يستمر مسلسل الفلتان الأمني بالضفة والذي غالبًا ما يقف خلفه أشخاص متنفذون في السلطة، يُطيحون بمن ينافسهم على الحكم أو يعلو بصوته في مدن الضفة.
ولم تنته الضفة من قضية قتل أجهزة السلطة للمعارض السياسي نزار بنات، وما زال المواطنون يسمعون خبر مقتل أفراد واشتباكات في نابلس.
ولعل مدينة نابلس تكشف الوجه الحقيقي للصراع الخفي بين أجهزة السلطة وعناصر فتح "خصوصا المنتمين لكتائب شهداء الأقصى"، الذين تحاول السلطة ترويضهم منذ سنوات لإطفاء شعلة المقاومة.
رفض شعبي
وتأتي الاشتباكات المستمرة في مدن الضفة بين أشخاص يتبعون تنظيم حركة فتح وعناصر تتبع السلطة، ضمن حالة السخط على السلطة والرفض الكبير لوجود الأجهزة التي تتقن التنسيق الأمني.
ولعل استخدام حركة فتح للسلاح علنًا في الكثير من المشاكل الداخلية، دفع الكثير من الفئات للتفكير في اقتناء السلاح كوسيلة لإثبات الذات.
وتتمثل العقدة لدى الأجهزة الأمنية في محاولات الجماعات المسلحة والتي أغلبها كانت تشكّل صداعًا في رأس الاحتلال بداية انتفاضة الأقصى، فرض نفسها على الساحة وهو ما يزعج السلطة التي تتخوف من الانقلاب على عقيدة التنسيق الأمني.
ومنذ سنوات، يشهد مخيم بلاطة اشتباكات بين أجهزة الأمن الفلسطينية ومسلحين، وتقول جهات أمنية فلسطينية إنهم يحظون بدعم من رئيس التيار الإصلاحي بحركة فتح محمد دحلان المقيم في الإمارات.
ووفق مصدر في نابلس، رفض ذكر اسمه خوفًا من الملاحقات، أكد أن السلطة تتخوف من أي جماعة مسلحة تحمل توجهًا يخالف سياساتها أو يدعم محمد دحلان.
وقال المصدر إن السلطة تحاول بشكل مستمر جمع السلاح من المخيمات، "إلا أن الحالة المشكّلة حاليًا يصعب ملاحقتها بسبب طبيعة تكوين الجماعات المسلحة التي تتخفى في مخيمات الضفة".
وأوضح أن الملاحقات الأمنية تخلق حالة من الفلتان بسبب المطاردة والاشتباكات المسلحة والتخفي في أروقة المخيمات.
والعام الماضي أصدر رئيس السلطة محمود عباس، مرسومًا رئاسيًا غلّظ بموجبه العقوبة المفروضة على حيازة السلاح غير المرخص أو استعماله أو تصنيعه أو تهريبه، لا تقل في بعض الحالات عن خمس سنوات.
ويحاول دحلان نسج علاقات وتحالفات مع بعض المهمشين أو المختلفين مع السلطة، نظرًا لحضوره الضعيف، ويسعى لتنظيم بعض القوى بإمدادها بالأموال.
وفي مقال سابق تحت عنوان: "في مخيم بلاطة يجري الاستعداد لمعركة الخلافة في حركة فتح"، قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية، إنه منذ بداية فصل الخريف يعيش مخيم بلاطة على وقع حالة من الغليان بسبب رفع السلطة من وتيرة الاعتقالات في هذه المنطقة".
ووفق "لوموند" فإن 27 ألف شخص يعيشون في أقل من كيلومتر مربع واحد. "فكل توغل ينذر بتدهور الأوضاع بسبب عمليات تبادل إطلاق النار، وهو ما يتكرر بشكل منتظم، ويرد الشباب بإثارة الشغب في شوارع مدينة نابلس".
وأضافت "لوموند": "داخل الحزب الحاكم بالضفة حركة فتح، طفى على السطح من جديد صراع خافت بين القيادات وهو ما زاد من حدة الصراع وخصوصًا مع التنبؤ باقتراب نهاية حقبة عباس الذي يعاني من مشاكل صحية".