"الجلمة".. حتمًا سترافق هذه الكلمة، جملة أخرى "كإطلاق نار" أو "مواجهات وعشرات الاصابات"، حتى أنك لن تمر من هناك حتى ترى جنودًا إسرائيليين على طول الطريق، مشهدٌ واحدٌ أمام حاجز عسكري من وإلى جنين!
الجلمة هو ذاك المنفذ لمدينة جنين إلى الداخل المحتل، لا يعرف الهدوء، صوت الرصاص عامرٌ هناك، لاسيما بعد عملية الهروب الكبير من سجن جلبوع.
ما فتئت الأخبار تتوارد من هناك تفيد بإطلاق مسلحين النار على قوات الاحتلال المتمركزة على حاجز الجلمة شمال مدينة جنين في الضفة الغربية المحتلة، وتصريحات صحفية أخرى لرئيس الغرفة التجارية بمدينة جنين عمار أبو بكر، من تداعيات إغلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي لمعبر حاجز الجلمة على الأوضاع التجارية والاقتصادية في جنين.
لم يكن وحده القطاع التجاري من تكبد خسائر بملايين الشواكل جراء إغلاق الحاجز للمرة الـ 12 على التوالي منذ نجاح أسرى جلبوع الستة بتحرير أنفسهم في السادس من الشهر الجاري، بل ازداد الأمر تعقيدًا وتوجسًا من انتفاضة في المخيم.
أخطر الحواجز!
صلاح الخواجا خبير في شؤون الاستيطان والجدار، يشرح "للرسالة" طبيعة هذا الحاجز الذي أقيم على أراضي مدينة جنين، مشيرًا إلى أن الحاجز سرق آلاف دونمات الأراضي من جنين وهي المنطقة الأكثر مواجهة واحتكاك، عازيًا ذلك لارتباط هذا الحاجز بمنطقة بناء جدار الفصل العنصري على عدد من القرى الفلسطينية في المنطقة.
ويقول الخواجا: "الجلمة من أخطر الحواجز، وهو عبارة عن ممر عبور للتجار والمواطنين وفلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948 إلى جنين"، وتابع: "استمرار بناء الحاجز محاولة لتعزيز الاستيطان ونظام الفصل العنصري على جنين وقرى وبلدات المدينة".
الجلمة، بحسب المختص في شؤون الاستيطان، يفصل ما بين السكان والأراضي التي احتلت عام 1976، موضحًا أنه أقيم بعد بناء جدار الفصل العنصري عام 2002، بالتزامن مع سرقة آلاف الدونمات من الأراضي المحتلة عام الــ 67.
ويؤكد الخواجا "للرسالة" أن اغلاق الحاجز هو قتل بالكامل لحرية الحركة والتنقل ما بين أهالي الداخل والضفة، ليس فقط على المستوى التجاري والصناعي بل أكثر من ذلك فهو حصار على العمال.
وذكر بأن (إسرائيل) سحبت كل التصاريح الخاصة بالعمال الفلسطينيين من جنين، العاملين منهم في الأراضي المحتلة عام الـ 48.
وتتعمد قوات الاحتلال إغلاق الحاجز كما فعلت ذلك لمدة عام كامل قبل إعادة فتحه قبل أشهر، بحجة كورونا، إلا أنها تسعى للسيطرة العسكرية وسرقة المزيد من أراضي الفلسطينيين.
وعند سؤالنا للخبير "لماذا الاغلاق؟"، أجاب: " لعقاب الشعب الفلسطيني، بعد حادثة هروب الأسرى الستة من جلبوع "، وأضاف: "إسرائيل الآن تشدد التضييق على مدينة جنين ومخيمها،
كجزء من تقييد الحركة والتنقل".
يختم المختص في شؤون الاستيطان أن الجلمة من أسوأ الحواجز التي تستخدم لعمليات الحصار، منبهًا أن تشديد الإجراءات الإسرائيلية على الحاجز واستخدامها الرصاص الحي خلال المواجهات عليه، سيفجر أزمة حقيقية وحالة انتفاضة قد تكون نموذجا مختلفا عن باقي مناطق الضفة.