للشهر الثالث على التوالي، وبعد انتهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في مايو المنصرم، تخضع المنحة القطرية لعملية ابتزاز كبيرة من الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية.
فمن ناحيته، يرفض الاحتلال اعتماد الآلية السابقة في إدخال الأموال لقطاع غزة، بينما تحاول السلطة الهيمنة على المنحة والتحكم بها عبر إدخالها من خلال البنوك التابعة لها في القطاع.
وحاول الاحتلال ابتزاز المقاومة بالمنحة القطرية وربطها بملف الإعمار وجنوده الأسرى، وهي معادلة استطاعت المقاومة كسرها، وإجباره على الموافقة لفصل المنحة والإعمار عن ملف صفقة الأسرى، إلا أن ألية إدخال الأموال ما زالت تخضع لابتزاز حقيقي.
الصحفي الإسرائيلي المختص في الشؤون العربية في صحيفة معاريف جاكي حوجي قال إن السفير القطري العمادي توصل إلى اتفاق مع السلطة الفلسطينية لاستئناف تمرير الأموال القطرية إلى قطاع غزة عبر رام الله.
وأضاف: "وقّع العمادي الاتفاق سرًا مع ممثل الرئيس عباس ووزير التنمية الاجتماعية في السلطة الفلسطينية أحمد مجدلاني، واتفق الجانبان على استمرار تمويل قطر لرواتب موظفي حكومة حمـاس (27 ألف موظف) بالإضافة إلى 100 ألف محتاج سيحصلون على 100 دولار وفقًا لقائمة أعدتها السلطة، وسيبقى سقف الدعم القطري 30 مليون دولار شهريًا.
وحول آليه تحويل الأموال، قالت اذاعة جيش الاحتلال إن قطر ستُحول المبالغ الممنوحة إلى البنوك التي تحددها السلطة الفلسطينية في غزة، والتي تتبع سلطة النقد الفلسطينية.
وبحسب الإذاعة العسكرية "الإسرائيلية": فإن الاتفاق الجديد مشابه تماما لسابقه: كلا الطرفين اتفق على استمرار دفع مرتبات موظفي الحكومة بغزة (27 الف)، كما سيستمر مئة ألف محتاج بتلقي مئة دولار لكل واحد منهم.
العملية ستتم على النحو التالي: قطر تحول الأموال إلى بنك في قطاع غزة تختاره السلطة الفلسطينية ويتبع جهازها المصرفي، وسيتم إصدار بطاقة ممغنطة لكل مستفيد، وفي كل شهر تقوم قطر بتحويل الأموال لنفس البنك ويستطيع المستحقون سحب مستحقاتهم من خلال البطاقة.
ومن جهة أخرى قال المراسل العسكري في معاريف "تال ليف رام " تؤكد مؤسسة الأمن إن هناك تقدمًا في القضية بين السلطة الفلسطينية وقطر، لكنها تدعي أن القضية ما زالت بعيدة عن الاتفاق النهائي، وبحسبهم لا بنوك ولا حل بشأن موظفي غزة والتفاهمات لا تزال جزئية، ولا توجد اتفاقيات موقعة كما لا يوجد مخطط تفصيلي متفق عليه.
ورغم الأنباء الواردة عن التوصل إلى صيغة إلا أن هذه الصيغة لن تكون مريحة بالنسبة لحركة حماس التي تقود قطاع غزة، لعدة أسباب:
أولاً: تسعى السلطة والاحتلال لتبهيت الانتصار الذي حققته المقاومة في غزة في معركة سيف القدس، والتي ظهرت السلطة فيها بوجهها الحقيقي طرفًا هامشيًا في المعركة، فاقدًا للشرعية والسيطرة على مجريات الأمور حيث أن كل مراحل المعركة حتى الوصول لوقف إطلاق النار جرى بعيداً عن السلطة.
ثانياً: تشكل السلطة الوجه الآخر للاحتلال في مسألة المنحة عبر رغبتها في زيادة الضغط على المقاومة والمواطنين في القطاع، كاستمرار لسياسة الحصار وتعميق الأزمة الإنسانية، وذلك لدفع الناس للكفر بالمقاومة. وهي سياسة انتهجتها والاحتلال معاً منذ العام 2006، لكنها أثبتت فشلها خاصة في المعركة الأخيرة حيث اصطف الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده خلف المقاومة.
ثالثا: تستغل السلطة المنحة القطرية لابتزاز حركة حماس واستخدامها كورقة ضغط إضافة إلى الأوراق الأخرى التي تتعلق بالجوانب المالية والإنسانية، وذلك استمراراً لسياسة تجفيف المنابع وخنق القطاع، وهذا ما يقلق حركة حماس التي تسعى بقوة إلى أن تجري عملية صرف المنحة للأسر الفقيرة في القطاع بعيداً عن عملية الابتزاز، ودون إخضاعها للتجاذبات السياسية الداخلية.
وتخشى حمـاس أن تستخدم السلطة الملايين أداة ضغط، عند نشوء توتر بينهما فتقوم بوقف المال أو تقتطع منه كما فعلت في الرواتب والمصاريف التشغيلية التي خفضتها بشكل كبير.
رابعاً: تتعامل السلطة مع قطاع غزة كمورد مهم للأموال فإلى جانب الضرائب والمنح التي تستولي عليها من القطاع، ترى أن العمولة التي ستخصمها من المنحة لصالح البنوك التابعة لها، توفر لها المزيد من الأموال التي تحصلها من القطاع، حيث سيتم خصم 1.5 دولار عمولة عن كل عملية صرف بغض النظر عن المبلغ، وهذا المبلغ جرى الاتفاق عليه للتخفيف عن المواطنين، حيث أن البنوك التابعة للسلطة تعتمد عمولة أعلى.
يذكر أن السلطة هاجمت بشدة المنحة القطرية في بدايتها عام 2018، واتهم مسؤولون فلسطينيون، قطر، بدعم خطط لانفصال قطاع غزة عبر تقديم الدعم المالي لقطاع غزة، في محاولة كذلك لتخريب الجهود لإتمام مصالحة، ووصفت السلطة في حينه تجاوز قطر للسلطة الفلسطينية، وإدخال الأموال بأنها طرق «المافيا» والمهربين.
في المقابل، خصصت قطر في حينه مبلغ 480 مليون دولار للسلطة الفلسطينية، لتتوقف عن مهاجمة دورها في غزة.