كَسرت فعاليات الإرباك الليلي حالة الصمت والهدوء التي شهدتها حدود القطاع لأكثر من عام، لتعيد تسخين الحدود ومقارعة الاحتلال بتفجير العبوات وإشعال الإطارات المطاطية والتسلل إلى السياج الأمني ومواجهة الجنود عن قرب.
وأعلنت "وحدات الإرباك الليلي"، الليلة الماضية، عن عودة فعالياتها على الحدود الشرقية لقطاع غزة، رفضًا لسياسات الاحتلال وإصرارًا منها على كسر الحصار المستمر على القطاع.
ويهدف الارباك الليلي إلى إبقاء الاحتلال في حالة استنفار دائم على الحدود، وإزعاج المستوطنين والضغط على قيادة الاحتلال لتخفيف الحصار وإلزامهم بتفاهمات التهدئة التي تعد بها للأطراف الدولية.
اللافت أن هذه الفعاليات باتت أداة مشتركة من المقاومة الشعبية بين قطاع غزة والضفة المحتلة، بعد أن تبنّاها المواطنون في بلدة بيتا جنوب نابلس شمالي الضفة، ونجحوا في الضغط على الاحتلال ومستوطنيه بإخلاء بؤرة استيطانية أقيمت على جبل صبيح في البلدة.
ويأتي استئناف "الإرباك" في ظل مماطلة الاحتلال الإسرائيلي بكسر الحصار واستمرار اغلاق المعابر ومنع ادخال الكثير من البضائع ومواد الإعمار، إلى جانب تعطيل ادخال المنحة القطرية منذ أكثر من ثلاثة أشهر، ومحاولة فرض معادلة جديدة بعد معركة سيف القدس الأخيرة.
ويعقب المراسل العسكري للقناة 13 العبرية، ألموغ بوكير، على عودة الإرباك الليلي بالقول إن الليلة الماضية أعادتهم سنوات إلى الوراء، بعد أن طمأنت الحكومة الإسرائيلية مستوطني غلاف غزة بعد الحرب الأخيرة أن ما كان ليس ما سيكون، "لكن في الواقع الأمر يزداد سوءًا"، على حد وصفه.
ونقلت الإذاعة العبرية عن، ضابط أمن المجلس الإقليمي إشكول إيلان إيزيكسون قوله: "لم نتفاجأ بالحرائق والتوترات عند الحدود مع غزة، نحن نفهم دائمًا أن هناك اتجاهًا للتصعيد، لكن في النهاية نحن الطرف المتضرر، ليس من الممكن أبدًا فهم ما يحدث على الجانب الآخر -غزة- ولكن من الأفضل أن نكون مستعدين".
زيادة الضغط
ويؤكد الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي أيمن الرفاتي، أن عودة عمليات الضغط الشعبي على حدود غزة بشكل تدريجي وملحوظ يدلل أن الملفات السياسية الحالية لازالت متعسرة ولا توجد حلول وتطمينات الوسطاء باتت لا تلبي المطالب التي يريدها الشعب والمقاومة.
ويوضح الرفاتي في حديثه لـ"الرسالة نت" أن استئناف الإرباك الليلي والبالونات الحارقة يأتي لزيادة الضغط على الاحتلال ورسالة للوسطاء أن الأمور لن تقف عند هذا الحد وستزداد في الفترة المقبلة.
ويبين أن المقاومة من خلال الأدوات الشعبية تمارس عملية ضغط منتظمة في ظل تعنت حكومة الاحتلال الإسرائيلي؛ في التوصل لصيغة تتعلق بقطاع غزة وتنهي الحصار وتبدأ بالإعمار بعيداً عن ربط هذه الملفات بقضية الجنود المفقودين بغزة.
ويلفت الرفاتي إلى أن المتغيرات الجديدة حالياً تشير إلى أن زيارة بينت للولايات المتحدة ورفض الأخيرة ربط الوضع في غزة لقضية الجنود الأسرى والمطالبة الأمريكية بضرورة وضع حد للوضع الإنساني في القطاع وتزامناً مع الضغط هي ورقة قوة للفصائل.
ويشير إلى أن حكومة الاحتلال لا ترغب ببقاء ملف غزة على الطاولة حالياً كونه يشكل قلقاً وحرجاً لها أمام السياسة الخارجية الأمريكية التي ترى أنه من الضروري حل قضايا قطاع غزة الإنسانية.