أعلنت بولندا، اليوم الإثنين، الإبقاء على سفيرها لدى دولة الاحتلال، مارك ماغيروفسكي، في وارسو وعدم عودته لتل أبيب "حتى إشعار آخر"، في تصاعد للأزمة الدبلوماسية بينهما بعد إقرار بولندا "قانون الملكية" الذي يتيح للسلطات استعادة أملاك متنازع عليها منذ الحرب العالمية الثانية.
أوضحت الخارجية البولندية، في بيان صدر عنها اليوم، أن بولندا ستتخذ خلال الأيام القليلة المقبلة قرارا بشأن مستوى تمثيلها في إسرائيل، وذلك "ردًا على الإجراءات الإسرائيلية غير المبررة الأخيرة، بما في ذلك القرار الذي لا أساس له لخفض العلاقات الدبلوماسية مع بولندا".
هذا وأعلن نائب وزير الخارجية البولندي، باول يابلونسكي، أن بلاده تدرس وقف الرحلات التي تنظمها تل أبيب للشبان الإسرائيليين لزيارة مواقع مرتبطة بالمحرقة في بولندا، معتبرا أنها "تقطر بالكراهية لبولندا".
وأضاف يابلونسكي في مقابلة أجراها مع موقع "كارسي" المحلي أن رحلات الوفود الإسرائيلية "لا تتم بشكل سليم، وفي بعض الأحيان تغرس كراهية بولندا في رؤوس الشبان الإسرائيليين".
وتابع "نحن نتعامل مع معاداة البولنديين في دولة الاحتلال الإسرائيلي. هناك أسباب عديدة لهذا الوضع - إحداها طريقة التعليم والتربية. هذه الدعاية القائمة على كراهية بولندا، تقطر في رؤوس طلاب المدراس في إسرائيل".
وأوضح يابلونسكي أن "هناك عددا كبيرا من الرحلات المدرسية من دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى بولندا"، واستدرك: "سننظر في هذه المسألة ونتخذ القرارات الصحيحة. الطريقة التي تجري بها هذه الرحلات هي بالتأكيد ليست الطريقة الصحيحة".
وشدد نائب وزير الخارجية البولندي على أن حكومته ستتخذ في الأيام المقبلة قرارات إضافية تتعلق بإسرائيل.
ومساء الأحد، عادت المسؤولة عن السفارة الإسرائيلية في وارسو تال بن آري، إلى تل أبيب، بعدما استدعتها خارجية بلادها للتشاور، وذلك بعد أن أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد، السبت، أنه أوعز لبن آري بـ"العودة على الفور إلى إسرائيل لإجراء مشاورات إلى أجل غير مسمى".
وقال لبيد إن السفير الإسرائيلي الجديد الذي كان من المقرر أن يسافر إلى بولندا، لن يفعل ذلك خلال الوقت الراهن، مضيفا أن وزارته "ستوصي السفير البولندي في إسرائيل بمواصلة إجازته في بلاده".
من جانبه، قال رئيس حكومة الاحتلال، نفتالي بينيت، إن "إسرائيل تنظر بخطورة لإقرار القانون البولندي الذي يمنع يهودا من الحصول على تعويضات على ممتلكات قد نهبت منهم إبان الهولوكوست وهي تأسف لأن بولندا اختارت مواصلة الأذى بأولئك الذين فقدوا كل عالمهم".
وأشار بينيت، في بيان صدر عن مكتبه، إلى أن دلة الاحتلال تنظر بخطورة إلى هذه الخطوة ولا تستطيع تجاهلها، هكذا قرار معيب وازدراء مشين لذكرى الهولوكوست".
وجاءت تصريحات لبيد وبينيت بعد ساعات قليلة من توقيع رئيس بولندا أندريه دودا، على القانون الذي تقول تل أبيب إنه يقيد حصول الناجينمن معسكرات الإبادة في بولندا خلال المحرقة النازية، على تعويضات مقابل ممتلكاتهم التي سلبت إبان الحرب العالمية الثانية.
في هذا السياق، انتقد مسؤولون في الجالية اليهودية في بولندا حكومة الاحلتال واتهموها بافتعال أزمة حول المصادقة على قانون الأملاك البولندي من دون وجود سبب لها، وأن من شأن الأزمة التي تفتعلها إسرائيل أن يؤدي إلى تصاعد معاداة السامية، وأشاروا إلى وجود إجماع بولندي واسع حول القانون الذي لا يستهدف اليهود.
وهذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها العلاقات بين البلدين توترا بسبب المحرقة النازية التي تنفي وارسو أية صلة تربطها بها، وترفض بشدة مصطلح "معسكرات الموت البولندية".
وفي شباط/ فبراير 2018 صوت البرلمان في وارسو على قانون يجرم اتهام بولندا بالمسؤولية عن الجرائم التي ارتكبها النازيون على أراضيها بعد اجتياحها عام 1939. وأثار القرار موجة غضب في إسرائيل، ووصف رئيس حكومتها آنذاك، بنيامين نتنياهو، بأنه "محاولة لنكران المحرقة وإعادة كتابة التاريخ".
المصدر: عرب 47