تتصاعد المطالبات الشعبية والفصائلية بضرورة إجراء انتخابات عامة شاملة وليست محلية مجتزأة كما أقرتها حكومة محمد اشتية في ديسمبر المقبل في مناطق الضفة الغربية.
ومن اللافت أن الحكومة أعلنت إجراء الانتخابات على مرحلتين تبدأ في البلديات المصنفة "ج" التي تقطنها تجمعات قليلة من الفلسطينيين وتخدم فئة محدودة، حيث ستجري الانتخابات في مجالس قروية صغيرة بعضها لا يتعدى مجموع سكانه أربعين شخصاً نصفهم يحق لهم الاقتراع، وفي معظم الأحوال يجري تعيين هذه المجالس بالتزكية.
وتحاول قيادة فتح بهذه الطريقة الهروب من الهزيمة المنتظرة في أي انتخابات حقيقية، فهي تدرك أن الحركة في أسوأ أحوالها، لذا تعمد لإجراء انتخابات سياسية مفصلة مسبقا على مقاسات خاصة بها.
إعلان الانتخابات بالطريقة الحالية لاقى الكثير من الهجوم والانتقاد الشعبي والفصائلي، خاصة أنه جاء دون مشاورة القوى والفصائل ومؤسسات المجتمع المدني.
الناشط ضد الفساد فايز السيوطي اعتبر أن قرار إجراء الانتخابات يعتبر التفافاً على إجراء الانتخابات العامة وهي الأهم وتتمثل في المجلس التشريعي والرئاسة والمجلس الوطني، متهماً لجنة الانتخابات بأنها أصبحت ألعوبة في يد السلطة التنفيذية وأداة لتمرير مخططاتها.
وأمام موجة الانتقادات الكبيرة تبدو السلطة وفتح عازمتين على المضي في مسألة الانتخابات التي تسعى من خلالها تحقيق عدة أهداف:
أولاً: يسعى عباس من خلال الانتخابات المحلية المتجزأة منح سلطته شيئاً من الشرعية المفقودة، وأنه يعمل بنهج ديمقراطي، وذلك بعد تعطيله الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني في أبريل الماضي، والتي خلقت أزمة غير مسبوقة للسلطة خاصة في الضفة الغربية وفجرت موجة من الاحتجاجات الداخلية، إضافة إلى انتقادات خارجية ودولية كبيرة، وهي أزمة لم تتمكن السلطة من تجاوزها بعد.
ثانياً: تحاول فتح الهروب من الخسارة المستحقة لها في أي معركة انتخابية حقيقية مقبلة، لذا فضلت اللجوء إلى المجالس القروية محدودة السكان والتي تجري فيها انتخابات أشبه بالتزكية، والابتعاد عن المدن الكبرى التي خسرت فيها فتح الانتخابات البلدية في كل المرات السابقة.
ثالثاً: تفصيل انتخابات سياسية مجتزأة بمقاسات خاصة لا تتناسب إلا مع حركة فتح وتضمن فوزها فيها، وذلك في محاولة للالتفاف على غضب الشارع الفلسطيني.
رابعاً: جاء الإعلان عن الانتخابات في ظل تصدر عدد من القضايا الوطنية، وذروة التضامن الدولي والمحلي معها خاصة قضية الأسرى، لذا يسعى عباس لخلق ملهاة جديدة ودوامة يدخل الشارع الفلسطيني فيها ليتناسى قضاياه الأساسية.
خامساً: الانتخابات المزمع عقدها هي التفاف على إجراء الانتخابات العامة والأهم (التشريعي والرئاسي والوطني)، والتي من شأنها أن تعيد صياغة النظام السياسي الفلسطيني بما يخدم تطلعات الشعب الفلسطيني.
من ناحية أخرى فإن فتح وعباس يتلاعبون بالأنظمة والقوانين بما يخدم مصالحهم ويضمن فوزهم، متجاهلين كل دعوات ومطالبات المؤسسات الحقوقية والمجتمع المدني بتعديلات قانونية تضمن نزاهة أي عملية انتخابية.