لأكثر من شهرين قبعت في سجون ما تسمى بـ"اللجنة الأمنية المشتركة" لدى سلطة أوسلو، تعرضت خلالها لتعذيب جسدي ولفظي، على تهمتين متناقضتين "جمع الأموال للمقاومة والتخابر مع (إسرائيل)!".
مضت أكثر من ثلاثة أعوام على اعتقال جبارة، لكن جلسات محاكمتها مستمرة حتى الآن في محاكم السلطة بالضفة المحتلة.
جمعت السلطة بين النقيضين لمحاولة إدانة جبارة التي تحمل الجنسية الامريكية، وواجهت ببطولة واستبسال أمن السلطة ومحاولات تزويره وبطشه، الأمر الذي دفعه للإفراج عنها بعد أن ذهبت اتهاماته أدراج الرياح!
وتعرضت جبارة أثناء توقيفها للتعذيب والضرب والتهديد وسوء المعاملة، وحقق معها وكيل النيابة العامة داخل مقر الأمن الوقائي في أريحا، وبحضور عناصر وضباط أمن فيما يسمى باللجنة الأمنية المشتركة، بما يمثل مخالفة صريحة للقانون الذي يحظر وجود عناصر الأمن أثناء الاستجواب الذي تقوم به النيابة العامة.
وبعد 19 يوما من اعتقالها، واحتجاجاً على الانتهاكات التي ارتُكبت بحقها؛ شرعت جبارة بإضراب مفتوح عن الطعام؛ نقلت إثره إلى مستشفى أريحا بعد اليوم الثاني عشر نتيجة تردي وضعها الصحي.
واستمرت في الإضراب المذكور مدة 27 يوماً قبل أن تعلق إضرابها بعد التوصل إلى صيغة تقضي بالإفراج عنها، وبالفعل أطلق سراحها في 9 يناير/كانون الثاني 2019 بكفالة نقدية قيمتها 50 ألف دينار أردني، ومنعٍ من السفر.
جبارة وفور الإفراج عنها، قررت إطلاق مبادرة "جبارة لمناهضة التعذيب"، في مواجهة أولية لبطش الأجهزة الأمنية وحماية ضحايا عنفها.
صيرورة المحاكمة!
لم تدخر جبارة لحظة لتوثيق أي جريمة تعذيب يتعرض لها معتقل أو ناشط سياسي قابع في أجهزة أمن السلطة، الأمر الذي استفز تلك الأجهزة ودفعها لتهديدها بشكل سري ومعلن.
ومنذ ذلك الحين؛ وجبارة تحاكم أمام المحكمة المختصة، ومعها المعتقل أحمد السالك الذي اتهم هو الآخر بجمع وتلقي أموال لجمعيات غير مشروعة، مع العلم أن النيابة العامة لم تقدم في بينتها سوى شاهد واحد، بحسب جبارة.
آخر محطات المحاكمة كانت في التاسع والعشرين من أغسطس الماضي، لترجئ هيئة المحكمة الجلسة إلى منتصف سبتمبر.
تقول جبارة: تغيرت هيئة المحكمة أكثر من مرة، فكلمها جاء قاضٍ منصف يجري تغييره، مشيرة إلى أنها لا تثق في المنظومة القضائية التي كان من المفترض أن تحسم القضية لسذاجة التهم الموجهة لها.
ووفق جبارة فإن الأجهزة الأمنية، وتحديداً المخابرات والوقائي يحرصان على المشاركة في كل جلسة تُعقد لها.
تخوفات حقوقية!
استمرار محاكمة جبارة، أثار القلق والريبة لدى جهات حقوقية مختلفة.
وأكدّت مجموعة "محامون من أجل العدالة" أنها رصدت ووثقت تحريضاً مستمراً ما زال يمارسه أشخاص قائمون على تنفيذ القانون ضد الناشطة جبارة، موضحة أنه سيجري متابعته لاحقاً أمام الجهات الرسمية وإعلام الرأي العام بمحتواه.
وأكدّ منسق المجموعة مهند كراجة، أن ما تتعرض له المعتقلة السياسية المفرج عنها جبارة يأتي في سياق الضغط عليها في الوقت الذي تقترب فيه قضية ملاحقتها أمام القضاء من نهايتها.
وأوضح أنه منذ جلسة ٤_٤_٢٠٢١ بدأت تظهر معالم تغيير واضح في مسار القضية في أعقاب ظهور معطيات جديدة فاجأت فريق الدفاع.
وكانت منظمه العفو الدولية قد طالبت المدعي العام الفلسطيني بضمان إجراءات المحاكمة العادلة لجبارة حسب المعايير الدولية، وفتح تحقيق فوري حيادي مستقل وفعال حول تعرضها للتعذيب وسوء المعاملة في مركز تحقيق اللجنة الأمنية بمقر الأمن الوقائي في أريحا، والتأكد من محاسبة جميع المسؤولين من أفراد الأجهزة الأمنية عن التعذيب وسوء المعاملة؛ بما يشمل اتخاذ إجراءات عقابية وانضباطية وعرضهم على محاكمة جنائية.