قائمة الموقع

"من خرم إبرة"

2021-09-06T16:07:00+03:00
عبد الحميد رزق
عبد الحميد رزق

في لعبة كرة القدم، لم أسمع عن وصف لمهاجم قناص أدق من العبارة التي تقول "هداف يسجل من خرم إبرة"، وهو كناية عن قوة المهاجم وموهبته في التخلص من عقبات كثيرة أمامه تنتهي بخطفه للأضواء بهدف غير متوقع وسط ذهول المتابعين.

في الحقيقة، نفس الوصف لائق تماما على الأبطال الستة الذين كسروا قيد السجان فجر الاثنين، وتحرروا من سجن "جلبوع"، في عمل بطولي يثبت فعلا أن الفلسطيني مهما وضعت حواجز وعقبات أمامه سيبقى قادرا دوما على فرض كلمته.

سجن "جلبوع" يقع في غور بيسان شمال فلسطين المحتلة، تم افتتاحه عام 2004، ويبلغ عدد الأسرى فيه 360 أسيرا موزعين على 4 أقسام، كل قسم يتكون من عدد من الغرف، بحيث يتواجد 90 أسيرا في كل قسم، أغلبهم من أصحاب الأحكام العالية والمؤبدات.

ونظرا لشدة صعوبة هذا السجن، أُطلق عليه اسم "غوانتنامو الإسرائيلي"، أسوة بسجن "غوانتنامو "الأمريكي، المعروف بقسوته، وهذا التشبيه بسبب الإجراءات الأمنية المشددة للغاية المفروضة فيه، وأيضا لأجوائه الضبابية والسرية، حيث يكون مصير المعتقل فيه مجهولا.

هذا السجن المبني على الطريقة الإيرلندية، يعتبر الأشد حراسة في السجون "الإسرائيلية"، وهو عبارة عن قلعة حصينة، أقيمت من الأسمنت المسلح والفولاذ، ويحاط بجدار ارتفاعه تسعة أمتار ويوجد في أعلاه صاج مطلي، وذلك كبديل عن الأسلاك الشائكة التي توجد عادة في جميع السجون.

وبعد افتتاحه عام 2004، تحدث ديفيد أنجل نائب مدير سجن "جلبوع" لوسائل إعلام "إسرائيلية" عن السجن، وقال: "تعلمنا من الخبراء الايرلنديين أنه من الأفضل وضع صاج مطلي على الأسوار وليس أسلاكا شائكة، إذ لا يمكن التسلق عليه، وقد نُصب على جميع نوافذ السجن حديد تم تطويره في إسرائيل، وهو عبارة عن قضبان مصنعة من الحديد والأسمنت".

وأضاف في تصريح آخر: "أدخلنا عنصرا سريا تحت أرضية السجن، ولا يسمح بالحفر، وإن تم إخراج جزء من الباطون الذي يغطي أرض السجن، يتغير لو الأرض بشكل يشير إلى محاولة حفر خندق".

وهنا لا أعلم مدى مصداقية أنجل في تصريحه الأخير، الذي يبدو وسيلة فقط لمنع الأسرى من التفكير حتى في ذلك.

ولكن على كلٍ, أنا هنا أقف عاجزا!، كيف تمكن الأسرى من التحرر وسط كل هذه العقبات؟، أنت متخيل في ظل التطور التكنولوجي والمجسات والكاميرا والأجهزة الإلكترونية التي نعلمها والتي لا نعلمها، وفي ظل الإجراءات الأمنية المشددة، يحفر 6 أفراد نفقا دون أن يشعر أحد بشئ، ناهيك على أن الحفر تم دون أدوات مختصة بذلك.

حقيقية أنا لا أتخيل أن تكون أفضل أداة ممكنة لتساعدهم بالحفر هي المغرفة أو المعالق!، ماذا عن التراب؟ كيف تخلصوا منه؟، ماذا عن المدة؟، نفق مثل هذا يحتاج جهد شهور عديدة.

أنت متخيل "دولة" تقول على نفسها هي الأقوى أمنيا في العالم، وأنها تملك أقوى جهاز استخباراتي على وجه الأرض، متخيل أن زكريا الزبيدي ورفاقه الخمسة، جعلوا هذه المعادلات بالأرض!.

الأسئلة كثيرة ولا أحد قادر على استيعاب كيف تم ذلك؟، لكن الإجابة الثابتة دوما أن الفلسطيني قادر على فعل المستحيل مهما كان شكلا وموضوعا.

اخبار ذات صلة