لا تقتلوا الأسرى مرتين

 قبل ثلاث ساعات فقط من قمع قوات الاحتلال للأسرى في سجن النقب عصر يوم الأربعاء، تلقيت اتصالاً من أحد الأسرى القابعين داخل السجن.

وصف الأسير الذي تقطن عائلته قطاع غزة، الأوضاع داخل السجون بالمتوترة، والأسرى في حالة ترقب لما ستؤول إليه الأحداث، عقب تهديد إدارة السجون بمعاقبتهم.

كان من المؤلم أن يتحدث الأسير خلال مكالمته عن استمرار قطع السلطة لرواتب عشرات الأسرى داخل السجون، في الوقت الذي يستهدف فيه الاحتلال صمودهم، ولا يدخر جهداً في كسر شوكتهم، بعدما نجح ستة بالفرار من سجن جلبوع.

يقول الأسير إن السلطة في رام الله أقدمت مطلع العام 2019 على خصم نصف راتب لمئات الأسرى في سجون الاحتلال، واكتفت بمنحهم 50% منها فقط، وفي مطلع العام 2020 عمدت إلى قطع رواتبهم بشكل كامل.

منذ ذلك الحين، قطعت السلطة الفلسطينية رواتب نحو 450 أسيراً محرراً، بالإضافة إلى نحو 200 أسير داخل سجون الاحتلال، وجميعهم من قطاع غزة.

حسب رواية الأسير، فإن أسرى حركة فتح وبعض الفصائل تواصلوا في ذلك الوقت مع الدكتور صائب عريقات، الذي بذل جهداً لدى رئيس السلطة محمود عباس لإعادتها، ونجح في ذلك.

بقي 65 أسيراً فقط من قطاع غزة ينتمون لحركة حماس لم تعد السلطة رواتبهم حتى اللحظة، ولم يعد هناك من يساعدهم في استعادة رواتبهم.

استمرار قطع رواتب الأسرى دفع جامعة القدس المفتوحة التي انضم إليها عدد من الأسرى المقطوعة رواتبهم لاستكمال دراسة الماجستير، إلى وقف التعامل معهم بحجة عدم وجود تغطية مالية، مما زاد من التضييق على الأسرى في سجون الاحتلال.

في ذات الاتصال يحكي الأسير قصة أحد الأسرى المقطوعة رواتبهم، حيث أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على تدمير منزل عائلته خلال العدوان الأخير على غزة، واضطرت للسكن في شقة بالإيجار، وزاد قطع راتبه صعوبة أوضاعهم المعيشية.

يجتهد الأسرى داخل زنازينهم لإثارة قضيتهم للرأي العام، لعل وعسى أن يشكلوا ضاغطاً على السلطة لإعادة رواتبهم، ويطالبون كل صوت حر أن يقف إلى جانبهم.

رفِع صوت الأسرى ومطالبهم يقع على عاتقنا جميعًا، فنضالهم قبل دخولهم السجن وحتى بعد اعتقالهم يجب أن يقابل بمنحهم حقوقهم كاملة. إن ما قدموه في سبيل الوطن وعلى طريق التحرير لا يمكن تجاوزه لأنه أكبر بكثير مما قدمه بعض رجالات السلطة الذين اتخذوا قرار قطع رواتبهم، لذلك نقول للسلطة "لا تقتلوا الأسرى مرتين".