قائمة الموقع

"ويكيليكس"..عندما تتحول لوثائق"اكلينكس"

2010-12-01T17:19:00+02:00

يوسف: محاولة لقراءة ردات الفعل الدولية والرأي العام واتجاهاته

  عساف: العدوان كان متوقعاً من الجميع وليس من فتح والسلطة فقط

ملوح: لا يجوز أن تكتفي السلطة بالسكوت والإطلاع على الوثائق

        خريشة: "سلطة فتح" تُستخدم للأغراض الأمريكية وحلفائها في المنطقة

فايز  أيوب  الشيخ

تباينت ردود الفعل في العالم ما بين الصدمة و الحرج، بعد الوثائق السرية و الخطيرة التي نشرها موقع "ويكيليكس"، وكشفت نحو ربع مليون برقية دبلوماسية، فضحت من خلالها ممارسات الإدارة الأمريكية و تواطؤ العديد من الأنظمة العربية معها.

لكن السؤال الذي يراود الكثيرين الآن " ما هو تأثير مثل تلك الوثائق على كل من كان له ضلع فيما كشفته؟ و هل سيكون لها تبعات أخرى أم ستكون مثل زوبعة في فنجان و ستزول كغيرها من الزوبعات التي عصفت بالمنطقة؟"

تقف وراءها  أمريكا

وكيل وزارة الخارجية في الحكومة الفلسطينية الدكتور أحمد يوسف، اعتبر أن مصداقية التقارير التي أصدرها "ويكيليكس" تبقى في الأصل محل  نقاش وجدل في الساحة الدولية، حيث أن الخبرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، بأن قضايا التسريبات تقف أحياناً وراءها جهات استخبارية وأحياناً أخرى مستويات عليا، الهدف من ورائها "محاولة قراءة ردات الفعل الدولية والرأي العام واتجاهاته".

وعبر القيادي في حماس في حديثه لـ"الرسالة نت" عن استغرابه من كيفية وصول الكثير من  هذه الوثائق السرية الخطيرة إلى أي جهة، وخاصة أن من أصدرتها شخصيات قليلة بعينها وليست صادرة عن مؤسسة ضخمة وكبيرة، مؤكداً أن شخصا بمقدوره الوصول إلى ملايين الرسائل التي من المفترض أنها مشفرة وبالغة السرية وتتضمن مواد غير مسموح بتداولها وتهدد مصالح دول كبرى في علاقاتها مع دول في العالم الثالث.

وشدد يوسف على أنه من المبكر الحكم على مغزى توقيت تسريب هذه الوثائق بهذا الحجم الخطير والكم الكبير من المعلومات السرية التي لن تكون بعيدة عن أيدي أجهزة استخبارات دولية معنية بتوتير المنطقة وتوتير علاقات الدول مع بعضها البعض وخلق نوع من الشكوك تؤدي إلى تصعيد حالة القلق والتوتر في المنطقة وإرباكها. وقال:"علينا أن نتريث قبل أن نقول كلمتنا النهائية لمدى صدقية مثل هذه الأنباء والأخبار التي تم تسريبها بهذا الشكل الغير مسبوق في التاريخ وغير مفهوم".

تتضمن بعض الحقائق

ورغم أن لدى يوسف ظنون كبيرة بأن هذه التسريبات تتضمن بعض الحقائق، لكنه أعتبرها  "تسريبات مسيسة تقف وراءها أجهزة أمنية لها مصلحة في خلق توترات كبيرة إما في منطقة الشرق الأوسط أو محاولة التحريض على نظام معين وحماية نظام آخر".

ولم يستغرب يوسف من أن تتضمن وثائق ويكيليكس معلومات تكشف بأن الولايات المتحدة الأمريكية تتجسس وتجمع معلومات عن السلطة وكوادرها كما هو الحال مع حركة حماس وكوادرها، وقال :" هذه مسألة أمنية مكشوفة، فأجهزة الأمن الأمريكية تتجسس على كل أجهزة الأمن و المؤسسات التي تتعلق بالوضع الفلسطيني سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة أو خارج فلسطين".

وحول ما كشفته وثائق ويكيليكس من معلومات تفيد بأن الإدارة الأمريكية وضعت فيتو على المصالحة الفلسطينية، قال يوسف:" لدينا معلومات مسبقة من بعض الأطراف الأوروبية الرسمية بأن الولايات المتحدة غير معنية بالمصالحة، لانشغالها ببناء الأجهزة الأمنية في الضفة ".

