قائمة الموقع

مكبلة اليدين والقدمين .. هكذا ستلد الأسيرة أنهار الديك

2021-08-28T16:13:00+03:00
انهار الديك.JPG
غزة-رشا فرحات

بعد عدة أيام ستلد الصبية أنهار الديك، ولادة قيصرية.. قد يبدو الخبر عادياً لأي امرأة في العالم، لكن عندما تكون الولادة داخل زنزانة معتمة لا يكون كذلك!

من داخل زنزانة الأسيرة أنهار الديك وقبل أيام من ولادتها أرسلت تستنجد بكل مسؤول أن ينقذها من الأيام القادمة التي تشكل لها كابوساً مرعباً.

تعلم الديك بأنها ستخوض تجربة ولادة سبقتها بها كثير من الأسيرات، فهي ستكبل إلى سرير وستدخل غرفة العمليات مكبلة اليدين والقدمين، ولن يسمح لزوجها ولا لأمها أو عائلتها بزيارتها أو الوقوف إلى جانبها وهي تعود إلى الحياة من عملية قيصرية.

وبعد يوم من العملية، ستقف على قدميها بمساعدة سجانة تزجرها لتتحرك، وتدفعها دفعاً، ثم تستفزها بمحاولة إذلالها فتكتم الأسيرة دموعها إكراماً لقضيتها.

لقد بات التعبير عن الوجع في عرف الأسر وداخل زنازين الاحتلال ممنوعاً، فأنت الذي تلبس لباس القوة وتجبر نفسك على الصبر، وهذا السجان الذي ينتظر أي دمعة ساقطة ليشمت فيك وينهال على جرحك أكثر، وفوق كل هذا ستغادر أنهار المستشفى مع وليدها لتكمل فترة نقاهتها ونفاسها على "برش" في زنزانة معتمة.

و"البرش" ليس سريراً مغطى بأغطية بيضاء، بل قطعة من خشب مسيجة بأعمدة حديدية لا تصلح لنوم صحي، في زنزانة لا تتعدى طول البرش، بلا فضاء، أو شمس، أو هواء، جدرانها مطلية بألوان الحزن والوحدة وظلم الاحتلال، وأنهار ووليدها وحدهما.

فكيف لأم تعاني بالأصل من اكتئاب حمل ثنائي القطب، أن تدخل تجربة ولادة جديدة، دون أن يزيد هذا الاكتئاب، ثم يجب عليها أن تواجه هذا كله وعلى يمينها وليدها، وجسدها تكسوه الأوجاع، ثم تنجو!

ولأن إجراءات كورونا تفرض على الأسرى سجناً آخر، ستعزل الأسيرة أنهار مع وليدها في أقسى أوقات الألم، في عزل انفرادي لأسبوعين تحسباً لعدم انتقال عدوى كورونا أو نقلها للأسيرات.

ليست آلام الأسر والحمل وحدها التي تعذب أنهار، وإنما آلام الشوق لطفلتها الأولى جوليا التي تربت دون أمها، وقد كشفت عن أوجاعها في رسالة بعثتها لعائلتها من داخل المعتقل وصفت فيها مشاعرها وخوفها.

"شو أعمل إذا ولدت بعيداً عنكم وتكلبشت وأنا أولد وإنتوا عارفين شو الولادة القيصرية بره! كيف بالسجن وأنا مكلبش لحالي…"

وهناك في العزل، تعرف كل أم خاضت تجربة الولادة، كيف تكون التجربة حينما تستند وهي ضاغطة على أسفل بطنها بيدها اليسرى، بينما تحمل اليمنى وليداً ولد لتوه، يجب أن ترضعه وتطمئنه لينام، وتمارس حياتها كأي أم حرة، وهكذا تنزع الأسيرات حياة جديدة من أجسادهن داخل زنزانة.

وتعتقل سلطات الاحتلال الإسرائيلي (11) أمًّا فلسطينية في سجونها من أصل (40) أسيرة يقبعن في سجن “الدامون”، حيث يعانين من تعذيب جسدي ونفسي بسبب حرمانهن من احتضان أبنائهن خلال زيارة من وراء الزجاج فقط.

اخبار ذات صلة