"طالما أننا لا نعطيهم حقوقهم، سيهاجموننا، مخطئ من يعتقد بأن مشـروع المقاومة في غــزة سينتهي ذات يوم"، هكذا لخصت القناة 13 العبرية المشهد في قطاع غزة، عقب أحداث التصعيد الأخيرة. وتؤكد المعطيات أن الاحتلال بات يقرأ المشهد في غزة جيداً ويعترف بضرورة رفع الحصار ومنح الغزيين حقوقهم، لكن حكومتهم لا تزال مصرة على ابتزاز المقاومة.
مشهد السلك الفاصل الذي يتمركز فيه جنود مدججون بالسلاح خلف جدار، يحتمون به ويطلقون النار من فتحات صغيرة، هي "فضيحة كبرى" لدولة نووية تختبئ خلف جدران من شبان عزل.
شرع الاحتلال في بناء الجدار عام 2016 كأحد استخلاصات ودروس العدوان على غزة عام 2014، حيث شكلت الأنفاق تحدياً خطيراً للاحتلال وتمكنت المقاومة من تنفيذ عمليات نوعية صدمت الاحتلال والعالم أبرزها "ناحل عوز".
بناء الجدار "العائق الأرضي" حول قطاع غزة كلف حكومة الاحتلال 3.3 مليار شيكل وانتهى العمل به في العام (2019)، لكن الجدار تحول إلى أضحوكة السبت الماضي بعدما تمكن شاب من إطلاق النار من الفتحة الصغيرة فيه وأصاب جندياً في الرأس.
هذه الحادثة دفعت الاحتلال للحديث عن أن عواقبها ستكون وخيمة، بسبب تداعياتها على المُستقبل، وهذا ما يحاول الاحتلال تفاديه عبر إجراء تعديلات على الجدار.
وكشف موقع "واللا" العبري أن جيش الاحتلال بدأ نشاطاً هندسياً لتغيير السياج الحدودي لقطاع غزة، وذلك بهدف إنشاء جدار جديد يجعل من الصعب على الفلسطينيين الاقتراب من جنوده.
وقرر جيش الاحتلال أيضاً السماح لقناصي جيش الاحتلال إطلاق النار على مسلحين فلسطينيين من مسافات بعيدة وليس عند اقترابهم من السلك الفاصل كما حدث السبت.
ما جرى على الحدود كان أحد السيناريوهات التي وضعها الاحتلال، حيث شكك خبراء عسكريون في نجاحه في حماية أمن الاحتلال، حيث قال يوسي لنغوتسكي، المستشار السابق لرئيس هيئة الأركان الإسرائيلية لشؤون مكافحة الأنفاق في حينه "بناء الجدار أكبر دليل على فشل الأجهزة الأمنية على مدار 15 عامًا في التغلب على تحدي الأنفاق".
وأكد بناء الجدار أن المقاومة تمكنت من المحافظة على معادلة الردع التي وفرتها الأنفاق الهجومية، وعزز مكانتها الإستراتيجية في أي مواجهة قادمة مع الاحتلال، وكما حد من احتمالات شن عدوان على غزة، خاصة برياً تجنبًا لتكلفته الباهظة.
وشكل حدث السبت الماضي اختباراً مهماً أمام جدار الاحتلال، وكانت نتائجه صفرية، خاصة أنه وضع الجنود خلفه وبالتالي دفع الشباب الفلسطيني ليكونوا أكثر جرأة في الاقتراب من الحد الفاصل، والاشتباك مع الجنود من مسافة صفر.
الاختبار الآخر كان خلال عدوان الاحتلال على غزة مايو المنصرم، حيث لم يكن له أي دور في المعركة خاصة أن الاحتلال تجنب الدخول البري.
الاختبار الثالث تمثل في تفعيل المقاومة للأدوات الخشنة خلال الفترة الأخيرة، مثل البالونات الحارقة وفعاليات الارباك الليلي، وهي أدوات تحييد التفوق النوعي للاحتلال بما فيها الجدار.
يوآف ليمور من صحيفة "اسرائيل اليوم" قال إن هذا فشل تكتيكي عميق، انتهى بإصابة جندي بجروح قاتلة، وكان من الممكن أن ينتهي بعواقب أسوأ بكثير.
وأكد أن المظاهرات على السلك الفاصل ليست شيئًا جديدًا، في عام 2018 دفع "جيش الاحتلال" أموالاً باهظة لتطوير أساليب للتعامل معها، والآن يسجل “الجيش” ثمناً باهظاً بالفعل في أول مظاهرة مهمة يواجهها في الوقت الحالي.