اعتقالات بالجملة، وإفراجات محدودة، سياسة جديدة تنتهجها السلطة مؤخراً لقمع المتظاهرين السلميين المطالبين بمحاكمة قتلة نزار بنات، حتى بدت الصورة وكأن رام الله كلها أصبحت رهن الاعتقال.
قبل ثلاثة أيام تعرضت كثير من الشخصيات الاعتبارية للاعتقال، ومن ضمنها الشاعر والكاتب زكريا محمد الذي كان يتضامن سلمياً برفقة زوجته على دوار المنارة لرفض فكرة اعتقال المواطنين والتي حدثت بشكل زائد في الليلة التي سبقت اعتقاله.
يقول زكريا: "كنا قد سمعنا عن وقفة للاحتجاج على الاعتقالات، وقفنا على الرصيف المقابل للمنارة، ولم يكن في وسط الساحة سوى عدد قليل، رجال الشرطة والأمن كانوا منتشرين وعملياً لم يكن هناك تجمع أو مسيرة بالمعنى الحقيقي.
ويلفت إلى أن القانون الفلسطيني يعتبر التجمع غير المرخص مخالفة، كما أن هذا التجمع يجب أن يتجاوز في عدده خمسين شخصاً.
في الحقيقة لم يكن على دوار المنارة وفق ما قاله الكاتب في يوم اعتقاله سوى خمسة أفراد فقط هم: بشير الخيري وزوجته وابنته، وشخصين أخرين، وهذا يعني أنه لم يكن هناك تجمع.
بعد عشر دقائق من الوقوف السلمي للمواطنين اعتقل زكريا محمد بعد أن تقدم شرطي إليه حيث يقف وزوجته، وطلب منه هو ومجموعة من الأفراد بعضهم يرتدي أقنعة، الذهاب معهم بعد أن أخذوا هوياتهم.
لم يكن الشاعر زكريا محمد وزوجته ورفاقه القلائل يتظاهرون، كانوا يقفون على الرصيف سلمياً، دون حتى رفع شعارات أو هتافات حينما اعتقل مع ثلاثة آخرين في مركز البالوع.
يقول الشاعر: اخذونا الى مركز البالوع ودخلنا إلى عدة أماكن وغرف، وحاولوا فتح محضر، وأنا رفضت وأخبرتهم بأن هذا الاعتقال غير قانوني ويجب أن يكون هناك مذكرة اعتقال بحقي، ولا يجوز اعتقال أي مواطن مسالم واقف على الرصيف".
ولم يكن الباحث الفلسطيني وحده من اعتقل في تلك الليلة كان هناك مثقفون ومناضلون، وسياسيون وكذلك الشيخ خضر عدنان، والذي اعتبر سعيد أن مشهد اعتقاله محزن لأي حر وهو المناضل والأسير السابق.
أفرج عن الشاعر زكريا محمد في اليوم التالي لاعتقاله، ولكن بقي الكثير من المعتقلين محتجزين حتى اليوم، ويرى محمد أن الافراج عنه جاء بسبب حملة التضامن معه من قبل جمهوره على وسائل التواصل، معتبرا أن هذه سياسة متبعة للسلطة اعتقل عشرة وأفرج عن ثلاثة أو أربعة"
ويشير محمد إلى أن هناك زيادة ممنهجة في عدد الاعتقالات وكل شخص ينوي التظاهر أو التجمهر يعتقل على خلفية نيته، حتى قبل أن يتظاهر.
وقال: "لم أتخيل أن اعتقل في يوم من الأيام على يد السلطة أو أن تتحول السلطة إلى سلطة قمع، ولا أعتقد أن كل ما تقوم به يمكن أن يفيدها، بل سيزيد الأمور تصعيداً".
ولد زكريا محمد في قرية الزاوية، التابعة لمحافظة نابلس عام 1950، وهو شاعر وكاتب وباحث فلسطيني. عمل محررًا وكاتبًا صحفيًّا منذ الثمانينيات. له عدة كتب في الشعر والرواية والميثولوجيا وأدب الأطفال.