بعد ثلاثة شهور عادت الفرحة ودوت زغاريد المهنئين في بيت الشهيد البروفيسور جمال الزبدة، حين حصدت ابنته آخر العنقود "سارة" في الثانوية العامة معدل 95%.
دموع الفرحة غلبت جميع الحضور فهذه الصغيرة مدللة والدها تحدت وتفوقت لتعيد البهجة لعائلتها.
منذ صغرها تحصد سارة أعلى العلامات، وعدتها والدتها كبقية أشقائها أنها متميزة وترفع الرأس، لكن هذه المرة الظروف مختلفة، حيث باتت الأنظار تترقب ماذا ستفعل الصغيرة، هل ستتقدم لامتحانات الثانوية العامة بعد استشهاد شقيقها "أسامة" ووالدها "جمال"، لتكون إجابتها "نعم سأنهي امتحاناتي وأفرح قلب أمي، ووالدي الذي يعيش بروحه رفقتنا".
مع بداية العام الدراسي للثانوية العامة، لم يضغط والد سارة عليها لإنجاز ما عليها من دروس، بل كان يثق بتنظيمها للوقت والدراسة، فدوما تتذكره حين يعود من عمله يدخل غرفتها يقبل رأسها ويسألها عن دروسها، ويعدها حال حصلت على معدل عال سيهديها سيارة.
تحكي "للرسالة" أنها كانت تنظم وقتها، وما ساعدها على ذلك شقيقها الشهيد "أسامة" حين أعد لها جدولا تتبعه في مراجعة دروسها، وأي سؤال يصعب عليها في الفيزياء والرياضيات يشرحه لها، لكن ما تبقى من الأسئلة ظل معلقاً بعد استشهاده.
تقول بثقة وابتسامة المنتصر:" بقيت ستة أسابيع بعد استشهاد والدي وشقيقي دون دراسة بسبب العدوان وتنقلنا، لكن بعد ذلك قررت أن أمضي بدراستي كما خطط لي أسامة واتبعت خطته (..) قررت أن اتفوق ككل عام وأدخل الفرحة لعائلتي".
تصمت وتكمل: "حين فتحت الأجندة التي خط فيها أسامة برنامج دراستي كان صعباً علي، لكن بعد ذلك صممت على تنفيذ كل ما في الخطة وكأني ألبي طلبه في التفوق".
وتكمل وهي تمسك بيد والدتها: "استشهاد والدي وشقيقي كان حافزًا للاجتهاد، فالجميع ينتظر نجاح ابنة الدكتور جمال.
وفترة تقديمها للامتحانات كان أشقاؤها الشباب يتناوبون ليلاً لمساندتها وإكمال مراجعتها للدروس، بينما شقيقتها الوحيدة "سجى" كانت تحضر من حين لآخر عند محاولة الاستسلام التسلل لسارة فتصحبها بمشوار سريع لتحسين نفسيتها والعودة للدراسة بقوة.
وعن لحظة تلقيها خبر تفوقها ذكرت سارة أنها علمت عبر رسالة وصلتها عبر هاتفها المحمول، وبمجرد أن ذكرت النسبة هللت فرحا زوجة شقيقها الشهيد بالقول "أسامة حكالي النتيجة بالمنام بعد الفجر".
أما والدتها فقيت طيلة الوقت تنظر لابنتها الصغيرة بفخر، فهي التي أصرت على إعادة البهجة لقلوبهم وتقول: "رغم اعتيادي على تفوق أبنائي، إلا أن سارة أثلجت صدورنا فهي أدخلت الفرح لقلوبنا".
تقاطع سارة حديث والدتها وتقول: "بابا حاسس فينا وعايش معي فرحة النجاح، لم أشعر بالفقد".
وحين انتهت الطالبة المتفوقة من حديثها طلب منها التقاط صورة لها، فما كان منها إلا أن خرجت ثواني قليلة ثم عادت وهي تحمل صورة والدها ثم جهزت نفسها أمام الكاميرا.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا العام الدراسي الأصعب الذي مر علي طلبة الثانوية العامة لاسيما في قطاع غزة حيث أزمة كورونا التي ألزمتهم تلقي التعليم عن بعد، ومن ثم العدوان الأخيرة الذي سبق الامتحان النهائي بأسابيع قليلة.
وكالمعتاد تزينت محال الحلويات بالورود والبالونات استعدادا للاحتفال بطلبة الثانوية العام، عدا عن استعداد المتفوقين أنفسهم قبل النتيجة بيوم حيث علقوا الزينة واشتروا الحلويات لاستقبال المهنئين، فهذه فرحة يصر الغزيين احيائها كل عام.