أعلن المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد سيطرة مسلحي الحركة على ولايات غور وهرات وقندهار وهلمند وبادغيس الليلة الماضية، ليرتفع بذلك عدد الولايات التي تقول طالبان إنها أصبحت تحت سيطرتها إلى 15.
وبثت طالبان صورا تظهر ما قالت إنها سيطرة مسلحيها على ولاية قندهار جنوب أفغانستان. في غضون ذلك، قال مصدر أمني أفغاني للجزيرة إن الحكومة ما تزال تسيطر على مطاري ولايتي قندهار وهرات وقاعدتي الجيش الأفغاني فيهما.
وتوقع مسؤول أميركي سقوط العاصمة الأفغانية كابل بيد مسلحي الحركة خلال شهر مع تواصل زحفها السريع نحو العاصمة.
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤول أميركي قوله إن السيطرة المحتملة لحركة طالبان على عاصمة ولاية "بلخ" ستؤدي إلى سقوط الحكومة الأفغانية الشهر المقبل، وأضافت أن سيناريو سقوط العاصمة الأفغانية خلال ثلاثين يوما يمكن تفاديه.
وكشفت الصحيفة عن مفاوضات تجريها واشنطن مع حركة طالبان لانتزاع ضمانات بعدم مهاجمة الحركة السفارةَ الأميركية في كابل، إذا ما اجتاحت العاصمة الأفغانية.
ونقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الإدارة الأميركية قلقة من أن يؤدي إخلاء سفارتها في كابل إلى تحفيز مغادرة البعثات الدبلوماسية الأخرى وغياب الدعم وبالتالي انهيار الحكومة.
وقالت "نيويورك تايمز" إن المبعوث الأميركي إلى أفغانستان زلماي خليل زاد عبر عن أمله في إقناع قادة طالبان بإبقاء السفارة الأميركية مفتوحة وآمنة.
وربط المبعوث الأميركي بقاء السفارة مفتوحا باستمرار تقديم المساعدات الأميركية للحكومة الأفغانية عندما تصبح الحركة جزءا منها في المستقبل.
نقل السفارة
في السياق، نقلت شبكة "سي إن إن" التلفزيونية الأميركية عن مسؤول أميركي ومصدرَيْن آخرَيْن قولهم إن الولايات المتحدة تدرس نقل سفارتها في كابل إلى مطار المدينة بهدف ضمان القدرة على إخراج الدبلوماسيين بشكل أسرع.
من جهته، أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) جون كيربي أن الوزارة سترسل نحو ثلاثة آلاف جندي أميركي إلى مطار كابل للمساعدة في تأمين مغادرة المدنيين من السفارة الأميركية هناك.
كما أعلن المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس أن الولايات المتحدة قررت خفض وجودها الدبلوماسي في العاصمة الأفغانية على ضوء الأوضاع الأمنية في البلاد.
وأشار برايس في مؤتمر صحفي، إلى أن وزيري الخارجيةِ أنتوني بلينكن والدفاع لويد أوستن، تحدثا الخميس مع الرئيس الأفغاني أشرف غني، للتنسيق بشأن خطط واشنطن لخفض وجودها الدبلوماسي في كابل، مشيرا إلى أن السفارة الأميركية لا تزال مفتوحة.
ووفق بيان للبنتاغون، فقد شدد الوزيران على أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بالحفاظ على علاقة دبلوماسية وأمنية قوية مع حكومة أفغانستان.
وأكد البيان أن الوزيرين أشارا إلى أنه سيتم تسريع إجراءات منح التأشيرات للأفغان المتعاونين مع القوات الأميركية في أفغانستان.
كما أفاد بيان للخارجية الأميركية أن بلينكن بحث هاتفيا مع نظيريه الكندي والألماني والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) خطة الولايات المتحدة لتقليص وجودها المدني في كابل في ضوء التطورات الأخيرة.
إجلاء الرعايا
وقد نقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن مصدر مطلع أن كندا تعتزم إرسال قوات خاصة إلى أفغانستان من أجل المساعدة في إخلاء سفارتها في العاصمة كابل قبل أغلاقها.