ونبه يوسف إلى أن هذه الفترة كان فيها الجنرال الأمريكي "كيث دايتون" يعمل على بناء تلك الأجهزة ولا يريد أن تنفذ مطالب حركة حماس في قضية إصلاح الأجهزة الأمنية على أسس مهنية وطنية التي قد تتسبب في هدم ما بنته الإدارة الأمريكية على مدار سنوات والتركيز على بناء الأجهزة الأمنية بحيث تكون موالية ومرتبطة بشكل أو بآخر مع أجهزة الأمن الصهيونية.

وأشار إلى أن من جملة المعلومات التي توفرت لدى حركة حماس والحكومة الفلسطينية بأن أمريكا ربما طلبت من المصريين وضع العتلة في الدولاب حتى لا تتحرك المصالحة ويبقى الانقسام الفلسطيني قائماً.

 وشدد يوسف على أنه في مرحلة من المراحل كان الفيتو الأمريكي موجوداً ولا يحتاج لمراسلات رسمية، ولكنه في مرحلة قريبة من تلك المراحل ربما أدرك الأمريكان بأنه يمكن تحريك هذا الملف-ملف المصالحة- من أجل تحريك عملية السلام ولكي يكون طوق نجاة للرئيس المنتهية ولايته محمود عباس حتى يُعطى الأخير مصداقية في المفاوضات الجارية مع الإسرائيليين .

اعتراف فتحاوي ضمني

ورغم الاعتراف الضمني من حركة فتح  بالعلم المسبق بموعد شن الحرب الصهيونية على قطاع غزة قبل أكثر من عامين، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من ألف وأربعمائة فلسطيني وإصابة نحو خمسة آلاف آخرين، عاد المتحدث باسم حركة فتح أحمد عساف لينفي لـ"الرسالة نت" إقرار حركته بذلك، مؤكداً أن قيادة السلطة وحركة فتح لم تدخرا جهداً، مع كافة الأطراف الدولية والعربية، من أجل منع العدوان الذي كان متوقعاً من الجميع وليس من حركة فتح والسلطة فقط، كما قال.

و كشفت الوثائق التي نشرها موقع "ويكيليكس" أن وزير الحرب الصهيوني "إيهود باراك" أوضح لأعضاء من الكونغرس الأمريكي خلال لقائه معهم في تل الربيع في شهر حزيران (يونيو) 2008، أنه أبلغ كلاً من مصر و"سلطة فتح" بنيته شن العملية العسكرية على غزة وأنه حاول التنسيق معهما لإدارة الأمور بعد تلك العملية.

وحول ما ورد في وثائق ويكيليكس عن الفيتو الأمريكي على المصالحة الفلسطينية، دافع عساف عن موقف حركته المنحاز للرغبة الأمريكية، مُكيلاً الاتهامات جزافاً إلى حركة حماس بأنها هي التي لم تسر باتجاه المصالحة تلبيةً لرغبة الإدارة الأمريكية عندما لم تُوقع على ورقة المصالحة المصرية.

وادعى عساف أن قرار وعلاقة حركته وسلطتها بالإدارة الأمريكية ينبعان من المصلحة الوطنية للشعب الفلسطيني قائلاً:"إن من يستطيع تلبية هذه المصالح للشعب الفلسطيني، فإننا  نتعامل معه باحترام، ومن يقف ضد هذه المصالح فسوف تكون حركة فتح ضده".

وأضاف:"نحن نتعامل مع الجميع وفق مصالح الشعب الفلسطيني، وبالتالي أينما نجد أن هذه المصالح قد تتحقق تكون علاقتنا مع هذه الدول، ولم ندع يوما أننا حلفاء أو عبيد أو لنا أسياد غير الشعب الفلسطيني ومصلحته"، في إشارة إلى علاقة فصائل المقاومة مع دول الممانعة العربية وإيران.

أمريكا مع السياسية الإسرائيلية

من جهته اعتبر نائب الأمين العام للجبهة الشعبية عبد الرحيم ملوح، أن "وثائق ويكيليكس" عبرت عن الوجهة الدبلوماسية الأمريكية من كل العالم بنظرة عنجهية واستعلائية تجاه كل الأطراف والدول من الشرق إلى الغرب بما في ذلك ما نشرته عن السلطة و"إسرائيل".

