والأعراف الدولية، بحيث يعتبر جريمة بحق الإنسانية ومساساً صارخاً بحقوق الشيخ الأسير التي تستمد من الكرامة المتأصلة للإنسان، وإن التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة يعد مخالفة واضحة للقانون الدولي ولميثاق مناهضة كل أشكال التعذيب الذي أقرته الشرعية الدولية.
وثبت لطاقم المحامين أنه خلال مرافقتهم القانونية للشيخ أن جهاز القضاء الإسرائيلي لم يعد يحمي حقوقه الأساسية والإنسانية من قمع وتسلط السلطات الرسمية، مؤكدين على أن الجهاز أصبح يتماهى بشكل كامل مع تطرف السلطات الإسرائيلية في ممارساتها ضد الشيخ.
وطالبوا سلطات الاحتلال الإسرائيلية بالتوقف عن ممارسة التعذيب بحق الشيخ واحترام إنسانيته وإخراجه من زنازين العزل وتحويله إلى القسم العام في أحد السجون القريبة من عائلته.
كما ناشد الفريق وعائلة الشيخ وكل من يدعمه، المؤسسات القانونية الدولية التدخل بشكل مباشر عند السلطات الإسرائيلية لمنع استمرار هذه الجريمة والمطالبة بزيارته في سجنه للاطلاع عن كثب على ظروف سجنه.