تصر السلطة وحركة فتح على إجراء انتخابات بلدية مجتزأة في بعض البلديات والقرى الصغيرة، في محاولة منها لتحقيق عدة متطلبات تخرجها من الأزمات المالية والسياسية التي تمر بها.
وفي تناقض غريب، تعود حركة فتح للتلويح بالانتخابات المجتزأة، في وقت ألغى رئيسها محمود عباس الانتخابات التشريعية والرئاسية والوطني، والتي كان من المقرر أن تبدأ تباعا بالانتخابات التشريعية في مايو الماضي.
وتواجه السلطة ضغوطا دولية بعد تأجيل عقد الانتخابات التشريعية في مايو الماضي، خاصة من دول الاتحاد الأوروبي، التي طالبت بأن يكون هناك برلمان فلسطيني منتخب، بعد حل المجلس التشريعي السابق.
أسباب الاجتزاء
بدورها، ترى الكاتبة والمختصة في الشأن السياسي لمى خاطر، أن هناك عدة أسباب تدفع بالسلطة وحركة فتح لإجراء انتخابات مجتزأة، مؤكدةً أن الانتخابات الشاملة ستظهر علنا خسارة حركة فتح في ظل الأزمات التي تحيط بها وتُظهر غضب الشارع الفلسطيني.
وقالت خاطر في حديث لـ "الرسالة نت": "هناك جملة أزمات ضربت حركة فتح والسلطة مؤخرا، بعد تأجيل الانتخابات ومعركة "سيف القدس" واغتيال المعارض السياسي نزار بنات وهو ما أدى لانفضاض الفلسطينيين من حول المشروع الذي تنادي به حركة فتح".
وأوضحت أن حركة فتح تحاول من الانتخابات المجتزأة إلهاء الفلسطينيين عن حالة الرفض الكبيرة والغضب، وكذلك البحث عن شماعة تعلق عليها مسؤولية غيرها عن تعطيل الانتخابات".
وأشارت إلى أن معظم المجالس البلدية والقروية التي أعلنت عنها السلطة لإجراء انتخابات، صغيرة الحجم وفي الوضع الطبيعي يتم فيها تعيين المجلس بالتوافق بين أهل القرية أو البلدة.
ولفتت خاطر إلى أن السلطة تحاول إيصال رسالة إيجابية للمانحين بأنها عادت للمسار الديمقراطي، مبينة أن تخوفها من سقوطها بالانتخابات يدفعها للبحث عن المجالس القروية الصغيرة التي لا تغيّر من الواقع القائم شيئا.
وذكرت أن حركة فتح "تحاول تفعيل المعارك الجانبية مع المعارضين للانتخابات المجتزأة، ويلاحظ ذلك من حجم الفجور الإعلامي لديها والتهجم على الرافضين لتلك الانتخابات".
وقالت: "تراهن حركة فتح على أصوات لا تقدم أو تؤخر كالأحزاب الصغيرة التي تستفيد من ميزانية السلطة مثل "فدا وحزب الشعب وجبهة النضال" وغيرها من الأحزاب التي لا ثقل لها في الشارع الفلسطيني، في كسب مواقف ليست موجودة لدى الفلسطينيين".
ويتفق المحلل في الشأن السياسي إبراهيم حبيب مع خاطر، في أن السلطة وحركة فتح تعمل على ذر الرماد في العيون بالانتخابات المجتزأة.
وقال حبيب في حديث لـ "الرسالة نت": "السلطة تحضّر لـ "مسرحية" أمام العالم بأنها أجرت انتخابات من أجل أخذ الشرعية المزيفة وعودة الأموال من المانحين الذين امتنعوا عن دعم السلطة".
وأضاف: "للأسف المانحون مشاركون في مثل هذه مسرحية، فبعدما تبيّن لهم بأن الانتخابات ستُفرز فائزين مؤيدين لمشروع المقاومة وما يمثله ذلك من خطر على مشاريع التسوية وافقوا على إلغاء الانتخابات لحجج واهية".
وأشار إلى أن السلطة لا ترى مطالب الشعب بالعين، "وتفعل ما يحلو لها، وبالتالي لا يتوقع أن تنظر السلطة وحركة فتح لمطالب الشعب".
ودعا الفصائل الفلسطينية للخروج بموقف موحد لرفض مثل هذه الانتخابات والدعوة لانتخابات شاملة تغيّر من الواقع المأساوي الذي يعيشه الفلسطينيون.
وقال: "يبدو أن هناك خشية من حركة فتح من إجرائها في المدن الكبرى التي تركت دون تحديد موعد إجراء الانتخابات فيها".
ويجدر الإشارة إلى أن الانتخابات المجتزأة لاقت رفضا واسعا من أغلبية أطياف الشعب الفلسطيني وفصائله، والذين دعوا لانتخابات شاملة تكون وفق جدول زمني محدد ودون إلغاء.