قائد الطوفان قائد الطوفان

بعد جنين.. طوباس تدخل على خط النار

جيب.jpg
جيب.jpg

الرسالة- محمود فودة

كان يظن الاحتلال أن المهمة الصعبة تكمن في اقتحام مدينة جنين شمالي الضفة الغربية فقط، إلى أن تغيرت الفكرة بتعرض قواته إلى إطلاق نار مباشر من مقاومين فلسطينيين في مدينة طوباس نهاية الأسبوع، لتضاف إلى سلسلة المدن التي باتت خطوطاً حمراء، على الإسرائيلي تجنبها.

ولم يلبث الاحتلال أن أفاق من كابوس جنين التي يحسب لها ألف حساب قبل دخولها لأي سبب كان، حتى جاءت جارتها طوباس لتزيد الطين بلة، بينما الهاجس الأكبر يتمثل في امتداد نموذج جنين لكل محافظات الضفة، بالتزامن مع ارتفاع وتيرة المقاومة الشعبية، لا سيما في مناطق الاحتكاك وتغول الاستيطان.

وفي تفاصيل الموقف الميداني، قالت مصادر محلية من مدينة طوباس لـ"الرسالة" إن قوات الاحتلال اقتحمت المدينة، وخلال تخريبها لمنازل المواطنين بحثًا عن مطلوبين لديها، تعرضت القوة لإطلاق نار مباشر من قبل مقاومين فلسطينيين.

وأضافت المصادر ذاتها أن الاحتلال رد على مصدر نيران أطلقت عليه، قبل أن يجمع القوة في المركبات وينسحب إلى خارج المنطقة، وخلال انسحابه تعرضت القوة الإسرائيلية إلى وابل من زجاجات المولوتوف الحارقة، التي أدت لاشتعال النيران بشكل جزئي في مركباتها.

وأشارت إلى أنه نتيجة للإرباك الذي أصاب القوة الإسرائيلية المقتحمة، اصطدمت ناقلة جنود بجدار خلال محاولتها الهروب من زجاجة مولوتوف حارقة، ما أدى إلى انقلابها، وبرغم ذلك إلا أن الاحتلال أعلن عدم تسجيل إصابات بشرية في صفوفه.

ولم تفلح قوات الاحتلال بإيذاء المقاومين، ما دفعها إلى نصب حاجز عسكري على مدخل مدرسة تياسير الثانوية، حيث منعت الطلاب من الوصول إلى مدرستهم، ووجهت البنادق نحوهم، واحتجزت عدداً من المعلمين، ما أدى إلى تحول مدخل المدرسة إلى مواجهات بين الطلاب وجنود الاحتلال، أسفر عن وقوع إصابات.

وبغض النظر عن الخسائر الملموسة التي اعتاد الاحتلال إخفاءها، إلا أن أهمية الحدث تكمن في تكرار نموذج جنين في المقاومة المسلحة، وعدم القبول بالواقع الذي يحاول الاحتلال فرضه، بافتحام المدن وقتما شاء، لاعتقال النشطاء وهذا ما لم تتوقعه دوائر الاستخبارات الإسرائيلية أن يحدث، في ظل حالة التنسيق الأمني الدائم مع أجهزة سلطة حركة فتح.

وبين هذا وذاك، لا بد من الإشارة إلى أن مشاهد التصدي لقوات الاحتلال تغيب عنه أجهزة أمن السلطة، بيد أن ذلك لا يعني رضاها عما يجري، بل قد تكون في إطار المتابعة والملاحقة للمقاومين، وهذا ما ستظهر آثاره لاحقًا باحتمالية وصول الاحتلال للمجموعات المسلحة، كما جرت العادة بتسليم السلطة لخلايا المقاومة منذ اتفاق أوسلو.

يجدر الإشارة الى أن السلطة أرسلت سيارات الدفاع المدني التابعة لها لإطفاء الحرائق التي اشتعلت في المناطق المحتلة، في حين لم تجد السلطة كلمة عزاء تطفئ فيها نار أمهات شهداء الفجر الأربعة الذين استشهدوا على يد الاحتلال الإسرائيلي في جنين، قبل إطفاء نار (إسرائيل).

ولاقت أحداث طوباس كما جنين اهتماماً بالغًا لدى الصحافة الإسرائيلية، وفي التعقيب على ذلك كتب جاك خوري محرر الشؤون العربية في هآرتس العبرية: "صورة من طوباس، مواجهات شديدة ومهاجمة لمركبة عسكرية، كل دخول لقرية أو مدينة بات فرصة للمواجهة، منذ يومين في جنين واليوم في طوباس، حتى الآن الأحداث في نقاط محددة، ولم يبلغ عن إصابات".

أما قناة كان الإخبارية فكتبت: "هذه ليست المرّة الأولى التي تقع فيها مواجهات في طوباس خلال اقتحامات جيش الاحتلال الإسرائيلي للمدينة، ولكن قد تكون مواجهات جنين الماضية وضعت ظاهرة مواجهة الاحتلال في عين الاهتمام".

وفي التعقيب على ذلك، يقول الكاتب والمحلل السياسي ياسين عز الدين إن منطقة شمال الضفة كانت أحد أسخن المناطق خلال انتفاضة الأقصى ووقعت فيها أعنف المواجهات وانطلق منها عدد من أبرز الخلايا العسكرية، ووقعت فيها أعنف المعارك خلال اجتياحات عام 2002م وخصوصًا في مخيم جنين والبلدة القديمة في نابلس.

وأضاف في حديث مع "الرسالة" أنه بعد أحداث الانقسام تراجع العمل المقاوم فيها بشكل كبير نتيجة قيام فتح بالهيمنة على العمل العام فيها كما أن قلة تواجد الاستيطان الصهيوني فيها كانت عوامل ساهمت بتهدئة المنطقة بالأخص جنين، حتى أن مشاركة شمال الضفة في انتفاضة القدس عام 2015 كانت محدودة عكس مناطق الوسط والجنوب.

وأشار ياسين إلى أن ما نشهده منذ عدة أسابيع وتحديدًا بعد معركة سيف القدس هو عودة قوية للعمل المقاوم واستعادة شمال الضفة الغربية لدورها الريادي في مقاومة الاحتلال، فظاهرة المقاومة الشعبية في بيتا امتدت لتشمل كل مناطق جنوبي نابلس، فيما عادت المجموعات المسلحة للعمل بقوة أكبر في مخيم جنين تحديدًا، واليوم نرى الامتداد إلى محافظة طوباس المجاورة.

ويرى في تقديره أن هذا التمدد في الأحداث أخطر على الاحتلال من انتفاضة القدس على المدى البعيد لأننا لا نتكلم عن عمليات فردية بل أشكالًا أكثر تنظيمًا وهي قادرة على الاستمرار لفترات أطول.

 

البث المباشر