أما فيما يتعلق بالشئ المباشر بالوضع الفلسطيني من  تلك الوثائق، اعتبر ملوح في حديثه لـ"الرسالة نت"، أنه من الطبيعي والضروري والمطلوب من السلطة بأن تقول رأيها بشكل واضح وصريح في كل ما نُشر حولها، مشدداً على أنه لا يجوز للسلطة أن تكتفي بالسكوت والارتكان إلى الإطلاع على "وثائق ويكيليكس" والنظر إليها من الجوانب التي يمكن أن تكون منصفة أو غير مسيئة لها في تلك الوثائق.

وعبر ملوح عن اعتقاده بأن الإدارة الأمريكية الحالية نافضة يدها من كل السلطة ومن كل الوضع الفلسطيني ومتمسكة بالسياسة الإسرائيلية، لافتاً إلى أن من يعود بالذاكرة إلى عهود الإدارات الأمريكية السابقة لا يجد أن أي إدارة منها لم تقف منحازة إلى إنصاف "إسرائيل" فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وبالتالي الإدارة الأمريكية لا تنظر بايجابية لا للسلطة في الضفة ولا للسلطة في غزة، مبرراً بذلك ما كشفته "وثائق ويكيليكس" عن إيعاز الولايات المتحدة لدول المنطقة العربية بالمراقبة والتجسس على قادة السلطة وحماس.

وتطرق ملوح في ختام حديثه إلى ما ورد في الوثائق حول الفيتو الأمريكي على المصالحة الفلسطينية فقال:"بشكل واضح وصريح إن الانقسام مصلحة إسرائيلية عليا وبالتالي يجري العمل على تكريسه وإبقائه بسياسة إسرائيلية وأمريكية وبعض الدول العربية "، مشدداً على ضرورة أن ينتهي الانقسام فلسطينياً لأنه يُلحق الضرر بكل الوضع الفلسطيني.

فتح ومصر شريكان في الحرب

من ناحيته، اعتبر النائب المستقل الدكتور حسن خريشة أن ما ذُكر في "وثائق ويكيليكس" عن علم "سلطة فتح" والحكومة المصرية عن الحرب على غزة "يثبت بالدليل القاطع أنها شريكان مع إسرائيل في الحرب.. وكان الأولى بهؤلاء على الأقل أن يُنبهوا المقاومة في غزة أن هناك ضربة عسكرية إذا لم يستطيعوا إيقافها ".

وقال خريشة لـ"الرسالة نت"، "إذا كان حديث حركة فتح والسلطة صحيح بأنهما الأسبق والأصدق وهم حملة المشروع الوطني، فإن المشروع الوطني يتعرض لمخاطر كثيرة هذه الأيام وجزء من هذه المخاطر هو تصفية القضية الفلسطينية بشكل كامل ..والأولى بهم أن يتجهوا إلى الوحدة وإنهاء حالة الانقسام ويقاوموا هذا الاحتلال بشكل أو بآخر".

وفي تعليقه على ورد في "وثائق ويكيليكس" عن عمليات التجسس التي طالت "حلفاء أمريكا" من قادة السلطة وحركة فتح، قال خريشة:" إن الأمريكان مثلهم مثل الإسرائيليين يعاملون عملاءهم وروابط القرى وما شابه ذلك بنفس الطريقة التي يتعاملوا بها الآن مع الشعوب المناهضة لهم، حيث يعتبروهم مصدر معلومات وليمونة يعصروها وبعد ذلك يرموها"، مؤكداً أن "سلطة فتح" ما استخدمت في المنطقة إلا للأغراض الأمريكية وحلفائها وبعدما تنتهي من دورها الوظيفي الذي تقوم به الآن في الضفة الغربية سوف لن تلتفت إليها الإدارة الأمريكية.

وأشار خريشة إلى أن الوثائق التي تم الكشف عنها توضح بأن الولايات المتحدة الأمريكية أعاقت المصالحة الفلسطينية، بالإضافة إلى أن مدير المخابرات المصرية عمر سليمان عبر عن الرغبة في الإبقاء على حصار غزة من أجل إسقاط حكم حماس. وقال خريشة:" إن التدخل المصري في المصالحة ليس لإنجازها وإنما لكسب الوقت على أمل أن تسقط حماس والمقاومة في غزة ".

وأضاف:"هذا يؤكد مرة أخرى أن قرار المصالحة ليس بيد الفلسطينيين ومازال القرار يمتلكه الأمريكان وحلفاؤهم في المنطقة، حيث أن في مخططهم أنه لا يمكن بأن تكون حماس جزءا من النظام السياسي الفلسطيني المرسوم في إطار الخط التفاوضي وبرنامجه المستمر إلى الآن".

 

اخبار ذات صلة