يميل العديد من الموظفين إلى الاستقالة من وظائفهم بأعداد كبيرة في جميع أنحاء العالم، ولكنهم قد يفعلون ذلك بطريقة خاطئة وفي الوقت غير المناسب.
في تقرير نشرته صحيفة "الإندبندنت" (The Independent) البريطانية، تستعرض الكاتبة كايت نغ قائمة بأبرز الأسئلة التي يجب أن نطرحها على أنفسنا قبل الاستقالة من وظائفنا، وكيفية القيام بذلك بطريقة صحيحة.
وتذكر الكاتبة أن رفع قيود الإغلاق أدى إلى هجرة جماعية غير مسبوقة للموظفين الذين اضطروا لترك الوظائف التي كانوا يشغلونها قبل تفشي جائحة كورونا، وهي ظاهرة أطلق عليها بعض الخبراء الاقتصاديين اسم "الاستقالة الكبرى".
وخلال الأشهر الـ18 الماضية، أُجبر الناس في جميع أنحاء العالم على إعادة النظر في حياتهم من منظور مختلف، بما في ذلك ما يفعلونه لكسب لقمة العيش. وتظهر البيانات أن العديد منهم يختارون ترك وظائفهم التي لا يحبونها بالفعل.
وتبين الكاتبة أن عدد الوظائف الشاغرة بلغ أعلى مستوياته على الإطلاق في يوليو/تموز، وأصبح هناك حوالي مليون وظيفة شاغرة في المملكة المتحدة لأول مرة، كما وجدت دراسة أجرتها شركة برمجيات الموارد البشرية "بيرسونيو" أن 38% من الموظفين يعتزمون الاستقالة خلال الأشهر الستة المقبلة.
وبحسب المدربة المهنية فيكتوريا ماكلين، فإن العديد من الناس تركوا وظائفهم لأن أولوياتهم تغيّرت بعد الوباء. وصرّحت لصحيفة الإندبندنت قائلة "نذهب إلى العمل لكسب المال، ولكن في الواقع هناك الكثير من الطرق لكسب المال، وبات الناس يدركون ذلك الآن أكثر من أي وقت مضى".
وأضافت "نحن نريد أن نشعر بالرضا، وأن نتحدى، ونريد أن نتطور ونزدهر. وعندما تزدهر وتكون سعيدا في عملك يمكن أن تتغير حياتك حقا وتشعر بالسعادة في كل جزء منها".
يختلف التحول في الأولويات من شخص لآخر. بالنسبة للبعض، سمح لهم الإغلاق بتفضيل عائلاتهم على العمل، بينما جعل البعض الآخر يدرك أن الحياة أقصر من البقاء في وظيفة لا يحبونها. ومهما كان السبب الذي يدفعك إلى الاستقالة أو تغيير عملك، فإن ماكلين تسلط الضوء على أهم النصائح التي يمكن اتباعها للاستقالة من العمل بالطريقة الصحيحة.
متى أعرف أن الوقت قد حان للاستقالة من العمل؟
تقول ماكلين إن هناك 3 عناصر تلعب دورها عند التفكير فيما يجب أن تفعله في حياتك المهنية، وتشمل هذه العناصر الشركة التي تعمل بها والمنصب الذي تشغله والقطاع الذي تعمل فيه.
وتوضح أنك "قد تكون في الشركة المثالية بالنسبة لك، ولكن في المكان الخطأ، أو قد تكون في المكان المناسب ولكن في القطاع الخطأ، وهذا ما قد يدفعك إلى الرغبة في الاستقالة".
كما تشير إلى أن "من الجيد معرفة ما إذا كان بإمكانك إجراء محادثة مهنية مثمرة مع شخص ما في شركتك، حول تغيير وظيفتك دون الحاجة إلى تقديم استقالتك، وهو ما قد تجد فيه سعادتك أكثر".
