تكثّف سلطات الاحتلال الإسرائيلي من مشاريعها التهويدية التي تستهدف المسجد الأقصى منذ احتلاله ومحاولة إحراقه قبل52 عامًا؛ في سعي لإقامة الهيكل المزعوم وتغيير معالم المدينة المقدسة.
وفي الحادي والعشرين من أغسطس عام 1969، اقتحم يهودي متطرف أسترالي الجنسية يدعى مايكل دينيس المسجد الأقصى، وأشعل النيران عمداً في الجناح الشرقي للمسجد الأقصى المبارك، فأتت على واجهات المسجد وسقفه وسجاده وزخارفه النادرة وكل محتوياته من المصاحف والأثاث، وتضرر البناء بشكل كبير، ما تطلب سنوات لإعادة ترميمه وزخرفته كما كان.
ورغم إخماد النيران التي اشتغلت حينها؛ إلا أن مشاريع الاستيطان والتهويد في مدينة القدس لم تتوقف وتتسارع وتيرتها على مدار العشرات سنوات الماضية إلى يومنا هذا لتحويلها إلى مدينة يهودية المعالم لإثبات ادعاءاتها الكاذبة حول هيكل سليمان.
ومن المهم ذكره أن أبرز وأكبر المشاريع التهويدية التي نفذها الاحتلال لتهويد المدينة بشكل كامل هو مشروع القدس الكبرى والقائم على توسيع حدود المدينة على حساب القرى والمدن الفلسطينية، ومشروع جدار الفصل العنصري حول مدينة القدس، ومشروع الخارطة الهيكلية للطريق الذي جرى بموجبه توحيد القدس الشرقية والغربية تحت السيادة الإسرائيلية وهيمنتها وزيادة عدد السكان اليهود في المدينة بنسبة تزيد عن النصف.
ولعل من أخطر المشاريع ما يسمى بالقطار السريع الذي يربط "تل أبيب" بغربي القدس، ويشمل مسار القطار شريطًا يمتد تحت عشرات المنازل في حي وادي حلوة في سلوان.
وفي محيط المسجد الأقصى المبارك توجد ثمانية مشاريع تهويدية منها ما هو في طور البناء وأخرى في طور التخطيط، وتشمل بنايات ومسارات تلمودية فوق الأرض وحفريات أسفلها، لتكوّن مجتمعة رواية الاحتلال التوراتية.
إلى جانب ذلك، أقامت سلطات الاحتلال في محيط المسجد الأقصى وفي البلدة القديمة، أكثر من 100 كنيس يهودي، بعضها صغير وبعضها الآخر ضخم.
مواصلة التهويد
ويرى الباحث المختص في الآثار الإسلامية في فلسطين د. عبد الرازق متاني إنه رغم مرور 52 عاماً على إخماد الحريق؛ فإنه ما زال مشتعلاً في المسجد الأقصى والقدس في ظل استمرار عمليات التهويد التي انطلقت من حارة المغاربة الملاصقة للمسجد الأقصى في الأيام الأولى لاحتلال المدينة، وما زالت عمليات التهويد تتركز في هذه الحارة لقربها ومكانها الاستراتيجي من أولى القبلتين.
ويؤكد متاني في حديث صحفي، أن "إسرائيل" لا تعبأ بالآثار والمقدسات الإسلامية فقط وإنما ما يتم في القدس هو محاولة لفرض أمر واقع تهويدي، مشيراً إلى أن السجلات والوثائق والدراسات تؤكد أن مخططات التهويد بدأت مبكراً واستفادت "إسرائيل" من الجمعيات الاستكشافية البريطانية التي درست تضاريس القدس وتاريخها مبكراً.
و"بعد احتلال المدينة دُمرت حارة المغاربة فوراً وبدأت وزارة الأديان الإسرائيلية بتفريغ الأتربة من البنايات الواقعة أسفل الأرض والملاصقة والملامسة لجدران الأقصى في الجهة الغربية تحديدًا، وحوّلت المباني إلى كنس وصممت هذه الأماكن حسب السردية الصهيونية".
ولم يقتصر التهويد أسفل الأرض على تفريغ أتربة مبان أثرية؛ بل استمرت الحفريات -وفقاً للباحث متاني- على مدار 10 أعوام في منطقة القصور الأموية، وامتدت أسفل بلدة سلوان (جارة الأقصى) برعاية جمعية إلعاد الاستيطانية التي تسعى والأذرع الاستيطانية الأخرى لتهويد محيط الأقصى ضمن ما تطلق عليه اسم "الحوض المقدس".
وتشمل مشاريع هذا الحوض بناء الحدائق حول أسوار القدس وبؤر استيطانية سياحية في أماكن مختلفة من المدينة.
وأشار متاني إلى أن الحديث يجري عن مخطط شامل تدفع من خلاله المؤسسة الإسرائيلية مئات ملايين الدولارات من أجل تحقيق الرواية على أرض الواقع.
ولم يغفل الباحث التطرق إلى التسارع في بناء الكنس والمرافق اليهودية الشاهقة حول الأقصى رغم أنه -حسب القانون الدولي والسياسة التي وضعها الانتداب البريطاني- يجب ألا تضاهي المباني التي يتم تشييدها ارتفاع سور القدس التاريخي، لكن تم تجاهل ذلك.
ومؤخرا أعلنت سلطات الاحتلال عن واحد من أكبر المشاريع التهويدية شراسة وخطورة على القدس يحمل اسم مخطط (مركز المدينة) وهو يعد من المشاريع التهويدية الخطيرة على القدس والمسجد الأقصى.
وحسب المعلومات المتوفرة على المشروع التهويدي الجديد؛ فإن هذا المخطط يقع على مساحة (689) دونماً في المنطقة الممتدة بين كل من شارع عثمان بن عفان من الشمال، وشارع المقدسي شرقاً، وشارع السلطان سليمان جنوباً، ومنطقة المصرارة غرباً، وأجزاء من حي وادي الجوز والشيخ جراح، وباب الساهرة.