ونقلت الوكالة عن المصدر أن القوات الكندية الخاصة ستنتشر في أفغانستان حيث سيجري إجلاء الموظفين الكنديين في كابل والمتعاونين الأفغان قبل إغلاق السفارة الكندية.
يشار إلى أن كندا نشرت حوالي 40 ألف جندي في أفغانستان على مدار 13 عامًا، كجزء من مهمة الناتو قبل الانسحاب عام 2014.
في سياق متصل، أعلنت الحكومة الكندية إعادة توطين 800 أفغاني وعائلاتهم ممن عملوا كمعاونين للقوات الكندية في أفغانستان، وأنه يجري تسريع تنفيذ البرنامج الخاص لإعادة توطين بقية المتعاونين الموجودين في أفغانستان.
من ناحيتها، أعلنت الحكومة البريطانية أنها سترسل 600 عسكري إلى أفغانستان للمساعدة في إجلاء مواطنيها بعد تدهور الوضع الأمني هناك.
وقال وزير الدفاع البريطاني بن والاس إن العسكريين سيرسلون إلى أفغانستان لأمد قصير ردا على تصاعد العنف في البلاد، وأنه من المتوقع وصولهم خلال الأيام المقبلة.
انتقادات لبايدن
أفادت شبكة "سي إن إن" بأن نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأميركي، طلبت من إدارة الرئيس جو بايدن تقديم إحاطة بالمجلس بشأن الوضع في أفغانستان، بعد عودة المجلس للانعقاد في الـ23 من الشهر الجاري.
واتهم زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي ميتش ماكونيل إدارة بايدن بالجبن والضعف أمام حركة طالبان والاكتفاء بالتغريدات، على حد تعبيره.
وقال ماكونيل في بيان إن أفغانستان تتجه نحو كارثة هائلة بينما جهود الإدارة تنصبّ في اتجاه الدفاع عن ما وصفها بسياسة بايدن المتهورة.
ووصف ماكونيل جهود الإدارة بأنها تنصبّ على مناشدة من وصفهم بالمتطرفين الإسلاميين عدمَ استهداف سفارة واشنطن.
وشبّه زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي نصر طالبان المرتقب بأنه قد يكون أسوأ من سقوط مدينة سايغون الفيتنامية في يد الشيوعيين.
وطالب ماكونيل بايدن بتقديم الدعم الجوي للقوات الأفغانية. وحذر من أن القاعدة وطالبان ستحتفلان بالذكرى العشرين لهجمات الـ11 من سبتمبر/أيلول بإحراق السفارة الأميركية في كابل، وفق قوله.
مؤتمر الدوحة
وعلى صعيد التحركات الدبلوماسية، أكد المؤتمر الدولي بشأن أفغانستان والذي انعقد في الدوحة، أن المشاركين فيه لن يعترفوا بأي حكومة في أفغانستان يتم فرضها باستخدام القوة العسكرية.
وحث البيان الختامي طرفي التصعيد في أفغانستان على ضرورة وقف العنف واتخاذ خطوات لبناء الثقة وتسريع الجهود من أجل التوصل إلى تسوية سياسية باعتبارها مسألة ملحة.
وشدد البيان على أهمية العمل وفق المبادئ التوجيهية للتسوية التي يتقارب إزاءها الطرفان بخصوص آلية تقديم الحكومة واحترام القانون الدولي.
وعبر البيان عن مخاوفه من التقارير التي تتحدث عن تداعيات العنف الذي خلف أعدادا كبيرة من الضحايا ودمارا في البنية التحتية وحدوث عمليات قتل خارج القانون ما من شأنه جعل الصراع مستداما والمصالحة أكثر صعوبة.
وقد أفاد بيان للخارجية الأميركية أن الوزير أنتوني بلينكن أثنى خلال اتصال هاتفي بنظيره القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني على دور الدوحة في دعم جهود التوصل إلى تسوية تفاوضية عادلة ودائمة في أفغانستان.
