وسط الأسياج والحواجز "الإسرائيلية" عقدت حكومة اشتيه اجتماعها الأسبوعي في مدينة الخليل التي تشهد أزمات عدة، أبرزها حالة الفلتان الأمني والصراع بين العشائر إلى جانب أزمة المياه.
وفي محاولة لاحتواء الأزمة المتصاعدة في الخليل قررت حكومة اشتيه زيادة عدد أفراد قوى الأمن بالخليل وإطلاق حزمة جديدة من المشاريع التي ستقدم للمحافظة تصل قيمتها الى 30 مليون دولار.
خطوة اشتيه تأتي بعد اجتماع موسع لأهالي مدينة الخليل، لمطالبة السلطة بوضع حدٍ للفوضى والفلتان الأمني في المدينة التي تُعتبر الأكبر ديمغرافياً وجغرافياً واقتصادياً بين المدن الفلسطينية.
وجاء الاجتماع إثر تحول المدينة إلى دويلات تحكمها العشائر، والسلاح المدفوع، في ظل غياب شبه تام لرجال الأمن الفلسطيني، وفقدان السلطة الفلسطينية هيبتها، وتراجع دورها في حفظ الأمن وفرض القانون.
وتتصاعد حالة الغضب الشعبي على سلوك السلطة في الخليل حتى من داخل تنظيم حركة فتح، حيث أكد أمين سر "فتح" في الخليل، عماد خرواط، في تصريحات صحفية أن "السلطة تتآمر على الخليل بإهمالها"، ملوحاً بأنه "إن لم تقم السلطة بمسؤوليتها؛ فإنهم سيشكلون مجموعة مسلحة تحمي أهالي الخليل كافة".
وأضاف في هجوم علني غير مسبوق على السلطة الفلسطينية وقادتها، أنه "لا السلطة الفلسطينية، ولا رئيسها، ولا رئيس وزرائها يهتمون بمدينة الخليل".
وأشار خرواط، المدعوم بقوة من المخابرات الفلسطينية، إلى انتشار "ظاهرة عمل العشائر الكبيرة في مدينة الخليل على تشكيل روابط مسلحة"، مضيفاً أن "العائلات الصغيرة في المدينة، على الرغم من ارتفاع عدد أفرادها نسبياً، تعاني من ظلم تلك العشائر نظراً لغياب السلطة".
وباتت السلطة تعاني من ضعف كبير في قدرتها على التواجد وضبط الأوضاع الأمنية في الخليل بسبب تقسيمها إلى قسمين، وبسبب قوة العشائر، التي أسهمت السلطة في تقويتها قبل أن تنقلب عليها.
اللافت أن التواجد الأمني للسلطة ضعيف وغير قادر على حماية المواطنين، في ظل تزايد ظاهرة الفلتان الأمني وسلاح العشائر والصراع فيما بينها، وهذا نتيجة طبيعية لسلوك السلطة الأمني الذي يرتكز على ملاحقة سلاح المقاومة فقط، وتعزيز التعاون الأمني في هذا الجانب.
وبحسب ملحق اتفاق أوسلو عام 1997؛ جرى تقسيم مدينة الخليل إلى قسمين، منطقة ه1 (H1) التي تشكل 80% من المدينة وتخضع للسيطرة الفلسطينية الكاملة، ومنطقة ه 20 (H20) وتشكل 20% من المدينة، وبقيت تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية.
وتشهد الخليل منذ شهور شجارات عائلية وصراعا عشائريا يتخلله اشتباكات مسلحة عنيفة، وحالات قتل وثأر وتضرر للمنازل والممتلكات.
وفي مواقع التواصل الاجتماعي، يعبر المواطنون خاصة في المنطقة الجنوبية من الخليل عن غضبهم من غياب أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، وتراخيها في مواجهة سلاح الفلتان والزعرنة، خاصة في ظل الزيادة الكبيرة في استخدام السلاح خلال الشجارات العائلية والتي أصبحت شبه يومية.
وتتجاهل أجهزة السلطة الشجارات والمشاكل العائلية وتغيب عن أداء دورها في حفظ الأمن، بينما تحضر في ملاحقة أي مشتبه به في مقاومته للاحتلال، أو منتقدي السلطة ومسؤوليها، كما استطاعت أن تدخل منطقة (ج) بالتنسيق مع الاحتلال لاعتقال واغتيال الناشط والمعارض السياسي نزار بنات.
وفي البيان الصادر عن الاجتماع الموسّع لأهالي الخليل، الذي عقد في وقت سابق، دعوا الأمن الفلسطيني والسلطة القضائية إلى "إنفاذ القانون، وحماية النظام العام دون تردد أو محاباة، والحزم في التعامل مع مخالفي القانون ومرتكبي الجرائم، وبخاصة جرائم القتل، والابتزاز".
واشتكى المجتمعون من الفوضى العارمة، وغلبة السلاح في المدينة، وناشد البيان السلطة الفلسطينية "بإنهاء سياسة إهمال الخليل، واسترداد الأمن والنظام"، مهدداً "بإيجاد بدائل عنها، إن لم تقم بدورها".
وتشهد الخليل ارتفاعا غير مسبوق في مستوى الجريمة تقف وراءها مصالح مالية ضخمة، حيث تنتشر ظاهرة دفع الإتاوات، إضافة إلى دفع أمول طائلة لاسترداد الحقوق"، ما ينذر بانهيار شامل للوضع في المدينة تصاحبه هجرة بعض الفئات منها، وتراجع الاستثمار الاقتصادي فيها.