حازت زيارة وفد حركة حماس برئاسة إسماعيل هنية لطهران لحضور حلف تنصيب الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي اهتمامًا كبيرًا، بالنظر إلى دلالات التوقيت بالغة الأهمية.
وجاءت الزيارة على وقع التصعيد الذي تشهده المنطقة بين إيران والاحتلال الإسرائيلي وأميركا، بالإضافة إلى التصعيد في الجبهة الشمالية مع حزب الله، وجملة المتغيرات التي شهدتها القضية الفلسطينية الفترة الأخيرة أهمها معركة سيف القدس وانتصار المقاومة الذي أدى لتغيير استراتيجي وكسر حالة الردع الذي يحاول الاحتلال فرضها منذ سنوات.
الزيارة استعرضت أوضاع الشعب الفلسطيني، وآخر التطورات، خاصة نتائج معركة سيف القدس وآثارها الإيجابية على القضية الفلسطينية ومستقبلها، بينما أكد رئيسي استمرار الموقف الإيراني الداعم للشعب الفلسطيني ومقاومته.
علاقة حماس بطهران التي تغضب الكثير من دول المنطقة، خاصة الخليج، تعتبر هدفاً استراتيجياً للفصائل الفلسطينية المقاومة، كونها الطرف الوحيد الذي يحمل مشروعًا مناهضًا للمشروع الصهيوني في المنطقة العربية، والوحيدة التي تقدم الدعم المالي والعسكري للمقاومة الفلسطينية.
ففي الوقت الذي تهرول فيه دول عربية نحو التطبيع مع الاحتلال وتراجع مواقفها تجاه القضية الفلسطينية، ما تزال إيران تتمسك بدعمها لحقوق الشعب الفلسطيني ومقاومته.
وتحمل زيارة حماس لطهران عدة دلالات أهمها:
أولاً: توقيت الزيارة ربما كان العامل الأهم، فهي تأتي في ذروة التصعيد الإيراني ضد الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة، وفي أعقاب معركة سيف القدس، التي أظهرت المقاومة الفلسطينية فيها تطوراً كبيراً في قدراتها العسكرية، واستطاعت أن تكسر هيبة الاحتلال الذي خرج من المعركة بمعادلة المردوع.
وربما هذه النقطة الأهم التي تركزت عليها لقاءات وفد حماس في طهران، حيث قال الرئيس الإيراني لدى استقباله الوفد إن "عملية سيف القدس أظهرت تحولاً عظيماً في القتال ضد المحتلين"، معتبراً أن هذه المعركة من بوادر الانتصار العظيم لمحور المقاومة.
ثانياً: اهتمام القيادة الإيرانية الجديدة باستقبال قيادة المقاومة في غزة وخاصة حماس دليل على اهتمام الحكومة بالمقاومة وأهميتها بالنسبة لها، والتي جلست في الصف الأول وتقدمت على صفوف مندوبي دول كبرى، وهي إشارة تأكيد من إيران على أهمية المقاومة بالنسبة لها وأن العلاقة مع الفصائل الفلسطينية ودعمها هو أمر استراتيجي بالنسبة للجمهورية الإيرانية وأحد ركائز السياسة الخارجية لطهران.
ويعتبر الرئيس الإيراني الجديد، رئيسي من أهم الشخصيات الإيرانية التي تنحاز للشعب الفلسطيني، ومن الشخصيات التي تؤيد تعزيز المقاومة ومواجهة كل المخططات الإسرائيلية الهادفة للسيطرة على المنطقة، والتي تعتبر المقاومة الفلسطينية خط الدفاع الأول عن المنطقة كلها في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
ثالثاً: تسعى إيران إلى تعزيز علاقاتها بالمقاومة الفلسطينية والتواصل الدائم معها، لتشكيل جبهة لمواجهة المشروع الصهيوني في المنطقة، ورسم استراتيجية مواجهة شاملة تؤدي الى تحجيمه.
رابعاً: تفرض نتائج معركة سيف القدس التي أظهرت قدرات كبيرة للمقاومة على مواجهة الاحتلال وإيلامه، ضرورة زيادة الدعم العسكري وتعزيز القدرات لديها، وذلك ضمن سياسة توحيد الجبهات التي تسعى لتفعيلها إيران.
وتشير التوقعات إلى أن رئيسي سيعمل على زيادة الدعم العسكري للفصائل الفلسطينية على اعتبار أن المنطقة تشهد تحديات ومخططات للاحتلال الإسرائيلي تخوضها فصائل محور المقاومة.
خامساً: ترى إيران في المقاومة الفلسطينية حليفاً قوياً وقادراً على تطوير إمكانياته وقدراته باستمرار ما يعني أنه يشكل تهديداً كبيراً للاحتلال وقادر على إيلامه وهذه نقطة التقاء مع المقاومة الفلسطينية"، حيث باتت حماس لاعباً أساساً في المنطقة لا يمكن تجاهلها وتملك أوراق قوة وقدرة على قلب المعادلة في الأراضي الفلسطينية.