قال الرئيس الأميركي جو بايدن إن لدى بلاده مصالح مشتركة مع حركة طالبان، نافيا وجود معلومات من الميدان عن تواطؤ الحركة مع تنظيم الدولة الإسلامية بولاية خراسان، وذلك في أعقاب تبني التنظيم أحد التفجيرين اللذين هزا محيط مطار كابل أمس الخميس وراح ضحيتهما عشرات القتلى والجرحى.
وكشف الرئيس بايدن أن بلاده ستخطط لتوجيه ضربة تستهدف تنظيم الدولة بأفغانستان في الوقت المناسب، وأن تنظيم الدولة -الذي وصفه بالعدو- لن يردع واشنطن عن تنفيذ الضربة، مضيفا أن من مصلحة طالبان مغادرة القوات الأميركية في الوقت المحدد.
ونبه بايدن إلى أن الوضع على الأرض في أفغانستان لا يزال يتطور، مؤكدا على استمرار بلاده في تنفيذ ما وصفه بالالتزام المقدس تجاه عائلات الجنود الأميركيين.
وأضاف أنه كانت هناك معلومات بأن تنظيم الدولة -وهو العدو اللدود لحركة طالبان كما يقول بايدن- كان يخطط لشن هجمات، وأشار إلى إجلاء أكثر من 100 ألف مواطن أميركي وأفغاني، فيما وصفها بأكبر عملية إجلاء جوية من نوعها.
وأكد بايدن أن الولايات المتحدة قادرة على استكمال المهمة، وأن العملية ستتواصل ولن يردعها الإرهابيون، وفق تعبيره.
وأمر الرئيس الأميركي بتنكيس العلم فوق مبنى البيت الأبيض حتى 30 أغسطس/آب الجاري حدادا على الضحايا الأميركيين الذين سقطوا في تفجيري كابل، وشمل القرار تنكيس علم الولايات المتحدة على جميع المباني الفدرالية داخل وخارج أميركا.
وتتسارع تداعيات الأمر، حيث ارتفع عدد القتلى إلى 60 شخصا على الأقل، فيما أصيب أكثر من 140 آخرين في التفجيرين اللذين وقعا عند البوابة الشرقية لمطار كابل واللذين هزا محيط المطار أمس.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) إن 13 جنديا أميركيا من مشاة البحرية قتلوا وأصيب 18 آخرون، كما أصيب في التفجير عدد من مقاتلي طالبان الذين كانوا يتولون تأمين المطار.
ونقلت وكالة أنباء أعماق التابعة لتنظيم الدولة في حسابها على قناة تليغرام عما وصفتها بمصادر عسكرية قولها إن "مقاتلا من الدولة الإسلامية تمكن من اختراق كافة التحصينات الأمنية واستطاع الوصول إلى تجمع كبير للمترجمين والمتعاونين مع الجيش الأميركي عند مخيم باران قرب مطار كابل وفجّر حزامه الناسف وسطهم، مما أسفر عن سقوط نحو 60 قتيلا وإصابة أكثر من 100 آخرين بجروح، بينهم عناصر من طالبان".
طالبان تدين الهجوم
وقال محمد نعيم الناطق باسم المكتب السياسي لحركة طالبان وعضو وفد الحركة إلى المفاوضات في مقابلة سابقة مع قناة الجزيرة إن تجمع الناس بالمئات في مطار كابل مثّل بيئة مناسبة لحدوث مثل هذه الهجمات.
وأضاف نعيم أن مسؤولية الانفجارين في محيط مطار كابل تقع على عاتق القوات الأجنبية التي تتولى تأمين المطار.
من جانبه، حمّل سفير طالبان السابق لدى باكستان عبد السلام ضعيف الولايات المتحدة مسؤولية التفجيرين اللذين وقعا في محيط مطار كابل.
وقال ضعيف في مقابلة سابقة مع الجزيرة إن واشنطن هي المسؤولة عما آلت إليه الأوضاع في البلاد، لمعرفتها المسبقة بوقوع هجوم، وكذلك لدفعها الناس إلى الاحتشاد في محيط المطار.
