تمتلك أفغانستان ثروات طبيعية هامة، على غرار النحاس والرخام والأحجار الكريمة، ومعادن أخرى يمكن استغلالها لأغراض تكنولوجية.
وتقول الكاتبة مارغاريتا أريدونداس، في تقرير نشرته صحيفة "أتلايار" (atalayar) الإسبانية، إن الأرض الأفغانية تقبع تحتها موارد طبيعية ذات قيمة عالية جدا، مثل الحديد والنحاس والكروم والزنك والرصاص والرخام.
وهنالك أيضا كميات هامة من الأحجار الكريمة والمواد التي تدخل في تصنيع معدات التكنولوجيا، مثل الليثيوم والكوبلت، إلى جانب وجود احتياطات من النفط والغاز الطبيعي في شمال البلاد.
ثروات طبيعية وشعب فقير
وفي العام 2020، أكدت التقارير أن 90% من الشعب الأفغاني يعيشون تحت خط الفقر. وفي تقرير حديث صدر عن البنك الدولي، تم توصيف الاقتصاد الأفغاني بأنه "هش ويعتمد على المساعدات"، إلا أن الثروات الطبيعية التي تتمتع بها البلاد يمكن أن تدفع الاقتصاد للتطور وبالتالي تحسين ظروف عيش السكان، بحسب الكاتبة.
وتشير الكاتبة إلى أن علماء الجيولوجيا والعسكريين الأميركيين كشفوا في العام 2010 أن قيمة هذه الثروات الأفغانية يمكن أن تصل إلى تريليون دولار.
كما قدر تقرير حكومي أفغاني آخر صدر في العام 2017 أن قيمة الثروات المعدنية، بما فيها الطاقة الأحفورية، تصل إلى 3 تريليونات دولار. وفي 2010 قال الرئيس الأسبق حامد كرزاي "إن بلدنا يمكن أن يصبح أغنى إذا ساعدتمونا على استغلال الثروات".
وتذكر الكاتبة أن سمعة أفغانستان كبلد غني بالثروات الطبيعية ليست بالأمر الجديد، فقد أكدت وسائل إعلام روسية أن أولى عمليات الاستكشاف تمت في القرن الـ19، وبحلول العام 1930 تم تسجيل وجود 571 موقعا للتنقيب. وقد شاركت القوات السوفياتية في هذه الأبحاث، واكتشفت حقلا للنحاس عالي الجودة في منطقة أيناك.
سنوات طويلة من الحرب
لكن رغم هذه المخزونات الثمينة -تقول الكاتبة- ظلت أفغانستان ترزح تحت سنوات طويلة من الحرب وعدم الاستقرار، مما عرقل الاستخراج الفعال والمكثف لهذه المعادن. إضافة إلى ذلك، فإن الخلافات حول التصرف في هذه الثروات أدى لتعميق الانقسامات الداخلية.
وقد حذر تقرير أممي من أن "الصراعات حول إدارة الموارد الطبيعية مثل الأراضي الزراعية والمياه والغابات والمعادن والمخدرات، فاقمت الاقتتال في أفغانستان وكرست الانقسامات العرقية والسياسية والجهوية القائمة"، وفق الكاتبة.
في المقابل، تقول الكاتبة إذا تمكنت أفغانستان من تحقيق الاستقرار وشرعت في الاستغلال المنظم لهذه الثروات، فإنها قد تصبح واحدا من أغنى البلدان في المنطقة في غضون عشرية واحدة، بحسب تأكيدات عالم الجيولوجيا الأميركي سعيد ميرزاد في حوار له مع مجلة ساينس عام 2010.
الصين لاعب أساسي
و تشير الكاتبة إلى أن المشاكل الأمنية وضعف البنية التحتية عرقل الاستخراج الفعال لهذه الموارد، والمستقبل المجهول منذ تولي طالبان السلطة قد يبعد العديد من الدول عن الاستثمار في البلاد في غياب الإطار القانوني والأمني، إلا أن بعض الدول تطمح بشدة للسيطرة على موارد أفغانستان بعد رحيل قوات حلف شمال الأطلسي.
