تتعرض العملات الرقمية للعديد من المضايقات من الحكومات، خاصة الصينية والأميركية، ولم تثبت تلك المضايقات أنها تلحق ضررا كبيرا بهذه العملات رغم التأثر بها.
فقد انخفض سعر عملة "بتكوين" (Bitcoin) الرقمية المشفرة بنسبة 1% منذ الساعة الخامسة من مساء يوم الجمعة لتصل إلى 42 ألفا و536 دولارا في الساعة العاشرة من صباح يوم السبت في نيويورك، وفقا لوكالة بلومبيرغ (Bloomberg).
وتقلبت أسعار البتكوين بمتوسط تبلغ نسبته 3.7%، حيث يتم تداولها بين 41 ألفا و701 دولارا وبين 43 ألفا و228 دولارا، وانخفضت الآن بنسبة 34% عن أعلى مستوى عند 64 ألفا و870 دولارا الذي وصلت إليه يوم 14 أبريل/نيسان الماضي.
وفقدت عملة البتكوين 2.3% من قيمتها في الأسبوع الماضي، وارتفعت بنسبة 47% حتى الآن هذا العام، ويوم الجمعة الماضي هوت قيمة العملات الرقمية المشفرة بعد تكثيف الصين مساعيها للحد من المضاربات على العملات المشفرة وإصدارها.
وذكر تقرير كتبه مايكل ب. ريغان وفيلدانا هاجريتش في موقع بلومبيرغ أنه على الرغم من حلول لحظة أخرى من "الخوف، وعدم اليقين والشك" في العملات المشفرة مع اتخاذ قرار حاسم في الصين بشأنها، والتدقيق المكثف لأصول "بلوك تشين" (blockchain) من قبل لجنة الأوراق المالية والبورصات وغيرها من الهيئات التنظيمية الأميركية، فإن قيمة الأصول المشفرة تثبت أنها لا تتعرض لخطر جدي.
قرار الصين
شنت أقوى الجهات التنظيمية في الصين يوم الجمعة الماضي حملة ضد العملات المشفرة من خلال فرض حظر شامل على جميع معاملات العملات المشفرة وعمليات التعدين لاستخراجها، مما أثر على البتكوين والعملات المشفرة الرئيسية الأخرى، وضغط على الأسهم المرتبطة بالعملات المشفرة وتقنية سلسلة الكتل (بلوك تشين).
فقد تعهدت 10 جهات، منها البنك المركزي وجهات منظمة للشؤون والأوراق المالية والنقد الأجنبي، بالعمل سويا لاستئصال نشاط العملات المشفرة "غير القانوني"، وهي المرة الأولى التي تتحد فيها الجهات التنظيمية في بكين لحظر جميع الأنشطة المتعلقة بالعملات المشفرة صراحة.
ويقول محللون إن الصين ترى أيضا أن العملات المشفرة تشكّل تهديدا لليوان الرقمي السيادي الذي وصل إلى مرحلة متقدمة من التجريب.
وتأتي هذه الخطوة وسط حملة عالمية ضد العملات المشفرة، إذ تخشى حكومات من آسيا إلى الولايات المتحدة أن تقوّض العملات الرقمية شديدة التقلب، والتي تدار بشكل خاص، سيطرتها على الأنظمة المالية والنقدية، وتزيد المخاطر النظامية، وتعزز الجرائم المالية وتضر بالمستثمرين.
ورغم قرار الصين حظر جميع معاملات العملات المشفرة والتعدين، إلى جانب الإجراءات الأميركية المذكورة، فإن الشيء اللافت للنظر هو أن قيمة البيتكوين لم تنخفض إلا بنسبة 5% فقط، وأن العملات المشفرة تضررت بشدة في وقت سابق الأسبوع الماضي عندما انتشرت المخاوف بعد انتشار الأخبار حول الانهيار الوشيك لشركة "إيفرغراند" (Evergrande) الصينية للعقارات.
الخوف وعدم اليقين
وأورد التقرير أن الخوف وعدم اليقين والشك بشأن العملات الرقمية تركزت الشهر الماضي حول مشروع قانون البنية التحتية الأميركية في الكونغرس الذي تضمن تفويضات بشأن الامتثال الضريبي لوسطاء العملات المشفرة.
ومع ذلك، يستمر التقرير، لم يؤثر ذلك كثيرا على الاتجاه السعودي داخل مجتمع العملات المشفرة، مع استمرار عملات البيتكوين و"إيثر" (Ether) وغيرها في الارتفاع، وتضاعفت العملات المعدنية الحديثة مثل "كاردانو" (Cardano) و"سولانا" (Solana)، وقفزت أحجام التداول في أغسطس/آب الماضي على بورصة "بيانسي" (Binance)، وهي أكبر بورصة عملات رقمية في العالم، بنسبة 65% في الشهر، وقفز الاهتمام المفتوح بعقود إيثيرم الآجلة والعقود الآجلة الدائمة بنسبة 41%، وفقا للتقرير.
ونقل التقرير عن موقع إنترنت يُسمى "بيتكوينز دوت كوم 99" (Bitcoins.com99) يتتبع ما يعتبره الموقع "نعي بتكوين”، أن البيتكوين ماتت 430 مرة، وفقا لإحصاءاته.
وذكر مدير الأبحاث في شركة "مايننغ" (Compass Mining) زاك فويل أن "الأخبار السيئة ليست غير متوقعة، إنها تأتي مع جميع أنواع التقنيات الجديدة، لكنني أتوقع أن تتبدد وتتخلص من بعض انتظامها حيث أصبح التشفير أكثر انتشارا وفهما على نطاق أوسع".
وقال التقرير عندما يتعلق الأمر بالإجراءات التي تتخذها الحكومات، فإن الإجماع بين لاعبي الصناعة يميل إلى أن اللوائح قد تغير الطريقة التي يجري بها المشاركون في السوق المعاملات، ولكن أي أنباء عن زوال فئة الأصول مبالغ فيها إلى حد كبير.
وأوضح بريان موسوف الرئيس التنفيذي لشركة الاستثمار المشفر الكندية (Ether Capital Corp) خلال مقابلة في بودكاست "What Goes Up" على قناة بلومبيرغ، "لا أعتقد أن ما يفعله المنظمون مهم جدا، سيغير كيفية تفاعل الأشخاص مع هذه الأصول وكيفية تفاعلهم مع سلطات قضائية محددة. لكنني لا أعتقد أن الأصول نفسها ستختفي بين عشية وضحاها، ما سيتم تنظيمه هنا هو نقاط الوصول والأسواق".
ومع ذلك، بالنسبة لآرت هوغان، كبير الإستراتيجيين في شركة "ناشونال سيكيوريتيز" (National Securities) فالشيء الوحيد المؤكد هو أن المخاطر تزداد بشكل أكبر، حيث يتم تحويل المزيد والمزيد من المستثمرين أصحاب الأموال الكبيرة من الأسواق التقليدية، مثل ملياردير صندوق التحوط ستيف كوهين، إلى مؤمنين حقيقيين بالعملات المشفرة.
المصدر : بلومبيرغ + رويترز