مع ذلك، هناك عدد من الأسئلة التي يجب أن تطرحها على نفسك إذا كنت تفكر في الاستقالة. هل تشعر أنك تزدهر؟ هل تشعر باحترام المديرين والزملاء والثقة بالنفس في الوظيفة التي تشغلها؟ هل ثقافة الشركة جيدة لك؟ هل هناك فرص متاحة للتقدم الوظيفي؟
تنصح ماكلين بأنه "في حال كنت تشعر بالتعاسة في الوظيفة التي تشغلها، فقد حان الوقت للمضي قدما. فأي بيئة سامة أو مجرد الشعور بأن شركتك لا تعاملك بشكل جيد، هو أمر يستحق المراجعة".
وعلى حد تعبيرها، إذا شعرت بالإرهاق لأنك مضطر إلى العمل ساعات طويلة، أو إذا كان مديرك يُثقل كاهلك بالمهام، أو استنفدت كل طاقتك طوال أيام عملك، فهذه كلها أسباب للاستقالة. وقالت ماكلين إن تحديد إيجابيات وسلبيات وظيفتك تعدّ الطريقة المثلى لتحديد ما إذا كانت وظيفتك الحالية مناسبة لك أم لا.
ومع إدراك المزيد من الأشخاص مدى أهمية الموازنة بين العمل وحياتهم الخاصة، فإن هذا هو الوقت المناسب لتحديد أولوياتك. وتظهر الأبحاث أن 75% من الموظفين يفضلون نموذج العمل الهجين بدلا من العمل في المكتب بدوام كامل، في حين ارتفعت عمليات البحث عن فرص العمل عن بُعد في مواقع البحث عن الوظائف بالفعل بأكثر من 500% منذ فبراير/شباط 2020.
كيف أستقيل؟
إذا كنت تفكر بجدية في ترك عملك، تنصح ماكلين بمقابلة مديرك أو مدير الموارد البشرية للتحدث عن التغييرات التي يمكن إجراؤها ومن شأنها أن تجعلك تعدل عن قرارك. وقالت إنه "لا ضير في معرفة الخيارات المتاحة لك قبل الاستقالة، فهذه تعتبر أيضا طريقة رائعة بالفعل للحصول على علاوة، إذ لا يريد أصحاب العمل أن يخسروا موظفيهم، ويمكنهم في كثير من الأحيان نقلك إلى وظيفة أخرى مختلفة تماما"، ولكن إذا كنت مصرّا على الاستقالة، فافعل ذلك على أسس صحيحة.
وتضيف ماكلين أنك "بمجرد أن تقرر ترك الوظيفة، فلا تماطل. فالاستمرار في العمل رغم رغبتك في الاستقالة يعتبر أمرا محبطا للغاية، لذلك أخبر مديرك في أقرب وقت ممكن وتأكد من سماعه خبر الاستقالة منك لا من أي شخص آخر. وكن صريحا معه، ولا تلق اللوم على أحد، وكن مهذبا في خطاب الاستقالة".
عرض عمل آخر
إذا تلقيت عرض عمل تريد الالتحاق به فعلًا، فيجب أن تأخذ وقتك للتأكد من أن هذا ما ترغب به بالضبط. وتوضح ماكلين قائلة "لا تتسرع في اتخاذ قرارك، وتحقق من التفاصيل النهائية، وتأكد من أن هذا ما تريده حقًا. فكر في مقابلة العمل، هل سألت عن كل التفاصيل؟ هل بقيت لديك أي تساؤلات معلقة لم يتم الردّ عليها تماما بالطريقة التي تريدها؟ قد تكون تلك علامة تحذير".
وتنصح ماكلين بعدم الخوف من التفاوض بشأن الراتب، والتأكد من أن الوظيفة الجديدة تلبي جميع رغباتك واحتياجاتك، مشيرة إلى أنه "في حال لم يكن الأمر كذلك، فلا تقبل بالوظيفة. حدد المعايير غير القابلة للتفاوض في وظيفة أحلامك والتزم بها".
المصدر : إندبندنت