والصين بالتحديد تلعب دورا مهما في هذا السباق، بما أنها أكبر مستثمر في أفغانستان، وقد بدأت في 2008 استغلال منجم النحاس في منطقة أيناك التي تبعد 35 كيلومترا عن العاصمة كابل.
كما كانت بكين تقيم محادثات مع طالبان حتى قبل سيطرتها على العاصمة، وكان الهدف هو الوصول للمناجم بعد إمساكها بالحكم، بحسب الكاتبة.
وتسعى الصين للسيطرة على مناطق غير مكتشفة، تضم الليثيوم ومواد أخرى نادرة، ونجاحها في الأمر سيكون مفيدا لها في سباقها مع الولايات المتحدة وأوروبا، حيث إن الصين تنتج الآن حوالي 40% من النحاس في العالم، و60% من الليثيوم وأكثر من 80% من الأتربة النادرة، بحسب بيانات الوكالة الدولية للطاقة، وفق ما تذكر الكاتبة.
وتقول الكاتبة "لتعزيز حضورها الاقتصادي في أفغانستان، سارعت الصين للترحيب بدخول طالبان للعاصمة". وصرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية بأن "الصين مستعدة لتطوير علاقات صداقة وتعاون مع أفغانستان ولعب دور بناء". ومن اللافت أن الصين حافظت على علاقات وثيقة مع هذه الحركة منذ تأسيسها عام 1996 وحتى بعد الغزو الأميركي في 2001.
في المقابل رحب القيادي عبد الغني برادر بتصريحات الجانب الصيني، معربا عن انتظاره أن تلعب بكين دورا حيويا في الإعمار والتنمية الاقتصادية في المستقبل.
وتشير الكاتبة إلى أن مادة الليثيوم الموجودة في هذا البلد، تدخل في تصنيع السيارات الكهربائية والهواتف الجوالة والحواسيب المحمولة.
وبحسب الوكالة الدولية للطاقة، تمتلك الصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأستراليا 75% من إنتاج الليثيوم والكوبلت في العالم.
باكستان قد تشرع في الاستثمار في مناجم أفغانستان
تقول الكاتبة في تقريرها إن باكستان هي الأخرى قد تشرع في الاستثمار في مناجم أفغانستان، خاصة أنها تقيم علاقات مع طالبان منذ العام 1996، وقد حافظت على العلاقات معها حتى بعد الغزو الأميركي.
روسيا تتحرك لاستعادة نفوذها في أفغانستان
في المقابل، من المتوقع أن تتحرك روسيا لاستعادة نفوذها القديم في أفغانستان. فهي رغم تصنيفها لطالبان حركة إرهابية منذ العام 2003، نظمت محادثات بين الحركة والقوى المعارضة لها، تذكر الكاتبة.
وتنقل الكاتبة أن فلاديمير دزاباروف، نائب رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس شيوخ الكرملين صرح بأن بلده سينتظر قليلا قبل الاعتراف بحكم طالبان. وقال "إذا رأينا أنهم يضمنون الأمن وتحسين حياة المواطنين عندها سيكون هناك تطبيع علاقات".
يذكر أن موسكو خلال فترة الاتحاد السوفياتي شرعت فعليا في استخراج الكروم واليورانيوم وأحجار الزمرد والهيدروكربون. كما كانت تحصل على النفط الأفغاني خلال ستينيات القرن الماضي.
كابل.. فرص اقتصادية متاحة
وأمام هذا التسابق نحو الفرص الجديدة في أفغانستان، سيتوجب على أوروبا والولايات المتحدة اتخاذ قرارات سريعة حيال التطورات التي تشهدها كابل والفرص الاقتصادية المتاحة لها، والاختيار بين الجلوس ومشاهدة بقية الدول تقتسم كعكة الثروات الأفغانية، أو إقامة علاقات اقتصادية مع طالبان، مما سيعرضها للانتقاد الشعبي والغضب بشأن التزامها بحقوق الإنسان.
المصدر : أتلايار