تتجه مصر نحو تعزيز وجودها أكثر في الملف الفلسطيني للتأكيد على دورها المحوري في المنطقة بعدما حصلت على ضوء أخضر أمريكي لاستمرار المباحثات وضمان عدم الدخول في جولة تصعيد جديدة، وذلك بعد معركة سيف القدس مايو الماضي.
وقد برز الاهتمام المصري بزيارة رئيس المخابرات المصرية الرجل الثاني في الدولة عباس كامل لكل من غزة والاحتلال ورام الله، في أواخر مايو الماضي، والذي ساهم في تثبيت وقف إطلاق النار والتوسط بين المقاومة والاحتلال لإعادة الأوضاع لما قبل 11 مايو.
واستكمالا لهذا الدور يستعد وفد أمني كبير من جهاز المخابرات المصرية لزيارة قطاع غزة، ورام الله والقدس المحتلة الأسبوع المقبل، للتباحث في ملفات حساسة ومهمة تتعلق بالأوضاع الميدانية والأمنية والسياسية المتدهورة، والمقلقة لجميع الأطراف.
وبحسب موقع (رأي اليوم) فإن الوفد المصري سيضم شخصيات أمنية رفيعة المستوى من جهاز المخابرات، وستركز الزيارة في مجملها على مناقشة ملف تثبيت وقف إطلاق النار في القطاع، وإقناع الفصائل بعد الانجرار وراء الاستفزازات الإسرائيلية المتكررة، وتجنب الدخول بجولة تصعيد جديدة، قد تتسبب بإعاقة عمليات الإعمار المرتقبة وتعطي طوق نجاة لإسرائيل للتملص من الالتزامات المتعلقة بتخفيف حصارها الخانق على سكان القطاع.
وتابعت حديثها: "فور الانتهاء من زيارة غزة سيتوجه الوفد الأمني إلى (إسرائيل) ، للقاء قادة حكومة الاحتلال والجيش، للتباحث في نفس الملفات التي فُتحت بغزة، ومتعلقة بمجملها حول مصير التهدئة المترنح، والقصف المتكرر من الاحتلال، وكذلك فرص الدخول في جولة تصعيد جديدة في حال لم تنفذ خطوات تخفيف الحصار عن سكان غزة".
أهمية الزيارة تأتي من التوقيت الذي تجري فيه حيث تشهد الأراضي الفلسطينية عامة حالة من الغليان، عقب حادثة نفق الحرية وتبعاتها والتي لم تنته بعد، إلى جانب الملف الأهم والمركزي المتمثل في الأوضاع في قطاع غزة.
القاهرة مهتمة بنزع فتيل التصعيد، وإنهاء حالة الاشتباك والتصعيد المتدحرج وتنقيط الصواريخ، وذلك بعد سلسلة التسهيلات التي قدمها الاحتلال خلال الأيام الأخيرة، والتي أعادت الأوضاع تقريباً إلى ما كانت عليه قبل 11 مايو، إلى جانب بدء صرف المنحة القطرية للأسر الفقيرة، والبحث عن آلية لإدخال منحة الموظفين، والدفع باتجاه البدء بعملية الإعمار.
وترى القاهرة أن التسهيلات مهمة لتبريد الأجواء الساخنة في القطاع، كأحد متطلبات الدفع باتجاه مفاوضات صفقة الأسرى.
ومن المهم القول إن الاحتلال لا يمكنه أن يقدم أكثر من رزمة التسهيلات التي قدمها خلال الفترة الماضية، خاصة في ظل حكومة هشة وأوضاع أمنية معقدة.
وما تعمل عليه القاهرة هو أشبه بإعادة صياغة للتفاهمات التي جرت أواخر العام 2018 كأحد منجزات مسيرات العودة، لكن من الصعب أن يقدم رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت المزيد من التسهيلات دون اتفاق أوسع يشمل صفقة أسرى.
وهنا تبدو الصفقة هي المدخل الأنسب لتفاهمات أوسع في القطاع، وتستحوذ أيضاً على اهتمام كبير من الجانب المصري الذي يسعى من خلال زيارته إلى تعبيد الطريق نحو مفاوضات صفقة جدية للدفع باتجاه حل أوسع مع غزة يضمن هدوء طويل الأمد.
من ناحية أخرى فإن مصر تحاول أن تلعب دوراً وتقنع الاحتلال بضرورة منح السلطة أفقاً والدفع باتجاه تسوية سياسية والتأكيد على حل الدولتين، وذلك بناء على مخرجات القمة الثلاثية التي عقدت في القاهرة بين عباس- السيسي- ملك الأردن، بداية سبتمبر الجاري، وذلك لتقويتها في مواجهة خصمها السياسي حماس، وفي أعقاب الاحتجاجات الواسعة في الضفة والتي أدت لمزيد من الاضعاف والرفض الشعبي للسلطة.
كما تهدف مصر من الزيارة إلى ضمان وجود دور للسلطة في غزة سواء في مسألة الإعمار أو ملف التفاهمات، خاصة أن مصر غاضبة من سياسة السلطة اتجاه هذه الملفات بعدما رفضت عدة اتفاقات لإدخال المنحة القطرية سواء عبر البنوك التابعة لسلطة النقد أو بنك البريد التابع لوزارة الاتصالات في رام الله.