من جهتها، نفت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي صحة تقارير بشأن إنهاء الولايات المتحدة رحلات الإجلاء اليوم الجمعة بعد تفجيري كابل، وأضافت أنه لا يوجد موعد نهائي لأي التزام بإجلاء أي أميركي يريد الخروج من أفغانستان حتى بعد الانسحاب العسكري.
وقالت ساكي في مؤتمر صحفي عقدته في البيت الأبيض إنه لا يمكن إجلاء كل أفغاني يريد مغادرة البلاد قبل انسحاب الجيش الأميركي.
وأضافت أن واشنطن لا تثق بطالبان ولا تعتبرهم أصدقاء، موضحة أن التنسيق مع الجماعة ضروري لمواصلة عمليات الإجلاء.
وأفاد البيت الأبيض في بيان بأنه تم إجلاء ما يقارب 7500 شخص من كابل على متن 14 رحلة جوية عسكرية أميركية، و39 رحلة تابعة للتحالف خلال 12 ساعة أمس الخميس.
وأضاف البيان أن الولايات المتحدة أجلت وسهلت إجلاء نحو 100 ألف شخص منذ 14 أغسطس/آب الجاري، كما أنها أعادت توطين ما يقارب 105 آلاف شخص منذ نهاية يوليو/تموز الماضي، وفق البيان.
من جهته، اعتبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن إجلاء أكثر من 100 ألف شخص من كابل بشكل آمن دليل على شجاعة ومهارة وتصميم جميع أولئك الذين يساهمون في هذه المهمة الحيوية.
وأضاف بلينكن أن تفجيري كابل بمثابة تذكير بالظروف الخطيرة التي يعمل فيها الجنود والدبلوماسيون الأميركيون، فيما تنتهي المهمة العسكرية للولايات المتحدة التي استمرت 20 عاما في أفغانستان.
هجمات مستمرة
ونقلت قناة "فوكس نيوز" (Fox News) عن مصادر أن الهجمات قد تكون منسقة ولا تزال مستمرة مع وجود مئات من عناصر تنظيم الدولة في مناطق قرب المطار.
من ناحيته، أكد قائد القيادة الأميركية الوسطى الجنرال كينيث ماكينزي أن الهجوم نفذه انتحاريان ويشير التقييم إلى انتمائهما لتنظيم الدولة.
وقال ماكينزي -في مؤتمر صحفي بمقر وزارة الدفاع (بنتاغون)- إن التفجير أعقبه إطلاق نار، وأكد أن عمليات الإجلاء من أفغانستان ستتواصل على الرغم من الهجوم.
وشدد على أن خطر تنظيم الدولة حقيقي في أفغانستان، وتوقع استمرار هجمات التنظيم، لكنه أكد أن لدى بلاده ما تحتاجه من قوات في أفغانستان لحماية نفسها، وأنها عازمة على الرد على تنظيم الدولة بعد هجوم مطار كابل، مضيفا أنه لا يرى أن طالبان قد تكون سمحت بالهجوم.
وأدانت حركة طالبان التفجير الذي استهدف مدنيين في مطار كابل، وقال المتحدث باسم الحركة محمد سهیل شاهین في تغريدة على تويتر إن طالبان تدين بشدة التفجير الذي استهدف مدنيين في المطار، والذي وقع في منطقة تتولى القوات الأميركية المسؤولية الأمنية فيها.
وأضاف شاهين أن طالبان تولي اهتماما وثيقا لأمن وحماية شعبها، وأن دوائر الشر سيتم إيقافها بصرامة.
وتسابق الولايات المتحدة وحلفاؤها الزمن لإتمام عمليات الإجلاء الجوية للأميركيين والرعايا الغربيين وبعض الأفغان المتعاونين معهم من كابل قبل الموعد النهائي لانسحابها العسكري الكامل بحلول 31 أغسطس/آب الجاري.
المصدر : الجزيرة + وكالات