وأضاف البيان أن بلينكن أعرب خلال اتصاله بنظيره القطري عن تقديره للشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
ضغوط أممية
وفي ذات الخصوص، وزعت كل من إستونيا والنرويج مشروع بيان على أعضاء مجلس الأمن الدولي، يحث حركة طالبان على وقف هجماتها في أنحاء أفغانستان فورا وإنهاء العنف.
ودعا مشروع البيان الحكومة الأفغانية وحركة طالبان إلى الانخراط دون تأخير في مفاوضات لتحقيق تقدم فوري ومستدام لتسوية سياسية شاملة وعادلة.
وأشار إلى أن الغياب الحالي لجهود حركة طالبان للحد من العنف وعدم بذل جهود لدفع المفاوضات إلى الأمام، سيؤثر سلبا على عملية مراجعة مجلس الأمن لقائمة العقوبات الدولية.
كما أكد مشروع البيان استعداد المجلس لفرض تدابير إضافية على المسؤولين عن انتهاكات أو تجاوزات حقوق الإنسان أو القانون الإنساني الدولي، والمتورطين في هجمات تستهدف المدنيين.
تحذير أوروبي
من جانبه، حذر الاتحاد الأوروبي حركة طالبان من أنها إذا سيطرت على السلطة بالقوة، فإنها ستواجه العزلة وعدم الاعتراف من قبل المجتمع الدولي.
ودعا التكتل الأوروبي، في بيانٍ صادر عن المفوض الأعلى للسياسية الخارجية، الحركة إلى الوقف الفوري لأعمال العنف واستئناف المفاوضات بشكل بناء وممنهج.
واعتبر البيان أن العمليات العسكرية لطالبان تتعارض بشكل مباشر مع التزاماتها بموجب اتفاق الدوحة. كما دعا الحكومة الأفغانية إلى تسوية الخلافات السياسية بين الأطراف المعنية بالأزمة وضمان تمثيلها في الحكومة.
بدوره، قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن أنطونيو غوتيريش يشعر بقلق بالغ إزاء التطورات في أفغانستان، بما في ذلك القتال في هرات وقندهار.
وأكد دوجاريك أن الأمم المتحدة لا تزال تأمل أن تؤدي المحادثات في الدوحة إلى تسوية تفاوضية للصراع في أفغانستان.
قرار عاجل وحاسم
من جهته دعا رئيس لجنة المصالحة الافغانية عبد الله عبد الله، مجلس الأمن الدولي إلى بحث قضية أفغانستان وتداعياتها الأمنية والإنسانية في اجتماعه الطارئ، واتخاذ قرار عاجل وحاسم لمعالجة أزمة البلاد.
وقال عبد الله إن الوضع في أفغانستان حرج وإن إنجازات الشعب الأفغاني في السنوات الأخيرة مهددة. وأضاف أن هجمات طالبان الأخيرة على المدن أسفرت عن قتل وجرح الآلاف ونزوح مئات الآلاف.
وفي مقابلة خاصة مع مراسلة الجزيرة في كابل، قال وزير الداخلية الأفغاني عبد الستار ميرزاكول إن الحكومة تعمل وفق ثلاث مراحل لاستعادة المناطق التي سيطرت عليها حركة طالبان.
ودعا ميرزاكول حركة طالبان لوقف العنف والجلوس مع السلطات الأفغانية للعمل على إنشاء حكومة تحالف مقبولة من الجميع.
في المقابل، أكد الناطق باسم المكتب السياسي لحركة طالبان وعضو وفد الحركة في مفاوضات الدوحة أن الحركة لن تفرض أي شيء بالقوة على الشعب الأفغاني، مشيرا خلال مقابلة للجزيرة إلى أن معظم الولايات تنضم طواعية لصفوف الحركة.
وأضاف نعيم أن الحركة حريصة على علاقات متوازنة مع جميع الدول مشددا على أن باب الحل السياسي لا يزال مفتوحا.
المصدر : الجزيرة + وكالات